الشراكة الإفريقية- الكورية.. مبادرات وخطوات صحيحة في الاتجاه الأصح    الشباب مفخرة الجزائر.. ويجب التكيّف مع ذهنية الجيل الجديد    بمشاركة عارضين محليين و من دول إفريقية أخرى: افتتاح الطبعة 4 للصالون الدولي للاستيراد والتصدير نحو إفريقيا    في تصريح لممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة: استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي هو الحل الوحيد    منظمة الصحافيين الجزائريين تدين جرائم الكيان الصهيوني    رئيس الجمهورية يأمر بوضع برنامج استعجالي لحل مشكل الماء الشروب بتيارت    عمورة ثالث الهدّافين العرب بجميع البطولات الأوروبية    محكمة عين ماضي: إيداع 5 متهمين رهن الحبس المؤقت عن جناية القتل العمدي    النعامة.. إبراز أهمية الحفاظ على سلالة أغنام "الدغمة"    لا بديل عن مرافقة الاستثمار في الصناعات التحويلية    "الخضر" يجرون اليوم أوّل حصة تدريبية بتعداد مكتمل    وكالة دعم وتنمية المقاولاتية.. مؤشرات خضراء    بومرداس.. أزيد من 21 ألف مترشح في الموعد    سيدي بلعباس.. ضمان التغطية الأمنية لمراكز الامتحانات    مخطط هام لخدمة الحجّاج وإنجاح موسم الحج    الريال بطلاً لأوروبا    بن زيمة يدعم الخضر من المدرجات    المقاومة تُوجِع بني صهيون    المالديف تحظر دخول الصهاينة أراضيها    هذه أولوية الأفلان..    قسنطينة : جراء حادث مرور وقع ببلدية الخروب إصابة 10 أشخاص بجروح متفاوتة    انطلاق مهرجان القراءة في احتفال    مواقف تَرْبَويّة نبويّة مَعَ الشباب    حروب الجيل الخامس تستهدف الشباب    "السنافر" يستهدفون الفوز لاستعادة مركز الوصافة    الجزائر خطت خطوات عملاقة في مجال حماية الطفولة    تندوف.. مشاريع هامة لتوسيع زراعة أشجار الأرقان    بيئة : التأكيد على أهمية استعمال الرقمنة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    المغرب: الشارع ينتفض مجددا ضد سياسة الحكومة الممنهجة في ضرب القدرة الشرائية    "خيال" للنشر تعود بباقة من العناوين الجديدة    محمد الشبوكي والربيع بوشامة يعودان..    سيدي بلعباس: تسليط الضوء على أعمال المخرج السينمائي إبراهيم تساكي    عرقاب يشارك في اجتماعات "أوبك", "أوبك+" ولجنة المراقبة الوزارية المشتركة    جدل صهيوني حول مبادرة بايدن وحماس تطالب باتّفاق كامل    المجلس الأعلى للشباب ينظم ورشة تكوينية حول "الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات الرئاسية"    حمدان: حماس تتعاطى بإيجابية ومسؤولية مع مقترح بايدن ولا نستبعد التوصل إلى اتفاق    عرض فيلم التحريك ثلاثي الأبعاد "الساقية" حول أحداث ساقية سيدي يوسف بالجزائر العاصمة    الديوان الوطني للحج والعمرة: رقمنة خدمات الحج سهّلت الإجراءات على ضيوف الرحمن    قضايا الشعوب تشكل المبدعين وتعيد تكوين مشاعرهم    لاعبون جزائريون مطلوبون في الميركاتو    وزير الداخلية يؤكّد القطيعة الجذرية    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    الدبلوماسية الجزائرية استعادت مكانتها بقيادة الرئيس تبون    أولوية الرئيس تبون بلوغ اقتصاد متنوع    تزيين المنازل وبحث عن كبش سمين    الدوري الإنجليزي وجهة بوداوي القادمة    هذه كيفيات منح امتياز تسيير المناطق الحرّة    تسجيل 133 مشروع مؤسسة ناشئة بجامعة قسنطينة (2)    قندوسي ينتظر قرار مدرب الأهلي المصري    وصول أزيد من 11300 حاج جزائري إلى مكة المكرمة    بين المجهود الذاتي والشروط الأكاديمية    رغم العقبات.. ستمطر يوما ما"    هوية وتاريخ بتقنية "البيسكال"    أرضية رقمية للتكفل بحجّاج الجزائر    248 حاجاً يغادرون بشار    هذا حُكم الاستدانة لشراء الأضحية    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكمة عطائية
نشر في الفجر يوم 09 - 06 - 2014


كيف تطلب من الله العوض على فضله؟!
يقول ابن عطاء الله السكندري: ”إذا أراد أن يظهر فضله عليك، خلق فيك ونسب إليك ”
إن الذي أراه الأنسب في التعبير عن عموم فضل الله وشموله للناس جميعاً، لا سيما في هذا الذي ينبه إليه ابن عطاء الله، إطلاق بيان هذا الفضل الرباني في عموم الأحوال، وبالنسبة للناس كلهم، وعدم تقييده بإذا المنبئة عن وجود فضله هذا في حالة دون أخرى، وفي حق أناس دون غيرهم.
ذلك لأن هذا التفضل الرباني سارٍ للناس جميعاً على اختلاف أحوالهم.ألا ترى أنه سبحانه وتعالى ينسب إلى الناس كلهم ما يصدر عنهم من طاعات وقربات، على الرغم من أنه هو الخالق لها والموفق إليها، ففضله في ذلك شامل للناس جميعاً، وهوظاهر وبيِّن في سائر الأحوال.
ألا ترى إلى قوله عز وجل:”ادخُلُوا الجنَّةَ بما كُنُتُمْ تَعْمَلُونَ”(النحل)فقد نسب الطاعات التي كان وفقهم إليها وأقدرهم على أدائها، وخلقها فيهم، كما مرّ بيانه، نسبها على الرغم من ذلك إليهم.والخطاب، كما تعلم، لعموم من شملهم هذا التوفيق.
ألا ترى إلى قوله تعالى في الآية الأخرى:”من ذا الذي يقرِضُ اللَّهَ قرضاً حسَناً فيُضاعِفَهُ لهُ أضْعافاً كَثِيرَة”(البقرة)؟إنك لتعلم أن المال مال الله وهو المالك له وللشخص الذي يرى نفسه مالكاً له، ولكن الله مع ذلك ينسب ماله هذا لعبده الذي أكرمه ومتعه به، ويسأله سؤال المستجدي، أن يقرضه منه شيئاً مؤكداً أنه سيوفيه ما أقرضه منه، مضافاً إليه أضعافه.
إذن فهي سنة ربانية ماضية في عموم عباده الذين يوفقون لأداء الطاعات والقربات، يخلق فيهم تلك الطاعات التي عزموا عليها، وينسبها إليهم ليظهرهم في مظهر المستحقين لأجورها وما علق من أنواع المثوبة عليها.
ولا يفوتنك أن الحديث هنا موجه إلى من تولاهم الله بالعناية والتوفيق، ولا التفات فيه إلى من وكلوا إلى نفوسهم الأمارة، فلم يجر الله على أعضائهم ولا على ألسنتهم شيئاً من الطاعات التي وعد عباده بالمثوبة عليها.
ثم إن هذه الحكمة سيقت مساق الإجابة عن سؤال مؤداه أن ما قاله ابن عطاء الله في الحكمة السابقة التي شرحناها، يتعارض مع التزام الله بتقديم العوض على الطاعات التي أنجزها عباده المؤمنون على الوجه المطلوب.وذلك في مثل قوله تعالى:”إنما توَفَّونَ أُجُورَكُمْ يومَ القِيامَةِ”(آل عمران)وقوله:”فاستَجابَ لهُمْ ربُّهُمْ أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْ ذَكَرٍ أو أُنْثَى بعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ”(آل عمران).فهذه الآيات-ومثلها في القرآن كثير-واضحة في بيان أن الله قد ادخر لعباده العوض على الطاعات التي أنجزوها على الوجه المطلوب، فأين هو وجه الخطأ في أن يطلب العبد ما قد وعد به له الرب جل جلاله؟
والجواب عن هذا السؤال، ما يقوله ابن عطاء الله هنا، إن ما ينسبه الله إليك من الطاعات، إنما برز منك وظهر فيك بخلق الله له متلبساً بك ومنسوباً إليك على وجه التفضل عليك والتحبب إليك.
فكيف تجعل من هذا الذي هو مظهر تفضل الله عليك، سبباً لاستحقاقك الأجر والعوض عليه؟
وما ينبغي أن تتيه عن هذه الحقيقة التي من شأنها أن تشكر الله على فضله، بدلاً من أن تطالبه بأجر أو عوض، بسبب ما قد وعدك به من الأجر على طاعاتك.فينسيك ذلك هذه الحقيقة، وتقيم نفسك منه مقام من أنجز المطلوب على وجهه السليم، فاستحق بذلك العوض الذي وُعِدَ به.
وليت شعري، كيف يستحق العبد المملوك الذي لا يملك من أمر نفسه شيئاً، ولا يستطيع أن يعتمد على ذاته في إنجاز أي شيء، أن يطالب سيده عما يتوهم أنه أسداه إليه من خير أو عون؟..
ولا حاجة إلى أن أفيض لك في بيان هذا الأمر، فقد سبق أن شرحته مفصلاً في أكثر من مناسبة، ولكن فلتعلم أن كل ما ذكرته لك مفصلا في بيان هذه المسألة من قبل، تتجمع عصارته في هذه الحكمة البليغة:”من تمام فضله عليك، أن خلق فيك ونسب إليك” وسل نفسك الآن:أفمن مقتضى هذا الفضل الإلهي عليك، ان تطلب منه العوض على فضله، أم تؤدي الحق المترتب عليك في تكرمه عليك بهذا الفضل؟.
المرحوم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (بتصرف)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.