هي الزيارة الثانية من نوعها للمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل إلى بلادنا، بعد زيارة أولى سنة 2008، زيارة استبقها الكثير من الحديث عن المهاجرين غير الشرعيين التي تريد ميركل من حكوماتهم القبول بعودتهم، وهو ما سبق وطالبت به الحكومة التونسية التي اقترحت عليها ميركل بناء مركز لإيواء المهاجرين غير الشرعيين على ترابها، وهي تضع أيضا الجزائر ضمن اقتراحاتها، وهو الحديث الذي غطى على ما هو أهم، وهو الشراكة الاقتصادية التي تأخرت كثيرا بين بلدنا وبين أول قوة اقتصادية في أوروبا. فهل سنفوت علينا الفرصة مرة أخرى وينتصر اللوبي الراعي لمصالح فرنسا في الإدارة وفي مجالات أخرى؟ ألمانيا سبق وطرحت مشروع بناء مركز لإنتاج الكهرباء باستعمال الطاقة الشمسية، وهو المشروع الذي تعثر كثيرا مع أن الحكومة الجزائرية تسعى لإنتاج طاقة بديلة للنفط، ربما لأن فرنسا تقترح بناء مراكز للطاقة النووية، المشروع الذي ما زال الرؤساء الفرنسيين يطرحونه على شركائهم في كل مناسبة، وكان أحد أسباب الانقلاب على القذافي. فهل ستفك الزيارة عقدة مشروع مرسيديس، وتفتح الطريق أمام مشاريع استثمارية أخرى التي قاربت ال30 مشروعا والتي تطرقت إليها زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال جانفي من السنة الماضية، وأمام شراكة علمية وثقافية؟ وهي مشاريع لا يجب أن يغطي عليها أي اختلاف محتمل في وجهات النظر حول ملف الهجرة غير الشرعية. هذا دون الحديث عن الحرب على الإرهاب ومشاكل منطقة الساحل التي لنا حولها نفس المقاربة. أعرف أن هناك من يريد لهذه الزيارة أن تفشل، وأن تبقى الجنة المختلطة للتعاون الجزائري الألماني، ومنتدى الأعمال بين مؤسسات البلدين يدور في حلقة مفرغة، لصالح العلاقة المميزة التي تربطنا بفرنسا، فقد سبق وثارت ثائرة بعض السياسيين وانتقدوا الزيارة التي قام بها بوتفليقة إلى ألمانيا، ورأوا أن لا فائدة ترجى منها، ولا أدري إن كانت ميركل ستتلقى نفس الحفاوة التي استقبل بها مرشح الرئاسيات الفرنسية ماكرون الأسبوع الماضي، والحفاوة التي استقبل بها كل الزوار الفرنسيين من قبل، لكن من مصلحة بلادنا أن تكون لدينا روابط اقتصادية وسياسية متميزة مع ألمانيا، ليس على حساب فرنسا ولا على حساب أي طرف آخر، لكن من باب تنويع التجارب والخيارات الاستراتيجية. فألمانيا تبقى أهم قوة اقتصادية وصناعية أوروبية وعلينا الاستفادة من خبراتها، مثلما كان ذلك سنوات السبعينيات، عندما أشرفت ألمانيا الاتحادية على إطلاق مصانع الدراجات والشاحنات في جزائر الثورة الصناعية.