عطاف يتلقى اتصالا هاتفيا من وزير خارجية سلطنة عمان    محمد لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي في كافة وسائل الإعلام    سعيدة: تشجيع ومرافقة أصحاب المستثمرات الفلاحية للانخراط ضمن مسعى تربية المائيات    المغرب: المخزن يستمر في الاعتقالات السياسية في خرق سافر لحقوق الانسان    منتدى الدوحة: إشادة واسعة بجهود الجزائر لنصرة القضية الفلسطينية    إبراز جهود الدولة في تسجيل عناصر ثقافية في قائمة الموروث الثقافي غير المادي باليونسكو    عطاف يدعو لتوجيه الجهود المشتركة نحو نصرة القضية الفلسطينية    قوجيل: مواقف الجزائر تجاه فلسطين "ثابتة" ومقارباتها تجاه قضايا الاستعمار "قطعية وشاملة"    وزير الداخلية يستقبل المدير العام للديوان الوطني للحماية التونسية    بورصة الجزائر: النظام الإلكتروني للتداول دخل مرحلة التجارب    كريكو تؤكد أن المرأة العاملة أثبتت جدارتها في قطاع السكك الحديدية    تيسمسيلت: إلتزام بدعم وتشجيع كل مبادرة شبانية ورياضية تهدف "لتعزيز قيم المواطنة والتضامن"    اتصالات الجزائر تضمن استمرارية خدماتها غدا تزامنا واليوم العالمي للعمال    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي: الجزائر تشارك بثلاثة مصارعين    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    حوادث المرور: وفاة 38 شخصا وإصابة 1690 آخرين خلال أسبوع    نجم المانيا السابق ماتيوس يؤكد أن بايرن ميونخ هو الأقرب للصعود إلى نهائي دوري الأبطال على حساب الريال    تندوف: شركات أجنبية تعاين موقع إنجاز محطة إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط    عقب شبهات بعدم احترام الأخلاق الرياضية :غلق ملف مباراة اتحاد الكرمة - مديوني وهران    تاقجوت يدعو إلى تأسيس جبهة عمالية قوية    نظام إلكتروني جديد لتشفير بيانات طلبات الاستيراد    نحو إنشاء بنك إسلامي عمومي في الجزائر    هل تُنصف المحكمة الرياضية ممثل الكرة الجزائرية؟    طاقة ومناجم: عرقاب يستقبل المستشار الدبلوماسي لرئيسة الوزراء الإيطالية المكلف بخطة ماتي    مشعل الشهيد تحيي ذكرى وفاة المجاهد رابح بطاط    رئيس الجمهورية يُبرز الدور الريادي للجزائر    الجزائر معرضة ل18 نوعا من الأخطار الطبيعية    درك بئر مراد رايس يفكّك شبكة إجرامية دولية    ملتقى وطني عن القضية الفلسطينية    أوسرد تحتضن تظاهرات تضامنية مع الشعب الصحراوي بحضور وفود أجنبية    منح 152 رخصة بحث أثري في الجزائر    المغرب: مركز حقوقي يطالب بوقف سياسية "تكميم الأفواه" و قمع الحريات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي/منافسة الأفلام القصيرة: أفكار الأفلام "جميلة وجديدة"    المجلس الأعلى للشباب/ يوم دراسي حول "ثقافة المناصرة" : الخروج بعدة توصيات لمحاربة ظاهرة العنف في الملاعب    حلف دول شمال إفريقيا..العمل يهزم الشعارات    منتجات البنوك في الجزائر تتطابق مع مبادئ الشريعة الإسلامية    سياسة الاحتلال الصهيوني الأخطر في تاريخ الحركة الأسيرة    بهدف القيام بحفريات معمقة لاستكشاف التراث الثقافي للجزائر: مولوجي:منحنا 152 رخصة بحث أثري على المستوى الوطني    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    الاحتلال يفشل في تشويه "الأونروا"    "حماس" ترد على مقترح إسرائيل بوقف إطلاق النار 40 يوما    محرز يقود ثورة للإطاحة بمدربه في الأهلي السعودي    اتفاق على ضرورة تغيير طريقة سرد المقاومة    إبراز أهمية إعادة تنظيم المخازن بالمتاحف الوطنية    بلومي يُشعل الصراع بين أندية الدوري البرتغالي    شباب بلوزداد يستنكر أحداث مباراة مولودية وهران    الشرطة تواصل مكافحة الإجرام    لا أملك سرا للإبداع    مصادرة 100 قنطار من أغذية تسمين الدجاج    إخماد حريق شب في منزل    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    استئناف حجز التذاكر للحجاج عبر مطار بأدرار    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعتمد على الدستور الحالي•• وكل دستور قابل للتعديل
حديث الرئيس "بوتفليقة" لصحيفة "العرب" القطرية:
نشر في الفجر يوم 13 - 04 - 2008

سؤال: هل لكم أن تفيدونا بلمحة حول واقع العلاقات الجزائرية القطرية، والتنسيق الجزائري القطري في القضايا العربية والإسلامية والدولية؟
جواب : العلاقات الجزائرية القطرية ممتازة متميزة على المستوى السياسي• إنها علاقات يطبعها الاحترام والتقدير وتبادل الزيارات على أعلى المستويات، والبلدان يعملان سويا على دفعها قدما، وعلى تعميق التشاور والتنسيق بينهما حول كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك• أما علاقات التعاون الاقتصادي، فإنها لم ترق بعد إلى مستوى العلاقات السياسية، ومن ثمة فهناك حاجة ماسة إلى تفعيل ما سبق، وأن رسا الإتفاق عليه خاصة في مجال الاستثمار والشراكة، وإلى تحريك اللجنة المشتركة التي لم تعقد سوى دورتين، كانت آخرهما في سنة 2002 بالجزائر• أما فيما يخص القضايا العربية والإسلامية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فيمكن القول: أن هناك تطابقا في وجهات نظر البلدين حول أهمها• إن الجزائر لم يفتها التنويه في حينه بتلك الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الشقيقة قطر، في مجلس الأمن الأممي، لما آلت إليها العضوية غير الدائمة سنتي 2006 - 2007، فضلا عن ذلك إنها حيت الوساطات التي قامت بها قطر، للمساعدة في حل بعض قضايا العالم العربي والإسلامي، خاصة في فلسطين، العراق، اليمن ولبنان، وهي ما انفكت من جانبها تدعم كل الجهود الخيرة، الرامية إلى إيجاد التوافقات اللازمة لحل هذه الأزمات•
سؤال: ما قولكم عن الاستثمارات القطرية في الجزائر ؟
جواب : أول ما يقال عن الاستثمارات القطرية في الجزائر، هو إنها ضعيفة ولا تتناسب ومستوى العلاقات المتميزة القائمة بين البلدين، ولا الإمكانات المتاحة، نظرا لما توفره الجزائر من فرص استثمارية في ميادين شتى، ولقدرات رجال الأعمال القطريين من حيث إمتلاكهم لرؤوس الأموال، وتحكمهم في أساليب التسيير العصرية، وما يتبعها من استعمال للتكنولوجيات الحديثة على أوسع نطاق• وبلغة الأرقام، سجلنا في سنة 2006 مشروعا استثماريا بقيمة 186 مليون دولار، يساهم فيه مستثمرون من دولة قطر الشقيقة، في مجال الخدمات، والأمر يتعلق بمركب متعدد الخدمات، يشمل مركزا للأعمال، شققا فندقية ومركزا تجاريا بضاحية باب الزوار بالجزائر العاصمة• كما سجلنا سنة 2007 مشروعا، بادر به سمو الشيخ "فيصل"، بقيمة 48 مليون دولار، يخص إنشاء مركز للأعمال بالحامة بالعاصمة كذلك• وفي نفس السنة، سجل مشروع آخر بقيمة 1,5 مليون دولار لتوسيع شبكة "ترست للتأمين"• كل هذه المشاريع على أهميتها لا ترقى إلى الدرجة التي تتناسب مع جودة العلاقات السياسية بين البلدين، ومع وفرة الإمكانات المتاحة لدى رجال الأعمال القطريين•
سؤال: ما قولكم في التنسيق الجزائري القطري ضمن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبيك) ؟
جواب : انضمت دولة قطر إلى هذه المنظمة (أوبك) سنة 1961، أي سنة واحدة بعدإنشائها، في حين أن إلتحاق الجزائر بها كان عام 1969• إن إنتاج البلدين مقارنة بإنتاج قيمة أعضاء المنظمة متواضع نسبيا، حيث إن الجزائر تنتج 1•4 مليون برميل يوميا، في حين يبلغ إنتاج قطر 0•8 مليون برميل• ومن حيث هما منتجان متوسطان، تمكن البلدان من القيام بدور متميز ضمن منظمة أوبك في مجال الوساطة والبحث عن الحلول التوفيقية، من أجل الحفاظ على انسجام المنظمة وفعاليتها، وقد تجلى ذلك في عدة مناسبات، وخاصة أثناء الفترات الصعبة التي مرت بها أوبك، والتنسيق، هذا يبرز بصفة جلية عندما تتولى الجزائر أو قطر رئاسة المنظمة• وعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما اقترحت الجزائر في أكتوبر 2006 فكرة عقد ندوة وزارية غير عادية للأوبك، لمواجهة احتمالات انهيار الأسعار، استجابت قطر وساندت الاقتراح الجزائري، داعية المنظمة إلى عقد الاجتماع بالدوحة، يوم 19 أكتوبر من نفس السنة• إن الجزائر وقطر تجمعهما ميزة على قدر كبير من الأهمية في دينامية أوبك، تتمثل في كون البلدين من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للغاز• إن التنسيق القائم بينهما ضمن أوبك من أجل استقرار السوق البترولية، تكون له أيضا انعكاسات إيجابية على صادراتهما من الغاز، طالما أن مستوى سعر الغاز في السوق الدولية مرتبط بسعر البترول، لذلك فإن التنسيق والتشاور بين البلدين في إطار منظمة أوبك يعود عليهما بالمنفعة على أكثر من صعيد• إن العلاقات الممتازة بين البلدين ضمن منظمة أوبك، أدت إلى توسيع فضاءات التشاور بينهما، بحيث شمل منظمات بترولية وطاقوية دولية عديدة، مثل المؤتمر العالمي للبترول، الذي ستحتضن الدوحة اجتماعه القادم عام 2011، والمنتدى الدولي للطاقة، الذي يتولى ترقية الحوار بين المنتجين والمستهلكين، وبطبيعة الحال، فإن التشاور بين البلدين دائم ومميز على مستوى قائديهما، لا سيما خلال الاجتماعات الدورية لرؤساء دول منظمة أوبك•
سؤال : نود الآن أن تحدثونا عن المشاريع الاقتصادية الكبرى التي أطلقتموها، ما هو تقييمكم لها؟
جواب : الرد على سؤالكم يقتضي الإنطلاق من البرنامج الخماسي 2005 - 2009، الذي يجري حاليا تنفيذه بالموازاة مع البرنامجين المخصصين للجنوب وللهضاب العليا، والغاية من الكل هي تطوير الهياكل القاعدية الاقتصادية منها والاجتماعية، من أجل دعم النمو الاقتصادي، وتعزيز قاعدة التنمية وتحقيق التوازن بين سائر أنحاء البلاد• رصد للبرامج العمومية المسجلة في الفترة الخماسية مخصص مالي يفوق اليوم 189 مليار دولار أمريكي بسعره الحالي• أما بقية المشاريع الكبرى إذا ما اعتمدنا مثلا مبلغ 150 مليون دولار كأدنى مقياس لكلفة المشروع الكبير، فيبلغ عددها اليوم 83 مشروعا، تمثل في جملتها 35% من مجموع رخص البرامج، التي انطلقت في الفترة ما بين سنتي 2005 و2008، وتتوزع بين القطاعات بنسبة 43 % للسكك الحديدية، و35 % للطرقات، و15 % لمشاريع الري الكبرى، و07 % لغيرها من القطاعات• وتجدر الإشارة، إلى أن قائمة المشاريع الكبرى هذه، لا تتضمن البرامج الهامة الجديدة للسكن (000 255 1 وحدة سكنية)، والتعليم العالي (000 520 منصب بيداغوجي، و500 374 سرير لإيواء الطلبة والطالبات)، والطاقة (تزويد 293721 مسكنا بالكهرباء، و994 263 مسكنا بالغاز الطبيعي) خلال الفترة الخماسية•
سؤال: هناك من يعلل ضعف الاستثمارات العربية في الجزائر بوجود مشاكل تعترضها ما قولكم؟
جواب : إن الجزائر جاهزة للاستثمار، ولديها إرادة صادقة للتطور، التقدم واستئناف ما تعطل إبان الأعوام الماضية، لأسباب مختلفة، وإن الإرادة هذه أحدثت تغييرا جذريا في الذهنيات وفي التعامل مع المستثمرين، وفي تهيئة الظروف والمناخ لقيام حركة استثمارية تساهم في التنمية، التي تسعى الجزائر لتحقيقها في غضون الأعوام القليلة المقبلة• من أجل ذلك، بادرت الجزائر بإجراءات عاجلة، دعمت من خلالها المد الإصلاحي، الذي انطلق في مطلع التسعينات، وأردفته بإصلاحات إضافية، لا سيما في مجال الإدارة والمال والاستثمار والعقار• شكل صدور العدة القانونية الجديدة الأرضية المثلى لتطوير حركة الاستثمار، وإعطاء المزيد من الحوافز والتشجيعات وإزالة العوائق الإدارية، التي تعترض المستثمر بصفة عامة والمستمثر العربي بصفة خاصة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالعقار• وتجدر الملاحظة، أن طبيعة بعض المشاريع التي يبادر بها أشقاؤنا العرب، تصب في خانة التطويرالعقاري على مستوى الجزائر العاصمة، وتطرح بعض المشاكل فيما يخص توفير الرقع العقارية لإنجازها، وما عدا ذلك، لا أعتقد أن المستثمرين العرب تواجههم عراقيل خاصة، وإن وجدت فنحن عازمون وماضون في القضاء عليها• إن الجزائر تفتح ذراعيها لهم، وسيجدون فيها كل الدعم والتشجيع، وقد حان الوقت لإقامة مشاريع شراكة بيننا في أي مجال يرغبونه• توفر الجزائر كما هائلا من فرص الاستثمار في قطاعات المال والبنى التحتية، وفي الصناعة، السياحة وقطاع الفلاحة وفي تقنيات الاتصالات والمعلوماتية، وفي مجالات الصيد البحري، والسكن والعمران وغيرها من المجالات الحيوية، التي تراهن عليها الجزائر وتعلق عليها آمالا عريضة• على سبيل المثال لا الحصر، هناك أشقاء وهم مشكورون، يبادرون بالإستثمار وفي تعداد هؤلاء شركات إماراتية، لكن نلاحظ أن مصر أصبحت أول مستثمر عربي في الجزائر، وذلك في مجالات مختلفة، من مثل الإتصالات، الكوابل، الحديد والصلب، الإسمنت والأسمدة، المناجم والعمران وغير ذلك، مما يجعلنا نرتاح لهذه المبادرات أكثر من غيرها• ومما لا شك فيه، أن الإستثمار هذا مجدٍ ومربح للشركات المصرية، ومفيد في نفس الوقت لتنمية الجزائر وتطويرها• في الواقع نحن لا نبحث على إستثمار يكتفي بحل بعض الإشكالات الإجتماعية لأجل مسمى، فالجزائر التي استعادت أمنها واستقرارها ومصداقيتها، تطمح بالطبع إلى المزيد من التنمية والثروة، في إطار ما نصبو إليه من خلق فضاءات اقتصادية، جديرة بالتخفيف مما يهددنا من تبعية دائمة، ويحق لنا أن نتساءل، إلى متى نبقى نعتمد على اقتصاد المحروقات، الذي لا يتميز بالديمومة ولا بالاستقرار•
سؤال: ما هي التوجهات التي تريدون إعطاءها للاقتصاد الجزائري في المرحلةالمقبلة ؟
جواب : في الواقع تهدف الإصلاحات الاقتصادية الجارية بالجزائر، خاصة منذ نهاية التعسينيات إلى بناء اقتصاد قوي، لا يعتمد على البترول والغاز الطبيعي، إقتصاد قوي ذي تنافسية عالية، يمكّن الجزائر من الإضطلاع بدور أساسي ومحوري على المستوى الجهوي أولا، ثم القاري والدولي• تسعى الجزائر اليوم لتطوير عدد من النشاطات الاقتصادية، التي تتمتع فيها بتنافسية كبيرة وهذا بانتهاجها الإستراتجيات اللازمة في شتى فروع الفلاحة، الصناعة، السياحة والخدمات، هذا ويفرض دخول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التطبيق، منذ أول سبتمبر 2005، وسعي بلادنا للانضمام لمنظمة التجارة العالمية، إتخاذ التدابير الضرورية الكفيلة بتقوية القدرة التنافسية للمؤسسات الاقتصادية والمالية العاملة في الجزائر•
سؤال: ما هي حصيلة سياسة المصالحة الوطنية في نظركم، على خلفية الوضع الأمني الراهن في الجزائر ومختلف التطورات التي عرفها؟
جواب : بدأت الجزائر مشوار استكمال استعادة السلم والإستقرار بسياسة الوئام المدني، التي توجت بمصالحة وطنية، زكاها الشعب عن بكرة أبيه، وهذا من أجل الحد من الأزمة الاجتماعية، وإشاعة الطمأنينة في النفوس، وفسح المجال أمام إستئناف تنمية البلاد إقتصاديا وإجتماعيا• وساهمت سياسة المصالحة التي إعتمدتها الدولة بنزاهةوإخلاص، بقدر كبير في إطفاء نار الفتنة داخل صفوف الشعب الواحد، ورجوع العديد من الشباب المغرر بهم، بمن فيهم الذين كانوا رهن السجون، ومن كانوا في حالة فرار من العدالة إلى أهلهم، وإعادة إدماجهم في أحضان المجتمع• وساهمت المصالحة أيضا بمساعدة أسر الضحايا على التغلب على مخلفات المحنة، وأعني بالضحايا جميع الأموات والمفقودين والمعطوبين، كما مكّن نهج المصالحة من نزع الغطاء السياسي عن الكثير من الجماعات الإرهابية، التي أضحت تنشط أساسا في حقل الإجرام واللصوصية، أو تعاطي الإعتداءات ذات الصدى الإعلامي، بما آل إلى عزل هذه العصابات الضارة الآثمة ونبذها من قبل الشعب بجميع فئاته•
سؤال : ما هي أسباب عودة الاعتداءات الإرهابية إلى واجهة الراهن المعيش في الجزائر، وعلاقة ذلك بالجبهة الاجتماعية؟
جواب : تقلص عدد الاعتداءات الارهابية بالجزائر كثيرا كما تعلمون، ومازالت المكافحة متواصلة على يد قوات أمن، طبقا للقانون، وبالمساعدة الفاعلة لفئات الشعب• سينقرض الارهاب في الجزائر، طال الزمن أم قصر، ولا يصح ربطه بوضع الجبهة الاجتماعية التي لا تختلف كثيرا عما هو موجود في العديد من البلدان المتوسطية أوالمجاورة• مع العلم أن المشاريع الاستثمارية الجاري حاليا تنفيذها بالجزائر، كفيلة بتحسين الحياة اليومية للمواطن، ورفع قدرته الشرائية، وفتح مناصب شغل للبطالين•
سؤال : ألا تحدثوننا عن تعديل الدستور الجزائري والانتخابات الرئاسية التي ستجري في العام المقبل ؟
جواب : أعتمد الدستور الجاري به العمل عام 1989، وعدل عام 1996، كل دستور قابل للتحسين من حيث مقاصده وأحكامه، على ضوء ما يكون قد نجم عنه من صعوبات في سير الدولة، وما يستجد من حاجة إلى توضيح العلاقة بين مؤسسات الدولة، وبين هذه الأخيرة والمجتمع، بما يسوغ بناء النظام الذي يتحقق به التجدد الوطني، وفق ما يصبو إليه الشعب من ديمقراطية حقة وحداثة ورفاهية• أما فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فسوف تتم في موعدها الدستوري بحول الله، وسنتخذ التدابير الضرورية لانجاحها، وتمكين المواطن الجزائري من ممارسة حقه في اختيار رئيسه عن قناعة وبكل سيادة وحرية•
سؤال : ماذا يمكن قوله الآن عن وضع العلاقات المغاربية
جواب : تربط الجزائر بدول المغرب العربي علاقات تاريخية وثقافية واستراتيجية، مبنية على الأخوة، حسن الجوار، التضامن، التعاون، الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية• إننا سعينا على الدوام من أجل أن تكون هذه العلاقات متميزة، من حيث إننا نعد هذه الدول امتدادا طبيعيا لتلك الأواصر التي رصت صف شعوبنا طيلة كفاحها المشترك ضد الاستعمار، وانعكاسا للمقومات المتجانسة، التي ينبني عليها كيان شعوب المغرب العربي، وتجسيدا لمصيرها المشترك• هناك سنة قوامها الحوار والتشاور السياسي بين قادة الدول المغاربية، حول القضايا الإقليمية والدولية، تترجم إرادتهم المشتركة في إقامة جو من الثقة والاستقرار، وهذا ما تعكسه معاهدات الأخوة وحسن الجوار المبرمة بين الجزائر وهذه الدول، والتي تدعمها آليات التعاون والتبادل في شتى المجالات، كالطاقة، الموارد المائية، الفلاحةوالموارد البشرية• في هذا الإطار شهدت علاقات الجزائر مع كل من تونس، ليبيا وموريتانيا تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، تجسد من خلال الاجتماعات الدورية التي عقدتها اللجان القطاعية للتعاون الثنائي، والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين والخبراءفي مختلف القطاعات• أما مع المغرب الشقيق، فإن العلاقات رهينة جمود، وليست لنا القدرة على تحريكها من جانب واحد• وفي هذا السياق، ما انفكت الجزائر تبدي استعدادها صادقة مخلصة، لتطوير علاقات التعاون بين البلدين، مع ترك معالجة مسألة تقرير مصير الصحراء الغربية لمنظمة الأمم المتحدة المسؤولة عن ايجاد حل عادل ومنصف لها• أما اتحاد المغرب العربي، الذي تعلّق شعوب المنطقة آمالها وطموحاتها عليه، فإنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه، خاصة فيما يتعلق بالاندماج والشراكة الاقتصادية، حيث إن المبادلات التجارية بين بلدانه لم تتعد 2 بالمائة من حجم تجارتها الخارجية، لا تتساوق من ثمة مع الرهانات والتحديات التي ستواجهها هذه البلدان مستقبلا، بفعل ضغوط العولمة المتسارعة ومقتضياتها• من هذا الباب، يتعين على دول الاتحاد أن تبادر إلى الاندماج، بوضع استراتيجية مشتركة للتنمية المستدامة، وبانشاء سوق مشتركة، ومنطقة للتبادل الحر، ومنطقة جمركية بنظام مالي متناسق• إن الأهداف هذه هي بالذات الأهداف التي تم تحديدها خلال قمة رؤساء دول الاتحاد المغاربي المنعقدة بليبيا سنة 1992، وإن مستقبل الاتحاد يبقى مرهونا بمدى اقتناع أعضائه بحتمية ارساء تعاون واندماج كلي وشامل، يعول على أثماره بالخير العميم•
سؤال: ما هو موقف الجزائر مما يحدث في لبنان، العراق، فلسطين ومشاريع السلام المطروحة على المنطقة؟
جواب : تتابع الجزائر باهتمام بالغ تطورات الأحداث في لبنان، بالنظر للمكانة الخاصة التي يتبوأها البلد الشقيق العضو المؤسس للجامعة العربية لدينا، والتي هي مصداق لعمق الروابط المتجذرة بين الشعبين الجزائري واللبناني• إن الجزائر لن تتوان قط في السعي مع الإخوة في لبنان، في إطار الجامعة العربية، لايجاد مخرج يحظى بقبول جميع الأطراف، ويضع حدا لشغور مؤسسة الرئاسة منذ نوفمبرالماضي، وما انفكت تدعو إلى ضرورة العودة إلى الحوار، باعتباره السبيل الأمثل لحل المسائل العالقة• وفي ظل الجهود العربية المتواصلة لتسوية المشكلة اللبنانية، ترأست الجزائراجتماع مجلس الجامعة العربية، المنعقد بالقاهرة يومي 5 و6 جانفي 2008، حيث أثمرت الجهود بتبني مبادرة تقضي بانتخاب قائد الجيش اللبناني "ميشيل سليمان" رئيسا للجمهورية، ثم تشكيل الحكومة وتعديل قانون الانتخاب• لقد تم الاتفاق على أن تسند إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، مواصلة جهوده في إطار تطبيق الحل العربي المقترح، بما يكفل ايجاد الصيغ التوافقية بين الأطراف والحفاظ على مصالح الجميع• أما بخصوص العراق، فقد اتسم موقف الجزائر قبل الاحتلال وبعده بالتوازن والعقلانية، آخذا بعين الاعتبار مصلحة الشعب العراقي والمنطقة عموما، من خلال تأكيد احترام الشرعية الدولية، ورفض استعمال القوة كأسلوب لحل الخلافات بين العراق والدول الغربية، النهج الذي تبين صوابه ومصداقيته، بالنظر إلى ما آلت إليه الأوضاع في هذا البلد الشقيق• وفي إطار العمل العربي المشترك، طالبت الجزائر بجدولة انسحاب القوات المتعددة الجنسيات، ودعت في أكثر من مناسبة إلى احترام حرمة ووحدة العراق الترابية واستقلاله وسيادته• كما أكدت على الدوام حرصها على ضرورة مواصلة الحوار بين كافة الفرقاء السياسيين، والجزائر تدعم أية إجراءات تدخل في إطار المصالحة الوطنية العراقية• ليست لنا سياسة إقليمية تخرج عن نطاق السياسة العربية المتبعة في إطارالجامعة العربية، لقد ساهمنا في كل مبادرات الجامعة، ونبقى على هذا الحال إلى أن يرأب الصدع وترجع المياه إلى مجاريها في العراق الشقيق• وأما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن الجزائر تقف على الدوام إلى جانب الشعب الفلسطيني، للمطالبة باسترجاع حقوقه المشروعة، طبقا للشرعية الدولية، ومؤتمر مدريد للسلام، والمبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت سنة 2002، وأكدتها قمة الرياض سنة 2007، وكذلك ما أتفق عليه في صنعاء• وتطالب الجزائر المجتمع الدولي وكافة الأطراف العربية والاقليمية المعنية بالصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، بالعمل على الرفع الفوري للحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في كافة المناطق• كما تدعوالجزائر الفرقاء الفلسطينيين إلى ايجاد حلول للخلافات الفلسطينية- الفلسطينية، وتحقيق توافق حول أرضية مشتركة بين الفصائل الفلسطينية، خاصة حركتي فتح وحماس• وتؤكد الجزائر على ضرورة إذعان اسرائيل لواجب ابداء نيتها الصادقة في تحقيق السلام، والعيش في أمان مع جيرانها في المنطقة، والجنوح إلى الموافقة على قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية، كخطوة أولى وضرورية تهيئ الأجواء لاستئناف عملية السلام في المنطقة بكافة مساراتها• ولما كنا حديثي العهد بعقد الدورة العادية العشرين لمجلس جامعة الدولةالعربية ، على مستوى القمة بدمشق، فإنه لا يفوتني أن أجدد الشكر للإخوة الأعزاء الكرام في سوريا قيادة وشعبا، على الجهود المضنية التي بذلوها من أجل إنجاح أعمال قمتنا، التي كانت بحق قمة موفقة• أجل لقد كانت قمة موفقة، بالنظر للظروف التي انعقدت فيها، وكانت موفقة نظرا لحجم التحديات والمخاطر والتهديدات التي نواجهها، وكانت أيضا موفقة، وأستطيع أن أقول هذا من حيث أنها تطرقت لموضوع ما فتئ يطرح نفسه علينا بحدة، ألا وهو موضوع العلاقات البينية العربية، وسبل إزالة ما عكر صفوها من مشاكل واختلافات• إنه بحق موضوع الساعة، الذي لا يحتمل التأجيل ولا التريث فيه، في ظل الظروف الحساسة التي نمر بها، فنحن اليوم في هذا الظرف العصيب بحاجة ماسة وحيوية إلى المصارحة والمكاشفة وفتح قلوبنا لبعضنا البعض، لنطرح بكل صدق وود وأخوة، ولنصفي في جو من الثقة والصفاء المآخذ التي شابت علاقاتنا، ونهتدي لأقوم السبل والوسائل لتفعيل تضامننا وعملنا المشترك، في سبيل الرقي بشعوبنا نحو غدٍ أفضل إن شاء الله تعالى• لقد كرسنا في إطار جامعة الدول العربية، طوال تاريخ العمل العربي المشترك رصيدا من النصوص والآليات والتجارب الكفيلة بأن تتيح لنا طرح كل قضايانا واحتواء مشاكلنا وايجاد العلاج المناسب لعلاقاتنا المضطربة، في إطار من الحوار الراشد والعقلاني، وبما يسهم في تفادي تطور هذه السلبيات إلى ما لا يحمد عقباه• لنفسح المجال إذن لعملنا العربي المشترك، وللاهتمام بقضايا أمتنا المصيرية في جميع مناحي الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعاية والثقافية، وفي هذا السبيل أناشد مخلصا كافة إخواني القادة العرب، داعيا إياهم إلى التمسك بالتضامن العربي وبجامعتنا العربية، واستلهام هذه الروح الايجابية الفعالة، التي أرستها قمة دمشق، من أجل تثمير قراراتها ومن أجل بناء عزة أمتنا•
سؤال: كيف تنظرون إلى تطور العلاقات مع فرنسا، وما هو الموقف من الاتحاد المتوسطي الذي يبشر به الرئيس الفرنسي ؟
جواب : لقد سمح تبادل الزيارات بين الجزائر وفرنسا على مستوى الرئيسين، سنتي2000 و2003 باعادة تأسيس الحوار السياسي والتعاون الثنائي بين البلدين، حيث توج هذا الانتعاش بالتوقيع على إعلان الجزائر بتاريخ 02 مارس 2003، مجسدا بطريقة رسمية التزام البلدين بإقامة شراكة مثالية، وتم تأكيد الالتزام خلال تبادل الرسائل مع الرئيس "ساركوزي"، بتاريخي 28 و30 ماي2007• في المجالات الاقتصادية والتجارية، شهدت العلاقات تطورا ملحوظا خاصة على مستوى المبادلات التجارية، التي بلغ حجمها 8,9 ملايير دولار سنة 2006، و09 ملايير دولار سنة 2007، كما بلغ حجم الاستثمارات الفرنسية في الجزائر، حسب الوكالة الوطنية الجزائرية لتطوير الاستثمار، في الفترة ما بين 2002 و2007 نحو650 مليون دولار، والمبلغ هذا يشمل 135 مشروعا استثماريا• لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية تمليها عوامل معقدة، وأبسطها التاريخ والجغرافيا، فهي هامة وستبقى هامة في كل الحالات• وبحكم انتمائها إلى الفضاء المتوسطي، وبفعل العلاقات الكثيفة التي تربطها بجل دول هذا الفضاء، تهتم الجزائر بكل ما يمت بصلة إلى هذه المنطقة، التي تعرف تجاذبات سياسية واقتصادية وبشرية بالغة الأهمية، وستعمل دائما على دعم كل ما من شأنه أن يترجم إرادة صادقة ومشتركة، للمضي قدما في ترسيخ وتقوية التعاون الناجع، والشراكة التي تعود بالمنفعة الفعلية على بلدان ضفتي البحر الأبيض المتوسط وشعوبها• ومن هذا المنطلق، فإن الجزائر تدرس باهتمام كبير كل جوانب مبادرة الرئيس الفرنسي وما يقترح لها من محتويات•
سؤال: بحكم انكم واحد من الزعماء الأفارقة الذين تصوروا وبادروا بالشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نبياد)، نود أن تقيموا لنا الأشواط التي قطعها هذاالمسار، الذي انتهجته القارة الافريقية منضوية تحت لواء الاتحاد الافريقي•
جواب : تقوم "النيباد" على مبادئ أساسها الحكم الراشد، واضطلاع الأفارقة بالمسؤولية عن أنفسهم بأنفسهم، والاستخدام الأمثل لموارد القارة، وترقية الاندماج الجهوي والقاري• ويتم تنفيذ هذا البرنامج بالتنسيق بين الاتحاد الإفريقي والمنظمات الجهوية ذات العلاقة، مما مكن إفريقيا من التموقع على الساحة الدولية، واكتساب صفة الشريك على تحقيق التنمية وعلى الاستغلال الأمثل لامكانياته• ومن باعث التزامها، قامت بلادي بتقديم مساهماتها على مستوى الهيئات الإفريقية والدولية للتعريف ب"النيباد" وتنفيذها، كما قامت بواجبها نحوالآلية الإفريقية للتقويم من طرف النظراء، بتقديم تقريرها في الآجال المحددة• وبعد ست سنوات من انطلاق "النيباد"، تم تحقيق عدة انجازات في ميادين السلم والأمن والحكم الراشد والهياكل القاعدية، تكنولوجيات الإعلام والإتصال، الفلاحة، العلوم والتكنولوجيا والصحة والتربية• أما بالنسبة لآفاق "النيباد" فيمكن القول إن إفريقيا تعلق آمالا كبيرة عليها، وهو ما أشارت إليه قمة التفكير للجنة تنفيذ المبادرة التي انعقدت بالجزائر في السنة الماضية، حيث قيّمت "النيباد" وسمحت بتحديد مختلف العراقيل التي تواجه تطبيقها، وسنحت هذه القمة كذلك بإعادة تنظيم العلاقة الهيكلية والوظيفية بين "النيباد" ومؤسساتها من جهة، ولجنة الاتحات الإفريقي ووسائلها من جهة أخرى، مع إلغاء أوجه التعارض بينهما، واسترجاع "النيباد" لوظيفتها كبرنامج لتنمية إفريقيا• وقد صادقت قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس أباب، في مطلع فيفري 2008، على قرارات قمة التفكير للجنة التنفيذ المذكورة المنعقدة بعاصمة الجزائر، وستعقد بحول الله في داكار يومي 15 و16 أفريل الجاري، قمة مصغرة لتدقيق ما تم عليه الإتفاق في هذا الشأن بالجزائر وأديس أبابا على حد سواء•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.