خصنا نسيم شتوحي العازف على الة القمبري والمغني بفرقة ڤناوة ”ديوان البهجة” بهذا الحوار الشيق، الذي تطرق من خلاله إلى جديد الفرقة الفني والمشاريع المستقبلية التي تخص المحافظة على التراث الموسيقي اللا مادي الجزائري، وأيضا العراقيل التي يواجهها الشباب الجزائري للبروز في الساحة الفنية ومزاولة هواية الموسيقى، كما تحدث نسيم خلال هذا اللقاء عن المشاريع المستقبلية للفرقة. بداية كيف هي أحوال فرقة ”ديوان البهجة” تزامننا مع الشهر الفضيل؟ أولا الحمد لله، الأمور تسير على أفضل الأحوال مع هذا الشهر الكريم، الذي يعتبر شهر عبادة وغفران، إضافة إلى كونه شهر للجد والعمل، كما هو مناسبة لإحياء بعض الحفلات الموسيقية، والاقتراب من جمهورنا المتعطش. أحييتم مؤخرا بعض الحفلات الموسيقية على مستوى مدينة الجزائر العاصمة، كيف تقيم نشاط الساحة الموسيقية بالجزائر؟ نعم، أخرها كان بفندق الأوراسي، خلال سهرة رمضانية، غلب عليها الطابع التقليدي، بحيث قدمنا فيها أغاني مختلفة، تنحدر عن الديوان الموسيقي الجزائري والمغربي ولكن ما شد انتباهي هو غياب تفاعل الجمهور الحاضر. قبل تأسيس فرقة ديوان البهجة، كنت تعزف بفرقة ”ملمة”، ماهي أخبار الفرقة؟ ”ملمة” كانت تجربة جميلة، حيث كانت الفرقة تقدم نوع موسيقي ڤناوي ممزوج ببعض التأثيرات الموسيقية الجزائرية والأجنبية، توجت بمشاركات عديدة عبر مهرجانات وطنية، وأايضا تبادلات مع موسيقيين أجانب واليوم هناك لطفي وزاكي ونسيم إضافة إلى أعضاء آخرين قمنا بخوض تجربة آخرى وجديدة. حدثنا عن هذه التجربة الموسيقية الجديدة، وأين تصنفون أنفسكم اليوم في الساحة الموسيقية، الجزائرية؟ نحن فرقة شبابية تقدم موسيقى شيوخ، كون الموسيقى التي نلعب عليها قديمة جدا وتنحدر عن ديوان ضارب في القدم، وببساطة عدنا إلى الأصل، بحيث تعمل فرقة ديوان البهجة اليوم في مجال البحث في تاريخ الموسيقى القناوية الجزائرية والمغاربية، كما تهدف عبر التسجيلات الموسيقية إلى المحافظة على هذا النوع الموسيقي الذي نعتبره من التراث الجزائري والمغاربي الا مادي، والذي لا يزال يمارس من طرف بعض الشيوخ، إلا إنه مهدد بالزوال كغيره من الأنواع الموسيقية الجزائرية، على غرار الإمزاد عند التوارق وأهليل بمنطقة أدرار الڤورارة، النوعان التقليديان اللذان تعمل الدولة على تدعيمهما والمحافظة عليهما، ونحن اليوم ننتظر التفاتة من طرف السلطات الثقافية المعنية، لمساعدتنا وتوجيهنا للمحافظة على الثقافة القناوية قبل موسيقى القناوة، كما يمكن أن نعتبر إننا في تربص دائم كوننا لا نزال شباب، ونقتدي بشيوخ موسيقى الڤناوة الذين مارسوا هذا الفن الموسيقي لعقود وصلت بعضها إلى 50 سنة، كونوا من خلالها اسم وتجربة كبيرة جد محترمة. تشكلت فرقة ”ديوان البهجة” سنة 2009، كيف تقيم المسار الفني للمجموعة؟ وهل ترى أن هناك تطور موسيقي؟ يمكن اعتبار المسار الفني إيجابي، بحيث ومنذ بدايات الفرقة وقبلها في فرقة ”ملمة” التي تفرقت، نعمل على التقدم دائما وتقديم الأحسن إلى جمهورنا، كما انظم إلينا أعضاء موسيقيين جدد، يقدمون موسيقى باحترافية على غرار علي الذي يعزف على آلة الڤمبري، ففي فرقة ”ديوان البهجة”، الخصوصية أن لدينا 3 موسيقيين على آلة الڤمبري، مما يشكل ثراء موسيقي داخل الفرقة نفسها، وباستثناء السنوات الأولى للمسار الفني أين كانت الفرقة تنقصها الخبرة، اليوم يمكن أن نعتبر ديوان البهجة في منحى تصاعدي، بحيث أصدرنا ألبوم موسيقي، تم توزيعه على الشبكة الإلكترونية وفي سنة 2012 حازت الفرقة على المرتبة الثانية بالمهرجان الوطني لموسيقى الديوان ببشار، وبعدها مشاركات بالمهرجان الدولي لموسيقى الفناوة بالجزائر العاصمة أين نالت الفرقة جائزة أحسن أداء، إضافة إلى الجائزة الأولى لأحسن عازف ڤمبري بالجزائر سنة 2011. لماذا اتجهت الفرقة إلى النت لإصدار ألبومها الموسيقي ولم تطرحه في السوق الفنية الجزائرية؟ وماهي العوائق التي عملت على اتخاذ الفرقة هذه الخطوة؟ بالنسبة للفرق الهاوية والتي تفتقر إلى الإمكانيات الازمة لتسجيل ألبوم موسيقي داخل أستوديو يجب عليها الاتجاه إلى الشبكة الإلكترونية وإلى مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها بهدف البروز وأيضا تقاسم الموسيقى مع محبي الفن بالجزائر، ومن بين أبرز العوائق نجد مشكل التسجيل والتسويق، ففي الجزائر لتسجيل ألبوم يلزمك قرابة 12 حصة وقيمة الواحدة منها 15 الف دج، وأيضا المجال الموسيقى ببلادنا محتكر من طرف دور الانتاج التي لا تقيم الفنان الجزائري ولا يهمها إلى الربح السريع ونحن كفنانين لا نستطيع دفع مبلغ 35 مليون سنتيم جزائري أو أكثر، لتقديم الألبوم مجانا بعدها، خاصة أنه لا يمكننا الاعتماد على الفن والموسيقى لتوفير لقمة العيش وفي ظل هيمنة مافيا حقيقية على مجال الإنتاج الموسيقي، نفضل إهداء ما نقدمه من موسيقى مجانا إلى عشاق الفن بالجزائر ومحبي الموسيقى القناوية، في انتظار إنتاج ألبوم موسيقي ثاني سيتمحور حول الموسيقى التقليدية الڤناوية وأيضا مزجها مع موسيقى قادمة من إفريقيا السمراء وأوروبا. في هذا السياق، هل تشجعون التحميل المجاني والغير قانوني على الأنترنت؟ لا أبدا، خاصة أنه إذا اعتبرنا أان بالنسبة للفرق الموسيقية التي تعيش من الفن، هذا يشكل عائق ويقتل الفنان، ولكن في البدايات وللتعريف بالفرقة وأبراز ما تقدمه من موسيقى للجمهور، يجب أن تمر عبر هذه المراحل. هل يمكن اليوم اعتبار موجة موسيقى الڤناوي قد مرت؟ نعم، خاصة أن بعض الأنواع الموسيقية الجديدة اكتسحت الساحة، كالواي واي، وهنا نقول أن هذه الأنواع لديها جمهور ولكنه ليس بجمهور عاشق ومستمع لكل الأنواع الموسيقية، إضافة إلى أن الموسيقى عبر العالم تطورت وخرجت من الطابع التقليدي. أنت الذي درست السياحة، حسب رايك ماذا يمكن فعله ببلادنا لربط الثقافة بالسياحة وإعادة الاعتبار للموسيقى الڤناوية وإخراجها عن الطابع الفلكلوري؟ في الجزائر نسجل غياب الرغبة في التقدم وخدمة الثقافة أو السياحة، كما يغيب في الجزائر صناعة للموسيقى حقيقية، بحيث لا نزال نعتمد على سياسة البريكولاج. ولتطوير الثقافة والسياحة يجب إعادة بناء التحتيات وانتهاج سياسة واستراتيجية مدروسة، كما يجب الاستثمار في الشباب واعطائهم الفرصة لإبراز مواهبهم وابداعاتهم، إضافة إلى فتح المجال لتشجيع التبادل والتقاسم بين شباب الجزائر.