بوغالي: "توطيد علاقة الجيش مع الشعب دحض الكثير من المكائد وأفشل العديد من المؤامرات"    الذكرى ال 57 للنكسة: البرلمان العربي يدعو لوقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني    لبنان :الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على قرى وبلدات جنوبي البلاد    حملة الحصاد والدرس لموسم 2023 /2024 تنطلق بالولايات الشمالية    الرابطة الاولى: رئيس الفيفا يهنئ مولودية الجزائر على التتويج بلقب البطولة    الجزائرية للحوم الحمراء: انطلاق عملية بيع الأضاحي ابتداء من السبت بأسعار تتراوح بين 59 الف و 90 الف دج    تنظيم الطبعة ال16 للأبواب المفتوحة الوطنية حول الرياضة العسكرية بالجزائر العاصمة    توقيف 3 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    أبي بشرايا البشير: تنازلات خطيرة قدمها نظام المخزن المغربي للكيان الصهيوني    بورحيل يشارك هذا الخميس بتركيا في ملتقى سلطات وهيئات حماية المعطيات الشخصية    بتكليف من رئيس الجمهورية, عطاف يشارك في الشق الثاني من أشغال القمة الإفريقية-الكورية المتعلق بتنمية التعاون الاقتصادي    تصفيات مونديال 2026 : المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته تحسبا لمواجهة غينيا        الأونروا تعلن توقف محطات تحلية المياه عن العمل في غزة بسبب نفاد الوقود    اليوم العالمي للبيئة: غوتيريس يدعو المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته لإصلاح تدهور النظم الإيكولوجية    هيئة صحراوية تدعو الشركات الأجنبية إلى وقف نهب موارد الشعب الصحراوي والانسحاب من الإقليم المحتل    تهيئة الواجهة البحرية للعاصمة: بداني يؤكد التكفل بانشغالات الصيادين    بيئة بحرية: دعوة إلى تعزيز جهود التحسيس بمخاطر التلوث بالمعادن الثقيلة    باتنة: وضع حيز الإستغلال لسد بوزينة    التزام بترقية النشاط الصناعي في بومرداس    مشروع قانون الرقمنة.. لبنة أساسية في مسار التحول الرقمي    تعزيز قدرات تخزين الحبوب عبر 52 ولاية    جولتان دون جمهور ولا تنقل للأنصار خارج الديار في ختام البطولة    بيتكوفيتش يضع اللّمسات الأخيرة قبل مواجهة غينيا    "حماس" تدعو إلى إدراج الاحتلال في قائمة الكيانات المجرمة    مقترح بايدن لوقف إطلاق النار في غزة.. مع وقف التنفيذ    نجوم العالم يستنكرون مجازر رفح    حجز كوكايين بسطيف    ضرورة تسيير النفايات المنزلية كاقتصاد تدويري    انطلاق إنجاز مشروع طبي اجتماعي للفنان.. قريبا    تنظيم المعرض الوطني لكتاب الطفل    أول مصنع لإنتاج بلورات الأنسولين في إفريقيا    تباحث تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين    بحث محاور تعزيز التعاون الصحي بين الجزائر وكوبا    وصول ما يقارب 22200 حاج وحاجّة إلى مكة المكرمة    المنتخب الوطني يختتم تربّصه بفوز على نادي آقبو    مكتتبون يطالبون بتسليم ثلاث عمارات متبقية من المشروع    "كازنوص" تدعو أصحاب المهن الحرة لتسوية وضعيتهم    تكوين الإعلاميين في المجالات الاقتصادية لتبسيط المعلومة للقراء    الإفراج المشروط يساهم في إعادة إدماج المحبوسين    الرياضيات تريح مترشحي "البيام" والانضباط سيد الدورة    زكري يدافع عن بن زيمة وينتقد مدربي الدوري السعودي    العثور على لقى أثرية وقبور بقصر بغاي بخنشلة    المحافظة السامية للأمازيغية تحط بإليزي    مهرجان مسرح الهواة.. استمرارية وثبات في دعم المبدعين    تمديد آجال التكيف مع القانون المتعلق بالصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية    الجمارك تضبط 786 قرص مهلوس    الحماية المدنية ترافق التلميذ إسلام في امتحان "البيام"    تونس تكشف عن مفاتنها لاستقطاب السائح الجزائريّ    "الكاف" تكشف عن تاريخ انطلاق الطبعتين المقبلتين    تحمل اسم العلامة "محمد البشير الابراهيمي"..تخرج الدفعة ال10 للمتصرفين الرئيسيين لمصالح الصحة    عن قصيدته "ما تساقط من غيمة الوجد"..الجزائري صدام عيسى بوعزيز يتوج بجائزة كتارا للشعر العربي    عثر عليها بقصر بغاي بخنشلة.. لقى أثرية وقبور تعود إلى الفترتين البيزنطية والإسلامية    هذه أسباب تسلّط الجن على بني آدم..    مواقف تَرْبَويّة نبويّة مَعَ الشباب    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية "عقدة" مصالح روسيا الاقتصادية ونفوذها
نشر في الفجر يوم 21 - 09 - 2015

مع تعزيز الوجود العسكري الروسي في سورية (القاعدة البحرية في طرطوس، والجوية في مطار باسل الأسد بالقرب من مدينة القرداحة)، هل ينفّذ ”القيصر الجديد” فلاديمير بوتين نصيحة القيصر بطرس الأكبر (وهو من أعظم القياصرة الروس) التي تعود الى 400 سنة؟
تقول النصيحة إن على روسيا، إذا أرادت ان تبقى أمة قوية عظيمة، ان تحقق ثلاثة شروط في سياستها الخارجية. عليها أولاً ان تصل الى المحيط الهادىء، حتى لو اضطرت الى الصراع مع الأمبراطورية الفارسية. وأن تبلغ ثانياً المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط، حتى لو اضطرت الى تقويض الأمبراطورية العثمانية. وأن تقيم، أخيراً، افضل العلاقات والتحالفات مع سورية (الهلال الخصيب في ذلك العصر) نظراً الى موقعها ”الجيوستراتيجي” الذي يربط ثلاث قارات هي آسيا وأوروبا وأفريقيا.
لذلك تعتبر سورية أهم حليف استراتيجي لروسيا في المنطقة منذ أكثر من 60 عاماً، وموسكو تدير من خلالها جزءاً مهماً من سياستها الخارجية في الشرق الأوسط، وهي (اي سورية)، قاعدة مهمة للمصالح الاقتصادية والعسكرية الروسية.
كلفت موافقة الرئيس السوري على تحويل ميناء طرطوس الى قاعدة ثابته للسفن النووية الروسية، شطب معظم الديون السورية، اضافة الى صفقة أسلحة تتمثل بعملية شراء بالتقسيط او بالدَين، وتشمل طائرات ”ميغ29” مقاتلة، ونظم ” بانتسير اس 1” الدفاعية، ونظم ”صواريخ SMT اسكندريه” الدفاعية، وطائرات ”ياك 130”، وغواصتين من طراز ”امور 1650”.
ولهذه القاعدة أهمية كبرى، فهي القاعدة الروسية الوحيدة على البحر المتوسط وخارج أراضي الاتحاد السوفياتي السابق، ولها بعد استراتيجي كبير كونها محطة التموين الوحيدة للأسطول الروسي في المتوسط وخارج روسيا. وما يزيد أهميتها العسكرية انها تمنح القوات الروسية فرصة الوصول السريع الى البحر الأحمر والمحيط الأطلسي.
لذلك تخشى روسيا خسارتها قاعدة طرطوس البحرية، في حال سقط النظام في سورية. ومن هنا قرار قيادتها بحماية هذه القاعدة بأي ثمن، وقد أكد في هذا المجال القائد العام للقوات البحرية الروسية الفريق فيكتور تشيركوف ”ضرورة استمرار عمل قاعدة طرطوس العسكرية التي تقوم بإمداد وصيانة السفن الروسية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط، والبوارج الحربية التي تشارك في مكافحة القرصنة في خليج عدن او المحيط الهندي”.
والمصالح الروسية لا تقتصر على النفوذ العسكري والسياسي، بل تشمل ايضاً المصالح الاقتصادية التي تبدأ بشراء السلاح الروسي اذ تعد سورية من اكبر زبائنه وهي تحتل المرتبة الخامسة بين 80 دولة. اما الاستثمارات الروسية في سورية فقد بلغ حجمها وفق احصاءات غرفة تجارة دمشق حتى العام 2011 نحو 19 بليون دولار، وتتجاوز حالياً العشرين بليوناً، وتتركز اساساً في الصناعات المتعلقة بالطاقة ومجال النفط والغاز، وتبرز في هذا المجال أهمية صفقة عقد التنقيب المبرم مع شركة ”سيوز نفط غاز” الروسية، وهي اول شركة أجنبية تحصل على حق التنقيب والإنتاج في الجرف القاري التابع لسورية، ويشمل المنطقة الممتدة من جنوب شاطئ مدينة طرطوس الى محاذاة مدينة بانياس، وبعمق عن الشاطئ يقدر بنحو 70 كيلو متراً، وبمساحة اجمالية تصل إلى نحو 2190 كيلومتراً مربعاً، وتبلغ كلفة الصفقة 100 مليون دولار، وهي تقديرات الحد الأدنى.
اضافة الى شركة ”سيوز نفط غاز” الروسية، هناك شركات روسية أبدت أخيراً اهتمامها بالتنقيب والاستكشاف البحري عن النفط والغاز في المياه السورية. ويؤكد ذلك وزير النفط والثروة المعدنية في دمشق سليمان العباس، الذي أشار الى ان لديه طلبات قيد الدرس من شركات عدة. لكن اللافت لبعض المراقبين، انه سبق دخول الشركات الروسية للعمل في قطاع النفط السوري، اقدام 11 شركة أجنبية على الانسحاب من العمل في هذا القطاع، وكشفت بيانات صادرة عن ”وزارة النفط والثروة المعدنية” أن إجمالي خسائر الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط السوري منذ بدء الأزمة حتى نهاية عام 2013، بلغت نحو 6.4 بليون دولار.
إضافة الى الأسباب الأمنية وسيطرة منظمات إرهابية على نحو 80 ألف برميل في اليوم، مقابل 17 ألف برميل فقط في المناطق الخاضعه لسيطرة النظام، فإن انسحاب الشركات الأجنبية من مناطق شمال سورية ربما يعود الى علمها أن الموارد النفطية والغازية في منطقة دير الزور والمناطق الكردية مرشحه للنضوب بعد بضع سنوات، ما يعني ان موارد المناطق البحرية ستكتسب أهمية كبرى في المستقبل.
ويبدو ان الأميركيين ليسوا بعيدين من هذا الهدف الجيوسياسي، وسبق لهم ان وضعوا دراسات بإشراف وزارة الخارجية خلال تولي هيلاري كلينتون مسؤوليتها، توصي بأن يكون استغلال نفط سورية في أيدي شركات أميركية، خصوصاً الشركة التي اكتشفت حقول الغاز في اسرائيل، والتي يمثلها في علاقاتها بالدوائر الأميركية الرئيس السابق بيل كلينتون، وهي في الوقت ذاته تسعى الى استغلال هذه الثروة المرتقبة في سواحل لبنان البحرية، انطلاقاً من حرص الأميركيين على ضرورة ان يكون تطوير موارد شرق البحر المتوسط تحت سيطرتهم، وأن يؤدي الى تصدير الغاز الى تركيا ومن ثم الى الأسواق الأوروبية، فتكون النتيجة تقليص دور روسيا في مجال تزويد تركيا بالغاز، الذي يمثل 70 في المئة من حاجتها حالياً.
وهكذا تبرز خطورة الصراع الإستراتيجي الدولي بين روسيا والولايات المتحدة في الحرب السورية.
وبعد اكتشاف هيئة المسح الجيولوجي الأميركية ( USGS ) ان الساحل الشرقي للمتوسط، أي الساحل السوري - اللبناني - الفلسطيني يحتوي على مخزون هائل من الغاز يقدر ب 700 بليون متر مكعب إضافة إلى النفط، واكتشاف حقل غاز في منطقة قارة قرب حمص وتقدر كميته ب 437 بليون متر مكعب ( وقد حصلت روسيا على عقود التنقيب فيه). وبعدما رفضت سورية مرور خط غاز قطر الذي يحمل الغاز الإسرائيلي والمصري إلى تركيا لوصله بأنبوب ”نابوكو” من أراضيها واستعاضت عنه بأنبوب غاز يمر من إيران إلى العراق إلى سورية إلى لبنان، إضافة إلى غاز بحر قزوين بأنابيب السيل الجنوبي في ”غازبروم”، أصبحت سورية عقدة أنابيب الغاز التي تعتبر شرايين دماء القرن الحالي. وبالتالي فإن من يسيطر على سورية يتحكم بالقرن الحالي.
أصبح الصراع على سورية مصيرياً بالنسبة إلى روسيا وفرصة ذهبية لاستعادة دورها كقوة عظمى في حلبة الصراع الدولي. وسورية باتت في صميم الأمن الاقتصادي الروسي. ومن هنا يرى المراقبون ان من يراهن على تغير الموقف الروسي تجاه سورية هو واهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.