هناك في عين الصفراء، في ولاية النعامة، 13 عائلة باتت أول أمس، مكلومة، موجوعة، لأن أفراد من أسرها لقوا حتفهم في حادث حافلة على الطريق الوطني رقم 6، صباح الخميس. نعم، تكلموا في الأخبار، في سطر على شريط السريع، لم نعلن الحداد، ولم نتألم لألم هؤلاء الضحايا المضافون لقائمة تتسع كل سنة للمزيد من القتلى وتنافس الإرهاب، بل تعدت أعداد ضحاياه حتى في أحلك الظروف. ولم يرسل المسؤولون برقية تعزية لأوليائهم، وكأنهم ليسوا منا ولسنا منهم. فماذا لو وقع مثل هذا الحادث في غزة أو حتى في دولة أخرى نعشقها ونموت في حبها، ألا يتسابق المسؤولون للتعبير عن ألمهم ومواساة العائلات المنكوبة؟ حتى جمهور مواقع التواصل الاجتماعي جهوي وعنصري ولا يتألم لآلام هؤلاء المنسيين في الأراضي البعيدة عن أعين المسؤولين والإعلام. لن يحل الحزن والتعبير عنه المشكلة، التي تتفاقم يوميا، والسبب أصحاب الشاحنات التي كانت ولا تزال مشانق منصوبة على طول الطرقات المهترئة لتأخذ أرواح المسافرين الأبرياء، ولا نرى في الأفق إجراءات للحد من هذه الكوارث والمقابر المفتوحة يوميا للمسافرين. لا وضعية الطرقات ولا حالة المركبات، ضف إلى ذلك تهور السائقين، داخل المدن وخارجها، فحتى في المدن تتحول الحافلات والسيارات إلى قنابل موقوتة بفرط السرعة. وتبقى المجازر على طول الطرقات، فحتى الطريق السيار لم يحل المشكلة. ألم يكن من الأفضل لنا الاستثمار في السكة الحديدية لاستعمالها في نقل السلع والبضائع بدل كل هذه الشاحنات، أليس الوقت لترميم شبكة السكك الحديدية الموروثة عن العهد الاستعماري، والتي كانت تربط كل، بل أغلب مدن الشمال وأهملت وأكلها الصدأ وأكل بعضها البناءات؟ ألم تصل الحضارة حيث وصلت السكة الحديدية، بعد اكتشاف البخار والثورة الصناعية؟ إلى متى نبقى رهائن الخيارات المفلسة، ولا نستفيد من تجارب الآخرين؟ في كل مرة كانت وزارة النقل تعود إلى ملف استصلاح شبكة السكك الحديدية وتوسيعها، وفي كل كل مرة ومع كل تغيير حكومي يلقى الملف في طي النسيان، أو يعاقب من سياسات التقشف المتكررة، حتى أثناء البحبوحة في السنوات الأخيرة لم يستفد قطاع السكك الكثير، ومع ذلك فقد فك الكثير من مشكل النقل على العاصمة، ويكفي الوقوف أمام محطات السكك لنرى الأعداد الغفيرة التي تعتمد على القطار في تنقلاتها من وإلى العاصمة. نعرف أنها صرخة في وادي، وستبقى الحافلات والشاحنات تحصد يوميا أرواح الجزائريين أمام لا مبالاة الجميع!