الإسلام وأصول الحكم لعلي عبد الرزاق تابع:الحكم والرسالة (قال الكاتب قبل هذه الفقرة-وذلك لكي تسلسل الأفكار في ذهن القارئ-أنه لا شك أن الحكومة النبوية كان فيها بعض ما يشبه أن يكون من مظاهر الحكومة السياسية وآثار السلطنة والملك..وأول ما يخطر على البال من ذلك مسألة الجهاد..الذي لم يكن في بداية الأمر لمجرد الدعوة الى الدين بل لتثبيت السلطان وتوسيع الملك..غير أن دعوة الدين دعوة الى الله وقوام تلك الدعوة لا يكون إلا بالبيان والإقناع لا القوة والإكراه). 8/ وقد يكون من أقوى الأمثلة في هذا الباب ما وروى الطبري بإسناده، أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه إمارة اليمن وفرقها بين رجاله، وأفرد كل رجل بحيزَّة واستعمل عمرو بن حزم على نجران، وخالد بن سعيد بن العاص على ما بين نجران ورِمَع وزبيد، وعامر بن شهر على همدان، وعلى صنعاء ابن باذام، وعلى عك والأشعرين الطاهر بن أبي هالة، وعلى مأرب أبا موسى الأشعري، وعَلَى الجَنَد يعْلَى بن أبي أمية، وكان معاذ معلماً ينتقل في عمالة كل عامل باليمن وحضر موت الخ. هناك كثير غير ما ذكرنا قد وجد في العصر النبوي، مما يمكن اعتباره آثراً من أثار الدولة، ومظهراً من مظاهر الحكومة، ومخايل السلطنة، فمن نظر الى ذلك من هذه الجهة ساغ له القول بأن النبي صلى عليه وسلم كان رسول الله تعالى، وكان ملكاً سياسياً أيضاً. ..يتبع