تكوين الشرطة والدرك دينيا لمواجهة خطر مختلف الطوائف والتيارات دعا رئيس تنسيقية الأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية، جلول حجيمي، لدى استضافته في فوروم ”الفجر” إلى تكوين مختلف المصالح الأمنية (شرطة ودرك وطني) في المجال الديني، لمعرفة مختلف التيارات والطوائف الدينية وخطرها على المجتمعات، مؤكدا على ضرورة مراجعة منظومة التكوين المعتمدة في معاهد تكوين الأئمة والشريعة الإسلامية في الجامعات التي صارت مهددة بأفكار خارجة عن المنهج الديني في الجزائر، مع اقتراح إلزام الأئمة المتخرجين مستقبلا باحترام المرجعية الدينية الوطنية، وأداء ”القسم” كبروتوكول رسمي، وفي حال الرفض يلغى التوظيف مع المتابعة القضائية. قال رئيس تنسيقية الأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية، الإمام جلول حجيمي، لدى نزوله ضيفا على فوروم ”الفجر”، إن تأسيس نقابة بدأ التفكير فيه خلال المأساة الوطنية، وما آلت إليه الظروف آنذاك وخصوصا وضع قطاع الشؤون الدينية باعتباره تابعا للدولة وتتحكم فيه وفي تسييره وفي أدائه وظائف باسم الدستور والجريدة الرسمية، ولهذا ”نحن كبقية القطاعات، العدالة والإعلام والتربية والتعليم العالي طرف في العملية الواسعة للمجتمع، وجزء لا يتجزأ منه، له هموم وانشغالات وامتيازات، وله أيضا خصوصيات، ونعتبر أنفسنا قطاعا مهما في المجتمع لما له من دور فعال وحساس في الوقت نفسه”. وأضاف أنه في ”سنة 1999، عقدنا لقاء لتأسيس الرابطة الجزائرية للأئمة والعلماء والإطارات الدينية كهيئة تمثل الأئمة وتدافع عن حقوقهم المهنية والاجتماعية، أي كطرف نقابي، لكن للأسف تم رفض الفكرة ولم تمنحنا السلطات العمومية الاعتماد بسبب الوضعية الأمنية السائدة آنذاك بسبب الفراغ القانوني الموجود، وكان فراغا قاتلا، وفي عام 2012 بصدور قانون الجمعيات شرعنا في مفاوضات دامت حوالي عامين مع مسؤولي المركزية النقابية من أجل تأسيس نقابة وتنظيم مقابل الدفاع عن حقوق الموظفين، كما ندافع عن المرجعية الدينية الوطنية التي تحافظ على تماسك المجتمع وعدم الانزلاق إلى جهة أخرى، ويكون الإمام الضامن الأساسي فهو يحمي المجتمع من التطرف، والتفكك الاجتماعي وإرساء الفكر المعتدل”. العمل النقابي لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ويؤكد الإمام جلول حجيمي أن موظفي قطاع الشؤون الدينية ومنهم على وجه الخصوص الأئمة يحوزون على شهادات ماجستير ودكتوراه، وهؤلاء يحملون هموما وانشغالات مهنية، حيث تجد رواتبهم بالرغم من الرسالة والمهمة التي أوكلت لهم زهيدة مقارنة بالدور الهام الذي يقومون به في توعية المواطنين، ونشر المرجعية الدينية الوطنية والمحافظة على ثوابت الأمة والهوية الوطنية. و”نحن كتنظيم نقابي يدافع عن حقوق الأئمة وموظفي الشؤون الدينية الذين لا تتجاوز رواتبهم بالنسبة للائمة بمختلف مراتبهم حوالي 45 ألف دج، وأدناهم رتبة المؤذن بحوالي 18 ألف دج، وهذه الأجرة بالنسبة للإمام لا تكفي حتى للإقامة في فندق في الخارج لدى قيامه بمهمة توجه له”، موضحا أن التنسيقية تدعو السلطة إلى ”الاهتمام بأهل القرآن لأن القرآن شريعة، ومنهاج، وأسلوب حضاري في التفاعل يقي أهله الانزلاق والتطرف ويعيش أهل القرآن في أمان”. وأكد المتحدث أنه في حال الانسداد وعدم تكفل السلطات العمومية بانشغالات المهنيين ”لنا أساليب لمواجهة الانسداد والعمل النقابي لا يتعارض مع أحكام الشريعة لاسيما وأن السلطة تتعامل مع أناس في غاية العقلانية والحكمة، وتقديم مصلحة الأمة على حساب مصلحة القطاع، لكن إذا وصل التفريق بين الأساسيين في المجتمع (القضاء الذي يسهر على إقامة العدل في المجتمع والمكانة المنوطة به) فالدين لا يقل أهمية ورجاله عن هؤلاء، مع احترامنا الكبير لما يقدمونه في المجتمع، فالدين وعلماؤه ورجاله وأئمته وموظفوه هم أولى في هذا المجتمع، نظرا للتضحيات الجسام التي قدموها خلال العشرية السوداء”. جماعات ضاغطة في السلطة ومديرون ولائيون يريدون النيل من الأئمة يؤكد رئيس تنسيقية الأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية أن ”كثيرا من موظفي القطاع بمختلف رتبهم ومناصبهم تحاك ضدهم مؤامرات من طرف جهات لا يروق لها أن يكونوا في خدمة الأمة والمحافظة على المرجعية الدينية الوطنية، فهم يسعون بكل ما أوتوا من إمكانيات ونفوذ وسلطة، ويكون حسب اعتقادهم الإمام خادما للسلطة، وهؤلاء يكفرون الناس، ويعملون على جعل قوالب للإمام أو أي موظف في القطاع مهما كان منصبه. وهؤلاء يلجأون إلى إغراءات مالية ودعائية وإشهارية إذا لم يسر الإمام على طريقتهم ويتكتم عن أمورهم، وإما سيلاقي ما يلاقي من ويلات وانقلابات، ولهذا نحن ندعو أن يكون الإمام رمزا من رموز الأمة، وأن يحافظ على نفسه باتباع المرجعية الدينية والوطنية التي تحافظ على وحدة وتماسك المجتمع”. وحسب الشيخ حجيمي فإنه ”لم يسلم الأئمة وبعض موظفي القطاع حتى من بعض مسؤوليهم على المستوى المحلي والمركزي في بعض الأحيان، حيث تجد مديرين في الولايات ليست لهم علاقة وطيدة ومنسجمة مع القطاع وأبنائه، فيسيئون إلى هؤلاء من أئمة وخطباء ومعلمي قرآن بالشتم وبكلمات نابية وسوء خلق، وهذا لن نرضاه، ولن نقبله بأي شكل من الأشكال، وإذا وجدت فيه أدلة سنقوم بإجراءاتنا الصحيحة في الدفاع عنهم، ومن هنا إذا كان الإمام والموظف تجاوز حده القانوني أو ثبت في عدم تأدية مهامه المنوطة به أو بأسباب أخرى أخلاقية فلا بد من التحقيق والتدقيق فيها، وإذا ثبت ذلك فعلا، فهناك مجالس علمية وتأديبية ولجنة متساوية الأعضاء تخضع هذا الموظف إلى أساليب قانونية بأسلوب حضاري يكفل له حقه”. التعامل مع المذاهب الأخرى فيما ينفع تماسك الأمة وبخصوص المخاوف من بعض التيارات التي انتشرت بشأنها بعض المعلومات والأخبار بتواجدها في بعض المناطق بالجزائر، أكد رئيس تنسيقية الأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي، على أن يتوحد الأئمة في الجزائر في خط سني، وأمام الجزائريين دار الهجرة وفهما للعقيدة الإسلامية الصحيحة والدفاع عن الرموز التربوية والروحية في أقطابنا كالعلامة ”الونشريسي”، و”السنوسي” في العقيدة وبعض الأقطاب كعلماء بجاية ومازونة في غليزان. وأوضح المتحدث أن ”المجتمع ألف حياة اجتماعية تعبدية، وفقهية مع العرف السائد الذي لا يتعارض دائما مع نصوص الشريعة الصحيحة. ونحن نتبع الأمام مالك، حيث نعمل على تمكين آلية المذهب المالكي السني ونتعامل مع المذاهب الأخرى فيما ينفع تماسك الأمة، أما من يكفرنا ويبدعنا بجهل ولنزعة سياسية (فكرية) فنتصدى له بكل الوسائل الدعوية والعلمية المشروعة. وتمتلك الجزائر خبرات من خيرة أئمتها (علماء، دكاترة، باحثين)، ومنهم عضو المجمع الإسلامي الفقهي في أمريكا عبد الحق حميش، الذي حقق كتابه ”المعونة في الفقه المالكي” نجاحا وقبولا، والنتيجة التي توصلنا إليها هي أننا لا نعرف قدر علماءنا، والآخرون يحسنون تصدير أفكار علماءهم”، في إشارة منه إلى الفتاوى التي تصدرها القنوات الفضائية الأجنبية نحو الجزائر. منظومة التكوين تشوبها ثغرات وبشأن منظومة التكوين المعتمدة في المعاهد الإسلامية المتخصصة في تكوين الأئمة وحتى جامعات الشريعة الإسلامية، قال بشأنها المتحدث إنها ”ضعيفة وتتخللها ثغرات، ولابد للطلبة الذين يتلقون تكوينا في هذه الهياكل من أن يخضعوا إلى تكوين راق من طرف أناس متخصصين، وليس خارج أهل الاختصاص مثلما يحدث في الوقت الحالي في معاهد تكوين الأئمة، وحتى جامعات العلوم الإسلامية، وتجد الطلبة المتكونين فيها متعاطفين مع بعض المرجعيات الدينية والتيارات الدخيلة على المرجعية الدينية الوطنية التي تتبع المذهب المالكي السني، وينساقون خلفها، وهذا لأن المكونين في المعاهد والجامعات تجدهم في بعض الأحيان خارج الاختصاص يستعان بهم لسد الفراغ، وأحيانا أخرى تجدهم ناقصي كفاءة وحكمة وذكاء، وهي عوامل تساعد المكون على احتواء مثل هذه الحالات، لكن لكي يتلقى الطلبة تكوينا مناسبا يليق بهم، فلابد أن يحترموا رموز المرجعية الدينية في الجزائر وأن لا يخالف هذا المتكون ما دأب عليه المجتمع من قضايا فقهية وتعبدية”. وأضاف المتحدث أنه ينبغي أن يطرح قانون على الوزارة الوصية والحكومة يتعهد من خلاله المتخرج من المعهد أن يحترم المرجعية الدينية الرئيسية في الجزائر، وأن يؤدي ”القسم” كبروتوكول رسمي أثناء التخرج، وما ”نقترحه إن لم يلتزم بالقسم أن يعتبر توظيفه لاغيا ويتابع قضائيا لأنه خالف العهد والقسم، كما يحدث في كل المجتمعات الإسلامية”. وأضاف حجيمي قائلا ”نطالب وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي في قضايا التكوين المتعلق بعلوم الشريعة والفقه والتاريخ، بالرجوع أساسا إلى الحفاظ على المرجعية الدينية، وبهذا نكون قد ساهمنا جميعا في الحفاظ على الجزائر فكريا وحضاريا وأمنيا، ولم لا يكون هذا التكوين موجها لرجال الشرطة، والدرك الوطني ومختلف المصالح الأمنية حتى يعرفوا الطوائف الدينية وخطرها على المجتمع”. منصب ”مفتي الجمهورية” يحتاج إلى قرار سياسي ولدى رده على سؤال حول تأخر تنصيب مفتي الجمهورية، أكد الإمام جلول حجيمي رئيس تنسيقية الأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية، أن هذه القضية تحتاج إلى قرار سياسي وإرادة سياسية يجب أن تتوفر لدى المسؤولين والذين يهمهم الأمر، مضيفا ”وإن بدا لهم الأمر معقدا عليهم بإنشاء دار الإفتاء أو هيئة الفتوى، وسنطرح هذه القضية في الدستور المقبل، ونحن نريد أن يكون لدينا مجلس إسلامي أعلى تنفيذي يرعى القضايا الدينية والوزارة ترعى مساجدها، ومراكزها الإسلامية، ونحن نرى أنه لا حرج في أن يجدوا الشخصية المناسبة لتولي هذه المهمة”.
