قامت مصالح إدارة الجمارك بميناء وهران منذ شهر جوان الماضي بحجز أكثر من خمسة أطنان من الملابس المستعملة، التي انتعشت تجارتها خلال السنوات الأخيرة بكافة ولايات الوطن، نتيجة الإقبال الكبير للمواطنين عليها من كل فئات وشرائح المجتمع لانخفاض أسعارها مقارنة بأسعار الملابس الجديدة التي تتجاوز دخل الفرد وتدني القدرة الشرائية، حيث لجأ الكثير من الشباب البطال إلى فتح محلات لبيع الشيفون فيما قام آخرون بوضع تلك الملابس على الطاولات بالشوارع والأرصفة بكل أحياء وأسواق وشوارع بلديات وهران، لتخصص بلدية وهران أسواقا لبيع هذا النوع من الملابس بحظيرة السيارات بحي الحمري العتيق، الذي يضم أكثر من 60 محلا. من جهته كشف مسؤول بإدارة الجمارك بميناء وهران عن حجز ما بين 30 و50 كيسا كبيرا يوميا للملابس القديمة التي يتم استيرادها من دول عديدة من أوروبا، في الوقت الذي شنت فيه ذات المصالح حملة بداية هذا الشهر على المستوردين تم من خلالها محاولة إدخال 80 كيسا من الحجم الكبير بالميناء، وذلك بناء على التعليمة الوزارية والمرسوم التنفيذي الذي صدر في الجريدة الرسمية، والذي بموجبه تم منع استيراد هذه الملابس لحماية المنتوج الوطني. وحتى لا تكون أسواقنا المحلية مفرغة لمزابل أوروبا من الملابس القديمة، بالرغم من احتياجات المواطنين، خاصة ذوي الدخل البسيط، مكنت المراقبة الصارمة بالميناء من منع دخول هذه السلع إلى التراب الوطني، لتبقى الحدود الشرقية ممثلة في مدينة تبسة ونظيرتها الغربية، مدينة مغنية، بوابة لدخول مثل هذا النوع من السلع التي أصبحت تنخر الاقتصاد الوطني، خاصة بعد إفلاس العديد من المؤسسات الناشطة في قطاع الصناعة النسيجية، وما انجر عنها من تشريد العديد لآلاف العمال الذين التحقوا بصفوف البطالين، بعد انتعاش سوق ملابس الشيفون. نقص السلع ألزم تجار الشيفون على رفع أسعارها جولة استطلاعية قامت بها “الفجر” بسوق الملابس المستعملة بحي الحمري جعلتنا نقف عند الكثير من الحقائق، بعد تأكيد معظم الباعة تراجع كبير في تمويلهم بهاته السلع بعد تشديد مصالح الجمارك قبضتهم والإجراءات المعقدة التي عرقلت استيرادها، ما أجبرهم على بيع ما كان لديهم من مخزون منذ شهور وبأسعار مرتفعة، خاصة أمام الإقبال الكبير عليها من قبل المواطنين. مضيفين أن لديهم زبائن كثيرون يواظبون على شراء هذا النوع من الملابس خاصة لأبنائهم، إلا أنه بعد تسجيل نقص في تزويدنا بهذه الملابس فإن الكثير من الباعة وأصحاب المحلات قاموا بتغيير نشاطهم أو دعم تجارتهم بملابس جديدة الصنع للهروب من شبح البطالة. عائلات تبحث عن حاجياتها عشية العيد في ملابس الشيفون لأبنائها بالمقابل صادف وجودنا ونحن نتجول داخل تلك المحلات عن وجود بعض العائلات من ذوي الدخل المحدود وأخرى معوزة تبحث عن حاجياتها من الملابس لأبنائها يوم العيد، بعد ارتفاع أسعار الملابس الجديدة، وما أزم الوضع أكثر مصاريف شهر رمضان ومستلزماته على ميزانية الأسرة، ما جعل الكثير يستنجد بتلك الملابس علها تفي بالغرض لإدخال الفرحة على نفوس الأطفال الذين ينتظرون عيد الفطر المبارك بشغف كبير، إلا أن حالة الفقر التي تتخبط فيها العديد من العائلات جعلتها تدخل تلك المحلات مضطرة لاقتناء ملابس الشيفون.