مختصون في الشريعة وعلم الاجتماع يؤكدون أن القوانين والشرع يكفلان حقوق هؤلاء تمت، أمس الأول، بقاعة المحاضرات ببلدية القبة في العاصمة، توقيع وثيقة ميلاد جمعية ”الطفل البريء” للدفاع عن حقوق الأطفال المسعفين، حيث أوضحت رئيستها، وهيبة ثامر، أن الهدف من هذه الجمعية هو الدفاع عن حقوق الأطفال المدنية والمعنوية، وفي مقدمتها الحق في الحصول على الاسم والنسب والادماج الاجتماعي. وأضافت وهيبة، على هامش عرضها لمسارها النضالي من أجل هذه الشريحة، أن الجمعية لا تشجع العلاقات المحرمة شرعا وليس من أهدافها الدفاع عن الأمهات العازبات، لكنها تدافع عن حقوق شريحة بريئة لم تختر أن تأتي إلى الحياة بهذه الطريقة. من جهتها، أكدت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، على هامش حفل إطلاق الجمعية، أن الجزائر ماتزال تطبّق القوانين الفرنسية التي تعود إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر، فيما يخص تبني الأطفال المولودين خارج إطار الزواج.. حيث أوضحت المحامية بن براهم، في مداخلتها حول حقوق الأطفال في القوانين الوطنية والدولية، أن قانون الكفالة يضمّن للأطفال الحق في الحماية القانونية والنفسية، وأعطت مثالا بقصة الغامدية في الإسلام.. المرأة التي جاءت إلى الرسول تطلب تنفيذ عقوبة الرجم في حقها لأنها أنجبت طفلا غير شرعيا، وفصّلت بن براهم في جميع المراحل التي اتخذها الرسول في حق تلك المرأة التي أعادها إلى بيتها حتى تضع طفلها ثم حتى ترضعه، وفي الأخير أخذ الطفل ووضعه في كفالة أحد أصحابه. وهنا توقفت بن براهم مطولا عند وجوب تغيير القوانين الجزائرية، وفي مقدمتها المادة 40 من قانون الأسرة، التي تمنح للقاضي حرية النظر في طلب تحليل الحمض النووي. في حين قالت بن براهم أن ذلك يجب أن يكون إجباريا لإثبات نسب الأطفال، وهنا دعت إلى وجوب التفرقة بين الأبوة والنسب، فالنسب لا تترتب عنه حقوق الأبوة لكن النسب يمنح للطفل حقوقه التي كفلها الشرع، وهي الاسم والرعاية في المجتمع. وقد ربطت بن براهم بين كلمة الأطفال غير الشرعيين، والتي دعت إلى عدم استعمالها، وبين ما كانت تقوم به الكنيسة في القرن السادس عشر حيث كانت تأخذ الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، والذين كانوا يوضعون على أبواب الكنائس وتتم تربيتم تربية عسكرية و دينية معينة، ليتم بعد ذلك إرسالهم إلى الحروب.. ولم يكن من حقهم معرفة أو حتى السؤال عن هوية ذويهم. من جهته، الأستاذ كمال شكات، المتخصص في العلوم الشرعية، قال إن إيجاد حل لمعضلات المجتمع لا يمكن أن يتم إلا بالحوار والبحث المستنير والذي - حسبه - لا يملكه فقط رجال الدين لكن تتقاسمه جميع القوى الحية في المجتمع. وبخصوص مشكلة الأطفال المسعفين قال المتحدث إن الآية الكريمة (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين)، توضح بجلاء أن الإسلام كفل حقوق جميع الفئات حتى الأطفال المولودين من خطأ بشري ترتكبه امرأة ورجل ويذهب ضحيته أبرياء لا ذنب لهم. كما أكد أن الآراء المتشددة في هذا الاتجاه، والتي تحاول أن تنسب نظرتها المتصلبة للدين، فالدين منها بريء ولا يمكنها أن تحل المشكل أبدا. في السياق، أشارت المختصة في علم الاجتماع، الدكتورة ثريا تيجاني، إلى أن المجتمع من خلال الطريقة التي يعامل بها هؤلاء الأطفال يساهم إلى حد بعيد في صقل شخصيتهم ومنحهم الاتجاه الذي تتخذه حياتهم في القادم من الأيام. لهذا تقول تيجاني.. يجب أن يساهم المجتمع في الاتجاه الإيجابي في حل مشاكل هذه الشريحة. وفي هذا الإطار وجهت نداء للمشرفين على مراكز استقبال الأطفال المسعفين من أجل توفير شروط تكفل أفضل، لأنه - حسب الأستاذة - دفع الأطفال في سن الثامنة عشر إلى الشارع خارج المراكز وتهميشهم بدون أي تأهيل مسبق للحياة يمكن أن يكرر المآسي وينجب الانحرافات لا غير. وفي الإطار قالت المختصة النفسانية، بن سمان، أن الدعم والمتابعة النفسية مهمة جدا جدا للأطفال المسعفين من أجل تأهيلهم وإعادة ثقتهم بالحياة شيء مهم جدا، ولعل الصراحة من أكثر الدعائم النفسية التي يجب توفيرها للأطفال، لهذا يجب على كل عائلة تكفل طفل أن تخبره مسبقا بحقيقته ولا تتركه للصدمة التي قد تقضي على مستقبله وتنشئ منه فردا منتقما من مجتمعه..