إنحاز ميثاق أخلاقيات قطاع التربية الجديد والذي وقع أمس من طرف 8 نقابات رفقة وزيرة التربية نورية بن غبريط إلى فئة الأساتذة أكثر، الذين منحت لهم حيز أكبر من الحرية للتعبير عن كل انشغالاتهم وتطلعاتهم، وهذا على حساب فئة العمال المهنيين الذين فرض عليهم الحوار في حل كل الخلافات والنزاعات. ورغم أن الميثاق الذي كان من إنجاز نقابات التربية بنسبة كبيرة أكد في ظاهره على توفير ظروف إقامة جو من الثقة المتبادلة بين مختلف مكونات الجماعة التربوية والفاعلين في القطاع وشركائهم الاجتماعيين، وعلى إقامة مناخ من الطمأنينة والاستقرار الضروريين لتنفيذ العديد من العمليات، إلا أن من بين الحقوق والواجبات أبرزت الانحياز المعطى لفئة الأساتذة بمنحه كل الحرية لهم التي لا يعرف الكثيرون استغلالها كما يجب. ووفق ما جاء في نص الميثاق حول حقوق وواجبات أعضاء الجماعة التربوية والذين على رأسهم التلميذ الذي يحتل مركز اهتمامات السياسة التربوية كما ينص عليه القانون التوجيهي للتربية الوطنية، رغم إقصاء في الحقوق التي منحت لهم، الحق في الدراسة في أجواء مستقرة دون أي مشاكل تعكر صفو دروسه وتم الاكتفاء بالحقوق الخاصة بالحقوق الطبية والصحية وحق المشاركة في نشاطات ثقافية، في ظل إلزامه بقواعد الانضباط المختلفة في علاقاته بالتلاميذ الآخرين، وبالمدرّسين والعاملين بالمؤسسة. ومنح بذلك الميثاق ”الأساتذة حق في التعبير بكل حرية عن كل المسائل التي تهم الجوانب البيداغوجية والتربوية والمهنية والتنظيمية لمهنته، على أن يتعين على الهيئات المعنية أن تضاعف من فرص التعبير (الملتقيات واللقاءات الدورية والنشريات...)، في ظل حثه على المساهمة في توفير مناخ التضامن والتعاون والتسامح داخل المؤسسة حتى يعم الاستقرار والسكينة المساعدين على العمل، والتوازن النفسي للتلاميذ خاصة الذين هم في أمس الحاجة للرعاية والإنصاف، على أن يقوم المربي بغرس الحس الوطني لدى التلميذ، زيادة على مهامه التعليمية، ويسعى إلى تنميته، كما يبعث فيهم روح التسامح وفق المبادئ الوطنية والإسلامية. هذا وأعطى الميثاق الجديد حقوق وواجبات الموظفين الإداريين والعمال المهنيين، حيث يحق للموظفين الإداريين والعمال المهنيون أن يستفيدوا من المساعدة والدعم في ممارسة وظائفهم وبخاصة لدى تعرضهم لصعوبات إدارية أو شخصية، هذا فيما ألزموا بالتحلي بسلوك مهذب ومحترم في العلاقة بين أعضاء الجماعة التربوية مهما كان مستواهم أو رتبتهم، كما يجب أن يكون هندامهم لائقا. على المهنيين الابتعاد عن الممارسات التي يمكن أن تحدث اضطرابات نفسية للتلاميذ وعلى عكس الأساتذة الذين أعطيت لهم حرية في طريقة التعبير عن مشاكلهم، أكد الميثاق، أنه ينبغي على الموظفين الإداريين، أن يتحلو بموقف وقائي تجاه النزاعات التي يمكن أن تحدث في المؤسسات التربوية، واللجوء إلى لغة الحوار في حل الخلافات والنزاعات، والابتعاد عن الممارسات التي يمكن أن تحدث لهم اضطرابات نفسية فتؤثر سلبا على تمدرس التلاميذ. وفي شق حقوق وواجبات أولياء التلاميذ، فإنه سواء انتظموا في جمعية أو غير ذلك، لهم الحق في الإعلام بشأن ظروف سير المؤسسة ومجريات تمدرس أبنائهم لتقديم المساعدات المادية الضرورية، وبمقدور الأولياء وفي إطار قانوني، المساهمة في إنجاز الأنشطة اللاصفية المقترحة على التلاميذ، وكذا الأعمال ذات الطابع الاجتماعي الذي تقوم به المؤسسات التربوية. أما حقوق وواجبات الشركاء الاجتماعيين، فهم معنيين بالتكفل بالمشاكل المهنية والاجتماعية المطروحة من طرف النقابات على المستوى الوطني والمحلي بالحوار، التفاوض والتنسيق، وإيفاد لجان مشتركة للوساطة في تسوية الخلافات بين أعضاء الجماعة التربوية، إرساء لغة الحوار ومد جسور الثقة بين الإدارة والشركاء الاجتماعيين والمساهمة في الحفاظ على المرافق المدرسية الموضوعة تحت تصرفهم. هذا فيما حرص ظاهريا الميثاق على الاستقرار النفسي لأبنائنا التلاميذ والمربين، باعتباره ضروري لتمدرس جيد لاستكمال البرامج وتحقيق النتائج المرجوة، ولا يتأتى ذلك إلا بخلق جو من الثقة والتآزر بين أعضاء الجماعة التربوية –تلاميذ، أولياء، هيئات التدريس والتأطير والتسيير، والشركاء الاجتماعيين– ليصب كل ذلك في المصلحة العامة للتلميذ ورسالة المعلم في التربية والتعليم لضمان الاستقرار الدائم في المؤسسات التربوية. كما أكد الميثاق على النزاهة والأمانة في كل سلوكاتهم، وتصرفاتهم والابتعاد عن كل أنواع التحرش والعنف اللفظي والبدني، ومحاربة كل الممارسات اللاأخلاقية والتصرفات المشينة”، وإلزام المربين على مساهمتهم في إبعاد المدرسة عن التأثير السياسي والأيديولوجي والحزبي والامتناع عن كل تمييْز تجاه أي عضو من الجماعة التربوية، خاصة ما تعلق بمستواه الاجتماعي أو الصحي.