من المؤكد أن الجزائر ليست عاقرا وأنها ولود للرجال والكفاءات ومنتجة للمبدعين والمواهب في كافة المجالات ومختلف الميادين ولديها من النساء والرجال من تنافس بهم أرقى دول العالم وأكثرها تطورا وازدهارا... استطاع الجزائري أن يكون محل إعجاب مستخدميه في الدول الأجنبية والعربية التي يشتغل بها وأن يسجل حضوره القوي بإتقانه وتفانيه في عمله وفي سلوكه وتعامله مع زملائه ومرؤوسيه، ورأينا كيف يتمكن أبناؤنا من انتزاع الإعجاب والتقدير في المهجر وكيف تتسابق المؤسسات والهيئات لتوظيفهم والتعاقد معهم والاستفادة من طاقاتهم وروح المبادرة لديهم، ولا أدل على ذلك من آلاف الخبراء في شتى العلوم الذين تستفيد منهم الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا، وآلاف الأطباء والمهندسين الذين استطاعت فرنسا أن تستثمر فكرهم وتفوقهم العلمي وتستأثر بخدماتهم، والشواهد على ذلك كثيرة والأدلة متعددة، وجميعها تجعلنا نصل إلى نتيجة أن الجزائر لا تعاني من أزمة رجال ولكنها تعاني من مشكل عدم المقدرة على تسيير كفاءاتها ولا تمتلك ثقافة تشجيعها وإعطائها الضمانات الكافية للعمل في جو لائق وفضاء خال من الدسائس والألاعيب المثبطة لقدرة الفرد على البذل، كما أننا لا نملك (الشجاعة) الكافية لتفضيل (ابن الدار) على الأجنبي حتى في التخصصات والمجالات التي أصبحت حكرا على القدرات الجزائرية بامتياز... إننا ما دمنا لم ننزع عقدة النقص التي تلاحقنا كلما تعلق الأمر بإطاراتنا المحلية سنبقى نعاني من هجرة الأدمغة ونعاني من الرداءة والسير غير الحسن لجميع مشاريعنا وبرامجنا... أعتقد أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من إصلاح الذات وإصلاح الأفكار، ويبدأ أيضا بإعادة صياغة علاقتنا ببعضنا البعض وبعث الثقة في رجالنا ونسائنا وإعطائهم فرصة تفجير كل ما لديهم من طاقات وإشراكهم بجدية في تسيير أمور البلاد بعيدا عن كل ديماغوجية زائفة وكلام رسمي يقال في المناسبات ويكذبه الواقع الذي ينفر... نحن أولى من غيرنا بخبرة وعبقرية أبنائنا فلنجتهد من أجل ذلك.