بلعابد: تنظيم أوّل امتحان في شهادة البكالوريا شعبة الفنون    مراد: الحركة الجزئية الأخيرة في سلك الولاة تهدف إلى توفير الظروف الملائمة لإضفاء ديناميكية جديدة    فايد: نسبة النمو الإقتصادي بالجزائر بلغت 4,1 بالمائة في 2023    تخصيص 10 مليار دج لتعزيز السلامة والأمن بالمطارات    تحذير من انتشار الأمراض والأوبئة..سكان غزة يشربون مياهاً "غير آمنة"    أفلو في الأغواط: حجز 19.5 قنطار من اللحوم البيضاء غير صالحة للاستهلاك    حوادث المرور: وفاة 16 شخصا وإصابة 527 آخرين بجروح خلال 48 ساعة الأخيرة    البليدة.. توقيف شخصين وحجز كمية معتبرة من الكيف المعالج والمؤثرات العقلية    برج بوعريريج : فتح أكثر من 500 كلم المسالك الغابية عبر مختلف البلديات    العدوان الصهيوني على غزة: ثلاثة شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزلين في مخيمي البريج والنصيرات    النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    استثمار: البنوك ستخفض قريبا معدلات الفائدة    اتفاقيات شراكة في إطار الرعاية الصحية: 50 منصب تكوين لنيل الدكتوراه بجامعة خنشلة    بوغالي يتوجه إلى القاهرة للمشاركة في أشغال المؤتمر ال6 للبرلمان العربي    الجزائر كندا.. 60 عاماً من العلاقات المميّزة    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    نسرين مقداد تثني على المواقف الثابتة للجزائر    استعان بخمسة محامين للطعن في قرار الكاف: رئيس الفاف حلّ بلوزان وأودع شكوى لدى "التاس"    بطولة الرابطة الثانية: كوكبة المهدّدين بالسقوط على صفيح ساخن    إنجاز قيس مدثر مفاجأة بطولة إفريقيا للجيدو: ذهبيتا دريس وبلقاضي تضعان الجزائر في الصدارة    القوة العسكرية الخيار الرئيس للدّفاع عن الأرض    لقاء تونس ليس موجهاً ضد أيّ طرف    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    بهدف تخفيف حدة الطلب على السكن: مشروع قانون جديد لتنظيم وترقية سوق الإيجار    42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    توقيف 3 أشخاص بصدد إضرام النيران    تفاعل كبير مع ضيوف مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة : بن مهيدي يصنع الحدث و غزة حاضرة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    مدرب مولودية الجزائر يعتنق الإسلام    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    "اتصالات الجزائر" الراعي الرسمي لدورة المبارزة المؤهلة للألعاب الأولمبية 2024 بباريس    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم اللقاء الوطني الأول لصناع المحتوى الكشفي    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن مرافقة الدولة لفئة كبار السن    السيد بلمهدي يلتقي ممثلي المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف    الرابطة الأولى: وفاق سطيف يتعثر في بسكرة وفوز ثمين للبيض وعريض للساورة    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    تحسين الخدمات البريدية وتقوية شبكة الأنترنيت في المناطق المعزولة    اللقاء الثلاثي المغاربي كان ناجحا    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    4 أندية أوروبية مهتمة بالتعاقد مع عمورة    ميلان يفتح رسميا أبواب الرحيل أمام بن ناصر    بن سماعين يطالب بالتفكير في مباريات البطولة قبل نهائي الكأس    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    ضرورة وضع مخطط لإخلاء التحف أمام الكوارث الطبيعية    قصص إنسانية ملهمة    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصير الجنرال ديغول 12 / 03 / 1960
نشر في الفجر يوم 23 - 07 - 2012

كل صحيفة من الصحف العالمية الكبرى والصغرى تبحث اليوم عن الأسباب التي حملت ديغول على التراجع والتنكر لسياسة تقرير المصير، وهذه مجلة "ليكسبريس" الفرنسية تحلل في مقالها الافتتاحي وجهة نظرها في هذا الموضوع وهي ترى أن مصير ديغول يتحكم فيه الجيش الفرنسي الذي رفع ديغول إلى الحكم.
إن ما يجري الآن بشأن الجزائر له من الأثر على عقولنا مايدفعنا إلى استعجال الحكم على مقاصد ديغول، ومع ذلك فإننا سنحاول أن نتوغل في تحليل الحديث بكل حذر وتأنّ.
في أي شيء تختلف المواقف الجديدة للجنرال ديغول عن مواقفه السابقة التي يعرفها الرأي العام الفرنسي من خلال الخطابات التي ألقاها مرارا وتكرارا في جولاته داخل فرنسا؟
ينحصر الاختلاف في 3 نقاط رئيسية:
1 كان رئيس الدولة الفرنسية قد اعترف وأكد في مناسبات رسمية بأن السلم في الجزائر يجب تحقيقه بسرعة لأنه هو الذي تتوقف عليه حلول جميع المشاكل الفرنسية الأخرى، وقد قال في خطاب 29 جانفي الماضي "بات من الواضح أن وحدة الشعب الفرنسي وتقدمه وعظمته معرضة للخطر وأن مستقبله مسدود مادام المشكل الجزائري بدون حل".
وهاهو اليوم يقول: "إن لنا الوقت، إن نهاية الحرب تتطلب سنوات طويلة أخرى، يجب قبل كل شيء أن ننتهي من التهدئة وبعد ذلك علينا أن ننتظر وقتا لا بأس به".
وهكذا يتبين من خطابات الجنرال أمام الجيش ومن البلاغ الرسمي الذي أذيع في باريس بعد عودته إليها يتبين أنه يتعين على الفرنسيين أن يعيشوا مع الحرب إلى ما لا نهاية له وأن يعيشوا بمستقبل مسدود.
2 لقد أظهر الجنرال ديغول سابقا تبصرا وشجاعة أدبية نادرة عندما اعترف على العكس من جميع أسلافه أن الانتصار العسكري في حرب استعمارية (تسمى التهدئة) أمر مستحيل وأنه حتى إذا كان ممكنا في وقت من الأوقات فإنه ليس من الممكن أن يمثل حلا دائما. وفي هذا الصدد قال ديغول في خطاب 29 جانفي: "من الممكن أن نتوصل إلى انتصار عسكري لمدة وجيزة من الزمن ولكن هذا الانتصار لا يحل المشاكل الحقيقية".
أما الآن أصبح يقول بأن الشرط الأساسي هو الانتصار العسكري والاستمرار في التهدئة إلى نهايتها.
لقد كان يصرح في المدن الفرنسية خلال الستة أشهر الماضية بأن السلام قريب وأنه لا يمكن القيام بأدنى شيء قبل عودة السلام وأننا وجدنا الطريق المؤدية إلى السلام وأن السلام يتراءى لنا وماشابه ذلك.
وأما في المدن والقرى الجزائرية التي زارها مؤخرا، فإن كل كلامه كان يحوم حول "الانتصار بالأسلحة" والاستمرار في التهدئة إلى النهاية".
3 سابقا كانت سياسة تقرير المصير التي رحّب بها الشعب الفرنسي والأمم المتحدة وقبلت بها الجبهة كانت ترتكز على الاختيار الحر من طرف جميع الجزائريين بين عدة حلول للوضع السياسي المقبل بما فيها الاستقلال.
واليوم نجد هذه السياسة تقتصر على قبول الجزائريين أو رفضهم بكلمة لا أو نعم لدستور جزائري تعرضه عليهم الحكومة الفرنسية بعد أن تسطره بالتعاون مع الجزائريين الذين يرضون به مسبقا، وبهذا يكون مبدأ تقرير المصير قد أفرغ من محتواه الحقيقي بل أنكر تماما.
هذه التحولات تبدو عظيمة لمن يعتبر ظاهرها، ولكن الإنسان الذي يتمعن فيها ويقلبها على عدة وجوه ويحللها أدنى تحليل لا بد وأن يدرك أن كل تحول منها يمكن تفسيره وأنه لا يغير بصفة كاملة القصد النهائي ولا يعوض تماما السلم بالحرب، والواقع أنه يجدر بنا أن لا نعير أهمية حاسمة لعبارات ديغول الأخيرة مثلما لم نعر نفس الأهمية للعبارات التي صدرت عنه في الأشهر السالفة، ذلك أن العبرة بالأعمال وبالتعهدات الملموسة ويجب أن نترك جانبا التأويلات والشروح المفرطة في التشاؤم أو في التفاؤل.
وعلى هذا الأساس؛ ماذا يمكننا أن نستنتج عمليا من تنقلات ديغول الأخيرة بين المراكز العسكرية بالجزائر؟
النتيجة العملية الأولى هي أن ديغول أجبر على تبني فكرة الجيش بخصوص "وقف القتال" أي أنه أصبح يقول بأن وقف القتال يعني تسليم الأسلحة، وهنا نجد مفتاح القضية، ذلك أن وقف القتال إذا تم عن طريق المفاهمات وحسب شروط وضمانات يقبل بها الطرفان، فإن التنقل إلى التفاوض في الميادين الأخرى يكون يسيرا، بحيث يكون السلام ممكنا، وإذا كان وقف القتال يعني تسليم الأسلحة، أي الاستسلام، فإن كل شيء يتوقف.
والنتيجة الثانية هي أن ديغول أجبر على استخدام لغتين: لغة خاصة بالجيش ولغة خاصة بالرأي العام، وقد تبين ذلك في بلاغ أذاعته المندوبية العامة، حيث قالت بأن تصريحات الجنرال أمام الضباط ليست موجهة إلى عموم الناس.
وبهذا أجبر ديغول الذي ليس في طبيعته المراوغة والمخادعة واضطر إلى الظهور بوجهين متناقضين بسبب الوضع الذي وضع فيه نفسه.
إن ديغول لكي يتحصل من الجيش الفرنسي على سحق تمرد أورتين ولاقيارد اضطر إلى أن يتنازل لذلك الجيش في نقطة هامة وهي أن يكون إيقاف القتال عبارة عن مجرد استسلام، ومعنى ذلك أن ديغول رضي باستمرار الحرب إلى ما لا نهاية لها ولكنه في الوقت نفسه لا يقدر على الاعتراف بهذا التحول أمام الفرنسيين الذين يحبونه لأنه يمثل فكرة السلام، ومن هنا صارت لغة ديغول مزدوجة متضاربة.
ولكن كل هذا لا يكفي لتفسير موقف ديغول الجديد، وأننا نراه اليوم وقد تخلى عن سياسة واضحة المعالم صالحة لجميع المستمعين ولجميع الأوساط، والسبب في ذلك هو أن ديغول وضع مصير سياسته بين أيدي العسكريين ولكن لماذا فعل ذلك؟
إننا نعتبر أن استسلامه للجيش في 3 مارس يرجع سببه إلى 17 ماي 1958، أي أن شخصا يرضى بأن يصل إلى الحكم عن طريق العسكريين المتمردين لا بد أن يصل عاجلا أو آجلا بحسب قوة طبيعية أن يخضع في النهاية لشروط أولئك الذين رفعوه إلى الحكم.
ونحن لا نشك أن ديغول بذل كل ما أمكنه من الجهود والحيل والعبر ليتخلص من سيطرة الجيش على سياسته، ولكن كل تلك الجهود لا يمكن أن تؤثر على المصير النهائي الذي تتحكم فيه الخطيئة الأصلية التي ارتكبها ديغول حين رضي بالوصول إلى الحكم عن طريق غير مشروع، وهنا تتلخص المشكلة في السؤالين التاليين:
1 من أين أتى ديغول؟ من الانقلاب العسكري.
2 إلى أين هو ذاهب؟ إلى حيث تحمله شروط العسكريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.