l الجيش الجزائري في ”أريحية” داخليا واللاجئون الأفارقة قنبلة موقوتة لا يخفي بلهول نسيم، مستشار بوزارة الدفاع الوطني، قلقه من وجود محاولات غربية تريد الزج بالجزائر في مستنقع الإرهاب مهما كانت مسمياته، مؤكدا أن الجزائر لا تزال تعاني من تدفق بعض التهديدات من الجيل الرابع والخامس من الإرهاب، غير أن الخبير العسكري المتمرس في القضايا الأمنية يشدد في حوار خص به ”الفجر” على ”أننا في مرحلة أفول تنظيم داعش، الذي انهار في العراق، وان أطرافا بصدد الإعلان عن ميلاد تنظيم جديد وهو تنظيم ”خراسان” من تدبير جهاز المخابرات الأمريكي ”السي آي إي”، والذي سيكون عقبة جديدة للجزائر. الفجر: في ظل الأزمات الأمنية التي تضرب دول جوار الجزائر، وفي خضم كل التقارير التي تحذر من توغل داعش، كيف ترى الوضع الأمني حاليا في الجزائر؟ بلهول نسيم: فيما يتعلق بظاهرة ”داعش” في الجزائر، أضحت قاب قوسين أو أدنى من الغياب عن الجغرافيا الأمنية الجزائرية، لأن الجزائر سعت سابقا من خلال الجهاز الاستخباراتي مع السلطات الأمنية العراقية وبالتنسيق مع إدارة البنتاغون الحيلولة دون الزج بالشباب الجزائري في المقاومة العراقية أو ما يعرف بتنظيم ”أبو مصعب الزرقاوي”، وإذا كانت الجزائر أحكمت فيما سبق قبضتها ضد ظهور أشكال إرهابية جديدة على غرار داعش التي لا تؤمن السلطة الجزائرية بطبيعتها، إلا أنها تؤمن بأن ”الدعشنة” هي مقاربة استخباراتية تأتي في إطار محاولة بناء شرق أوسط جديد من منطلق ”سايس بيكو 2”، لكن ما يستعصي على السلطات الجزائرية أنها تحاول تطويق الشبكات الإرهابية في العالم الافتراضي، الذي من خلاله تحاول شبكات أن تمد جسورا بين دولة وأخرى من أجل تجنيد الشباب المغاربي. كيف تقرأون إذاً الحالة الأمنية التي تعيشها الجزائر في ظل استمرار تدهور الأوضاع على الحدود؟ الطوق الناري لا يزال مستمرا، وبالتالي نلاحظ أن الجزائر داخليا هي في استقرار واستتباب أمن مستدام بعيدا عن الخطاب النرجسي، خاصة وأننا نلاحظ هناك نوعا ما إعادة رسم لحدود السلوك الأمني الجزائري بين الإدارة البوليسية للأمن الداخلي والقضايا الحدودية. أما فيما يتعلق بقضايا الأمن والدفاع خارج الحدود الجزائرية وعدم تدخل الجيش فيها فإنها تضع الجيش في أريحية لمتابعة بعض القضايا الداخلية مثلما لاحظنا سابقا فيما يتعلق بالأزمة في منطقة غرداية. لكن أقول ورغم هذا لا تزال الجزائر تعاني من تدفق بعض التهديدات من الجيل الرابع والجيل الخامس، ولا ننسى أن للجزائر لحد الآن مواقفها الدبلوماسية التي أزعجت الكثير من دول الخليج وحتى الدول التي تصطف مع الأطلسي، رغم أن بناء الهوية والثبات على هكذا خطاب دبلوماسي وضعنا في منأى عن بعض التهديدات، خاصة وأن هناك محاولات إعلامية تنطلق من استخبارات خارجية تريد أن تزج بأي طريقة بالجزائر في مستنقع الرعب ”الداعشي” الجديد في وقت نعيش فيه أفول ظاهرة داعش ونهاية شيء يسمى بظاهرة المقاتلين في العراق وسوريا، فالجزائر عالجت وطوقت واخترقت ظاهرة الأفغان الجزائريين، ونجحت في القضاء عليها، فكيف لا يمكنها اليوم تحقيق ذلك. يعني هذا أنه لا يوجد تهديد على الجزائر من قبل ”داعش”؟ هناك مرحلتان، نحن الآن في المرحلة ما قبل الأخيرة، هو منعطف استراتيجي لهذا التنظيم، وأظن أن استخبارات داعش الذي انهار في العراق هي بصدد الإعلان عن ميلاد تنظيم جديد وهو تنظيم ”خراسان”، وأظن أن الجزائر مع كل ما أوتيت من هذه المعلومة - وبتحفظ - تقف موقف اصطفاف وتحاول أن تضع تقديرات حيادية بخصوص القضايا العالمية وتحتفظ بدبلوماسيتها الحيادية، لأنه ولحد الآن هنالك هرولة أمريكية لإنشاء قاعدة عسكرية طمعا في انهيار النفط الإفريقي خاصة والرهان العالمي تفجير ثروات القارة التي باتت غريبة عن الأجندة الأمريكية، بل باتت من أوراق الفرنسيين، وبالتالي فإن الجزائر تعتبر دولة ”مفتاحية” للولوج إلى القارة الإفريقية، والأمر الثاني هو لو نلاحظ حركة الرعب ما بعد داعش ولا تهمنا المسميات بل ما يهمنا هو السلوك الإرهابي الذي يضرب، بل ويحاول إخلاط أوراق كل حلفاء الجزائر، فإن تنظيم خراسان حسب المؤشر الأمريكي بدأ بإقامة أولى إماراته على ضفاف هضبة إيران من أجل ضرب إيران ومصالحها النفطية. ماذا لو تحدثنا عن ملف اللاجئين الأفارقة في الجزائر وعلاقتهم بالإرهاب؟ دورنا هو توعية الرأي العام بعيدا عن الفلسفة الأمنية التي لا يفهمها العامة والخاصة، منذ قرابة خمس سنوات هنالك منظمات غير حكومية حاولت الاستثمار فيما يسمى المصفوفة الأمنية، فمثلا كبريات المنظمات غير الحكومية على غرار منظمة ”روتاري كلوب”، خاصة الموجودة في ولاية غليزان حاولت الكثير التدخل بطريقة أكاديمية في الشؤون الجزائرية، من خلال المشاركة في بعض الملتقيات الأمنية في الجزائر أو في بعض أروقة مؤتمرات القمة أو القاعدة الجهوية الخاصة باجتماعات وزراء الداخلية المغاربة أو من الساحل، وكذلك الأمر بالنسبة لقضية اللاجئين الأفارقة وقضية الأكراد كأقلية، لذلك نلاحظ أن هذه الشبكات غير الحكومية تريد الزج بهكذا ديمغرافيات من على حدود دول هشة، ومع التقدم التدريجي سيتم شرعنة التواجد وفق إعادة صياغة خارطة تصبح فيها قضية اللاجئين مجرد ورقة ضاغطة، كأقلية إما تزاحم الدولة السيادية في جغرافيتها أو يعاد ترسيم حدود جديدة. هل يمكن أن تصل الأمور لاستعمال أولئك الأفارقة ك”مرتزقة” لو لم تقرر الجزائر ترحيلهم؟ بالتأكيد، لأننا نعيش جيلا جديد من الحروب لا يحتاج إلى مرجعية قتالية، بل يحتاج إلى رصيد مهام مستدامة وضحايا ومدافع، لذلك فإن هؤلاء اللاجئين إذا تكلمنا عن ليبيا ومالي أو أي أقلية من الأقليات لا تخرج عن نطاق الأقليات والمعضلة بالنسبة للجزائر، هي أنها تروج على أساس أنها دولة مشيدة للسلم، لكن الرصيد الأمني الجزائري بالنسبة لدول الجوار للأسف هو سلبي، الآن يستحسن بالجزائر إعادة بناء منطق سيادي ولا أقول غلق الحدود ولكن فرض رقابة إدارية جمركية على كل الوافدين على الجزائر، لأن مقتضيات أمن الجزائر تستدعي وضع حدود انتقائية للوافدين من الجنوب وشرق المتوسط. ماذا عن قضية العائدين من العراق وسوريا إلى الدول الأوروبية وتأثيرهم على الجزائر؟ فرنسا وبالتواطؤ مع دول خليجية حاولت استغلال من خلال ”قلقة” قواعد الحياة بالجزائر، فرنسا الآن وأمريكا تتسابقان للظفر بمنطقة إفريقيا، بوسائل وطرق مختلفة، وهناك ارتباك فرنسي نوعا ما فيما يتعلق بعلاقاتها بالجزائر، فالمشكل مطروح حسب تقديرات واشنطن بأن الأوروبيين معروفون في الفلسفة الاستخباراتية أنهم كل من ينتمون إلى التضليل والتشويش للاستخبارات الإقليمية وبث الرعب في الدول العربية.