تعيش الأسر الباتنية على غرار نظيراتها في كامل الوطن أجواء التحضير لعيد الأضحى المبارك، حيث بات الحديث عن الأضحية رئيسيا في مجالس الموظفين خاصة وفي ملتقيات أرباب الأسر عامة في المقاهي والشوارع. ورغم ما يحيط بهذه الشعيرة من بعد روحي جليل بمحاكاة امتثال سيدنا إبراهيم لأمر الله عز وجل والتقرب إلى الخالق بإراقة دماء الأضاحي كأحب الأعمال إليه في ذلك اليوم، إلا أن التهاب أسعار الماشية غطت على هذه المعاني السامية وباتت الشغل الشاغل للفقراء وذوي الدخل المحدود، الذين يتطلعون كغيرهم إلى إحياء سنة الأضحى بطرق متعددة تصل إلى اقتناء الأضحية بالقرض وتسديد ثمنها لاحقا، أو اللجوء إلى الاستلاف لشرائها إن لم تنجح خطط التقشف والادخار، وبالمقابل لهذا فإن انشغال الموالين والوسطاء يذهب في اتجاه عكسي محاولين رفع الأسعار بشتى الطرق إلى أعلى سقف خصوصا مع كميات الأمطار المعتبرة التي تهاطلت في اليومين الماضيين على مدينة باتنة وضواحيها، فالمربون يرون فيها ضمانا للأسعار التي يضعونها، لأنه وفي حال امتناع المواطن عن الشراء لغلاء السعر فلن يضطر المربي إلى دفع تكاليف إضافية نظرا لتوافر الأعلاف. وقد بدأت مستودعات بيع الأضاحي تنتشر في عدة شوارع بعاصمة الولاية رغم الحديث عن منع المصالح المختصة لبيع الماشية وسط التجمعات السكانية. وحسب تصريحات مواطنين بباتنة، فإن للوسطاء دور هام في ارتفاع الأسعار وبلوغها مستويات غير معقولة، حيث يعمد هؤلاء إلى الموّالين لاقتناء أكبر عدد من الرؤوس بأقل الأسعار وإعادة بيعها في الأسواق أو المستودعات أو بيعها بالجملة لوسيط آخر، وتتضح الفكرة حينما يتبرّأ أغلب الموّالين بباتنة من الارتفاع الحاصل في الأسعار. ويرى البعض ممن التقيناهم أن ثمن الأغنام قبيل عيد الأضحى من كل سنة تمثل بشكل هرمي حيث تكون معقولة قبل شهر تقريبا من المناسبة ثم تأخذ في الارتفاع نحو مستويات قياسية، قبل أن تسجل انخفاضا محسوسا خلال الثمانية والأربعين ساعة التي تسبق العيد. ويدعو المواطنون إلى تدخل تنظيمي من الجهات المختصة لوضع إجراءات خاصة ببيع الماشية خلال العيد بأسعار مدروسة بعيدا عن العشوائية والانتهازية التي أضرت المواطنين البسطاء، لا سيما مع ما لخروف العيد من مكانة في نفسية الأطفال الصغار، وعلى غرار السنوات الماضية فإن هناك الكثير من الأسر الأوراسية ستلجأ إلى التضحية بالماعز لانخفاض أسعارها نسبيا عن أسعار الغنم التي بلغت 35 ألف دينار في أسواق الشمرة وتيمقاد وتازولت، وتعدت ذلك في المستودعات بباتنة.