يغفل الكثير من الأزواج عن بعض الإجراءات والفحوصات التي من شأنها التقليل من نسبة إصابة الأطفال بأمراض مختلفة متنقلة وراثيا، والتي يلعب زواج الأقارب دورا هاما في نقلها، وكذا إهمال الفحوصات التي تسبق عقد القران، والتي تكشف عن الكثير من الخبايا الصحية المتعلقة بالطرفين. يشدد المختصون في مجال الوراثة وطب الأطفال على ضرورة الفحص المبكر والمستمر للمرأة الحامل من أجل تشخيص الكثير من الأمراض التي يصاب بها الجنين وهو في بطن أمه، للكشف عنها وعلاج الكثير منها. يقول الدكتور أحمد بوجمعة، أخصائي طب الأطفال، إن كل من زواج الأقارب وبعض الأمراض المتنقلة عبر الوراثة من أكثر المخاطر التي تصيب الجنين في أول أيام حياته، لتستمر الخطورة فيما بعد خلال باقي مراحل نموه. ويضيف أن الكثير من الأعراض قد لا تبدو للآباء رغم وجود المرض في حين تظهر بشكل جلي لدى الأبناء الذين يستقبلونها عن طريق الوراثة. إهمال التشخيص قد يُفقد الجنين حياته تكتفي الكثير من النساء الحوامل ببعض التحاليل الروتينية التي تجريها الحامل في فترات معينة من الحمل، وكذا بعض الأشعة التي تهدف في الغالب لمعرفة جنس الجنين، مهملات الكثير من التفاصيل الدقيقة التي تهتم بصحة الجنين وتشخص وضعه الصحي بصفة دقيقة، معرضات بذلك سلامة المولود للخطر، في هذا الصدد الدكتور بوجمعة ينبغي على الأم الالتزام ببعض الفحوصات الضرورية من أجل تشخيص المرض الوراثي بالدرجة الأولى. ويؤكد أن هذا النوع من التحاليل بات متوفرا في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، رغم بعض النقائص على مستوى البحوث المتعلقة بها، غير أن نقص المقبلين عليها ملحوظ جدا. ويضيف محدثنا أكد أن أكثر من 30 بالمائة من نسبة الولادات يعاني فيها الجنين من مشاكل صحية وراثية، وأن ما يقارب 10 بالمائة منهم يتوفون في الأسابيع الأولى من الولادة حين يتأخر التشخيص أو ينعدم. لذا يشدد محدثنا على ضرورة عمل الفحوصات اللازمة خلال فترة الحامل، لاسيما في الشهور الأخيرة أين يزيد اكتمال الجنين، ما يسمح بمراقبة أحسن لوضعه الصحي. فحوصات عقد الزواج تلعب دورا هاما تسبب إصابة الكثير من الآباء والأمهات بأمراض مزمنة إلى انتقالها وراثيا إلى الجنين خلال تواجده ببطن أمه، فأغلب هؤلاء الصغار يولدون بأمراض مزمنة على غرار السكري وضغط الدم، الربو، أمراض القلب وفقر الدم. لذا فقد رفض الدكتور بوجمعة اعتبار أن الفحص الطبي قبل الزواج مجرد إجراء روتيني يسمح بعقد القران فحسب، فهذا الفحص - حسب محدثنا - كفيل بالكشف عن الكثير من المشاكل الصحية التي تعترض حياة الزوجين، ومن ثم التي من الممكن أن تؤثر سلبا على مستقبل الطفل صحيا. كما دعا إلى جعل ذلك الفحص أكثر شمولا مما هو عليه الآن، لاسيما أن المعمول به حاليا هو مجرد استشارات طبية بسيطة وسطحية، فيما تقتصر التحاليل على فحص السيدا وسرطان الدم. فيما اعتبر أن أهم الفحوصات تتمثل في الكشف عن الأمراض الوراثية، فبعد التأكد من قدرة الطرفين على الإنجاب يتم التعرف على إمكانية نقلهما لبعض الأمراض المتوارثة، ليبني الطرفان بموجبها قراراتهما المستقبلية المتعلقة بالإنجاب، ومن ثم المتابعة الطبية الضرورية المرافقة له. 50 بالمائة من التشوهات الخَلقية بسبب زواج الأقارب أشار الدكتور المختص في أمراض الأطفال، أحمد بوجمعة، أن عدد لا يستهان به من المواليد في الجزائر يتعرضون للتشوهات الخلقية خلال فترة الحمل، والتي يكون زواج الأقارب فيها المتسبب الأكبر بأكثر من 50 بالمائة من الحالات. وفي ذات السياق يفتح الدكتور بوجمعة ملف ”الإجهاض العلاجي” الذي لايزال من بين الطابوهات الكبيرة والمشاكل العالقة، ويوضح أنه في حالة التعرف على وجود عيب خلقي أو إعاقة واضحة خلال فترة الحمل فإن الكثير من الآباء يقررون الإجهاض من أجل حماية الطفل من حياة مليئة بالمشاكل الصحية عويصة تنغص عيشهم وعيش وليدهم، مقترحا أن يفتح النقاش بين علماء الدين والمختصين والدكاترة من أجل إيجاد حل يمكن الأولياء من إراحة ضميرهم، رغم دراية هؤلاء بالمشاكل الصحية التي يعاني منها أطفالهم وهم أجنة، إلا أنهم يضطرون للرضوخ والقبول بالأمر الواقع، معرضين الجنين للكثير من المخاطر، الأمر الذي اعتبره محدثنا غير إنساني ومجحف في حق طفل بريء منحناه القدرة العيش رغم ما قد يتعرض له من آلام ومشاكل بسبب حالته الصحية.