والي أم البواقي يكشف: مساع للتكفل بالمستثمرين عبر 17 منطقة نشاط    طرحوا جملة من الانشغالات في لقاء بالتكنوبول: مديرية الضرائب تؤكد تقديم تسهيلات لأصحاب المؤسسات الناشئة    عنابة: استحداث لجنة لمتابعة تهيئة الواجهة البحرية    ميلة: بعثة من مجلس الأمة تعاين مرافق واستثمارات    مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة: تطوير شرائح حيوية تعتبر الأولى من نوعها في العالم    أكّدت أن أي عملية برية ستؤدي إلى شل العمل الإنساني    الوزير الاول يلتقي عضو المجلس الرئاسي الليبي: الكوني يدعو الرئيس تبون لمواصلة المساعي لتجنيب ليبيا التدخلات الخارجية    يُبرز التطور الذي عرفه قطاع البناء في الجزائر: 900 مشارك في الطبعة 26 لصالون باتيماتيك    وزير الداخلية إبراهيم مراد يشرف على تمرين مشترك ويؤكد: يجب تجسيد التعاون بين الحماية المدنية في الجزائر و تونس    دعا الدول الاسلامية إلى اتخاذ قرارات تعبر عن تطلعات شعوبها: الرئيس تبون يشدّد على محاسبة مرتكبي جرائم الحرب    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    مساع لتجهيز بشيري: الهلال يرفض الاستسلام    البطولة الإفريقية للسباحة والمياه المفتوحة: 25 ميدالية بينها 9 ذهبيات حصيلة المنتخب الوطني    رئيس الاتحادية للدراجات برباري يصرح: الطبعة 24 من طواف الجزائر ستكون الأنجح    مديرية الاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة المراسل الصحفي عبد الحليم عتيق    إشادة وعرفان بنصرة الرئيس تبون للقضية الفلسطينية    وزيرة الثقافة زارتها بعد إعلان مرضها    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي    الجزائر تدفع إلى تجريم الإسلاموفوبيا    خارطة طريق لضمان التأطير الأمثل للحجاج    خبراء جزائريون يناقشون "الهندسة المدنية والتنمية المستدامة"    24 ألف مستثمرة فلاحية معنية بالإحصاء الفلاحيّ    3 شروط من أجل اتفاق شامل ومترابط المراحل    مضاعفة الجهود من أجل وقف العدوان الصهيوني على غزة    مهنيون في القطاع يطالبون بتوسيع المنشأة البحرية    توقُّع نجاح 60 ٪ من المترشحين ل"البيام" و"الباك"    على هامش أشغال مؤتمر القمة 15 لمنظمة التعاون الإسلامي ببانجول: العرباوي يجري محادثات مع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي    الفلاحة.. طريق مفتوح نحو الاكتفاء الذاتي    بعد رواج عودته الى ليستر سيتي: إشاعات .. وكيل أعمال محرز يحسم مستقبله مع الأهلي السعودي    برنامج الجزائر الجديدة في حاجة إلى المؤمنين بالمشروع الوطني    موقع إلكتروني لجامع الجزائر    طريق السلام يمرّ عبر تطبيق الشرعية الدولية    إقبال واسع على معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط    غرق طفل بشاطئ النورس    انتشال جثة شاب من داخل بئر    خلاطة إسمنت تقتل عاملا    من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الأنترنت الدرك الوطني يحذّر..    عمورة في طريقه لمزاملة شايبي في فرانكفورت    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    نجوم جزائرية وعالمية تتلألأ في سماء عاصمة الهضاب    الدكتور جليد: التاريخ يحتاج لأسئلة معرفية جديدة    ثلاث ملاحم خالدة في الذّاكرة الوطنية    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاءً    دراجون من أربع قارات حاضرون في "طواف الجزائر"    دليل جديد على بقاء محرز في الدوري السعودي    غيريرو يغيب عن إيّاب رابطة أبطال أوروبا    بموجب مرسوم تنفيذي : إنشاء القطاع المحفوظ للمدينة العتيقة لمازونة بولاية غليزان وتعيين حدوده    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: 21 فيلما قصيرا يتنافس على جائزة "السنبلة الذهبية"    "معركة الجزائر" تشحذ همم الطلبة الأمريكيين للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة    التوعية بمخاطر الأنترنت تتطلب إدراك أبعادها    الجزائر تستنفر العالم حول المقابر الجماعية بغزّة    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاتح نوفمبر 1954 ليلة خالدة أشرقت على نعيم الحرية
"السياسي" تقف عند أبرز المحطات التاريخية التي عاشتها الجزائر
نشر في المشوار السياسي يوم 31 - 10 - 2011

ارتأت السياسي من خلال ذكرى الفاتح من نوفمبر 1954، العودة إلى أهم الأحداث التاريخية الخالدة على مر السنين، التي مرت بها ثورتنا المجيدة، من أجل الحصول على الحرية، والانتصار على المستعمر الغاشم، والتي ضحى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد. الجزائر غداة الغزو الفرنسي كانت الجزائر خلال العهد العثماني من أقوى الدول في حوض البحر الأبيض المتوسط، كما كانت تحتل مكانة خاصة في دولة الخلافة هذه إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مكنها من ربط علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم، بل وهي أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789م وبالثورة الأمريكية بعد استقلالها عن التاج البريطاني عام 1776م. كان الاسم الحقيقي للدولة الجزائرية هو «أيالة الجزائر» وأحيانا اسم «جمهورية الجزائر» أو «مملكة الجزائر»، وبهذه الأسماء أبرمت عشرات المعاهدات مع دول العالم، كما بلغ أسطولها البحري قوة عظيمة، حيث استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة في المتوسط، يضمن أمن الدولة الجزائرية خاصة، والدولة العثمانية عامة، وبصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية في هذا البحر، وهو ما جعل الدول الأوربية تعمل على إنهاء هذا النظام، تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى ب «القرصنة» التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوروبيين بموافقة دولهم ومؤازرتها لهم. في حين أن ذلك كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري الذي انطلق منذ القرن الخامس عشر والذي دخلت الجزائر من أجله ضمن «الخلافة العثمانية» وتحت حمايتها وبمحض اختيارها. لقد بادرت فرنسا فى «مؤتمر فيينا» 1814/1815م، بطرح موضوع «أيالة الجزائر» فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة فى مؤتمر «إكس لا شابيل» عام 1819م حيث وافقت 30 دولة أوربية، على فكرة القضاء على «دولة الجزائر» حيث أسندت المهمة إلى فرنسا وإنكلترا، وبدأ تحين الفرص حتى تمكنت بحرية البلدين من تدمير الأسطول الجزائري فى معركة «نافاران» سنة 1827م، حيث كان في نجدة الأسطول العثماني وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على البحر الأبيض المتوسط. وكان القرار النهائي بشن الحملة قد اتخذ يوم 30 جانفي 1830م، حيث قام الملك الفرنسي شارل العاشر بتعيين كل من الكونت دي بورمون قائدا عاما للحملة، والأميرال دوبري قائدا للأسطول، وفي ماي 1830م حررت الحكومة الفرنسية وثيقتين لتبرير حملتها، الوثيقة الأولى موجهة للدول الأوربية، والثانية للشعب الجزائري، تعلن فيها أن حملتها تستهدف تأديب العثمانيين وتحرير الجزائريين من سيطرتهم. وفي 25 ماي 1830م انطلقت الحملة الفرنسية تجاه الشواطئ الجزائرية، ووصلت الحملة إلى شاطئ سيدي فرج يوم 13 جوان 1830م وشرعت في عملية الإنزال مباشرة في اليوم الموالي. الاستعمار الفرنسي للجزائر احتلت فرنسا الجزائر عام 1830، وبدأت في السيطرة على أراضيها، في 8 سبتمبر 1830، حيث أعلنت كافة الأراضي الأميرية، وأراضي الأتراك الجزائريين، على أنها أملاك للدولة الفرنسية، وفي 1 مارس 1833، صدر قانون يسمح بنزع ملكية الأراضي التي لا توجد مستندات لحيازتها، كما نشرت مراسيم ساعدت الفرنسيين على السيطرة على أملاك الأوقاف، وتم السيطرة على الأراضي، على نطاق شامل مثل مرسوم 24 ديسمبر عام 1870، الذي يسمح للمستوطنين الأوروبيين بتوسيع نفوذهم إلى المناطق التي يسكنها الجزائريين، وإلغاء المكاتب العربية في المناطق الخاضعة للحكم المدني. سقوط العاصمة وبداية الاحتلال في 14 جوان 1830، نزلت القوات الفرنسية بشبه جزيرة سيدي فرج غرب العاصمة، بعد أن أعدت جيشا يضم 40 ألف جندي من المشاة والخيالة، مزودين بأحدث أدوات الحرب، وأسطولا يتكون من 700 سفينة، وقد اختار الفرنسيون هذا الموقع لحرصهم على مباغتة مدينة الجزائر بالهجوم عليها برا، نظرا لصعوبة احتلالها من البحر، فقد صمدت طيلة قرون أمام الأساطيل الغازية. شجعت فرنسا الأوروبيين على الاستيطان والاستيلاء على هذه القرارت، قرار سبتمبر 1830 الذي ينص على مصادرة أراضي المسلمين المنحدرين من أصول تركية، وكذلك قرار أكتوبر 1845 الظالم، الذي يجرد كل من شارك في المقاومة، أو رفع السلاح أو اتخذ موقفا عدائيا من الفرنسيين وأعوانهم، أو ساعد أعداءهم من قريب أو بعيد من أرضه. وقاموا بنشاط زراعي واقتصادي مكثف، حاول الفرنسيون أيضا صبغ الجزائر بالصبغة الفرنسية والثقافة الفرنسية، وجعلت اللغة الفرنسية اللغة الرسمية ولغة التعليم بدل اللغة العربية، كما حول الفرنسيون الجزائر، إلى مقاطعة مكملة لمقاطعات فرنسا، حيث نزح أكثر من مليون مستوطن (فرنسيون، إيطاليون، إسبان...) من الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، لفلاحة السهل الساحلي الجزائري، واحتلّوا الأجزاء المهمة من مدن الجزائر. كما اعتبرت فرنسا كل المواطنين ذوي الأصول الأوروبية، (واليهود أيضا) مواطنين فرنسيين كاملي الحقوق، لهم حق في التمثيل في البرلمان، بينما أخضع السكان العرب والبربر المحليون، (عرفوا باسم الأهالي) إلى نظام تفرقة عنصرية. المقاومة الشعبية ضد فرنسا بمجرد أن وطأت الجيوش الفرنسية أرض الجزائر في القرن ال19، هب الشعب الجزائري الرافض للسيطرة الأجنبية للدفاع عن أرضه، قائما إلى جهاد نادت إليه الحكومة المركزية، وطبقة العلماء والأعيان. تركزت المقاومة الجزائرية في البداية على محاولة وقف عمليات الاحتلال، وضمان بقاء الدولة، لكن معظم هذه المحاولات باءت بالفشل نظرا لعدم توازن القوى، وتشتت الثورات جغرافيا، أمام الجيوش الفرنسية المنظمة، التي ظلت تتزايد وتتضاعف لديها الإمدادات. استمر صمود الجزائريين طوال فترة الغزو متمثلا في مقاومات شعبية، تواصلت طيلة القرن التاسع عشر إلى بداية القرن العشرين، ومن أهم الثورات المسلحة خلال هذه الفترة : -مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري، والتي امتدت من 1832 إلى 1847 وشملت الشمال الجزائري، معسكر، تلمسان، المدية، بسكرة، مليانة. -مقاومة أحمد باي، من 1837 إلى 1848 وشملت منطقة قسنطينة. ثورة محمد بن عبد الله الملقب بومعزة، من 1845 إلى 1847 بالشلف، والحضنة، والتيطري. -مقاومة الزعاطشة، من 1848 إلى 1849 بالزعاطشة (بسكرة)، والأوراس، ومن أهم قادتها بوزيان (بوعمار). مقاومة الأغواط، وتقرت، من 1852 إلى 1854 تحت قيادة الشريف محمد بن عبد الله بن سليمان. -ثورة القبائل، من 1851 إلى 1857 بقيادة لالة فاطمة نسومر، والشريف بوبغلة، الذي انطلق من منطقة العذاورة. -ثورة أولاد سيدي الشيخ، من 1864 إلى 1880 بواحة البيض، وجبل عمور، ومنطقة التيطري، سور الغزلان، والعذاورة، تيارت، بقيادة سليمان بن حمزة، أحمد بن حمزة، سي لتعلي. -مقاومة الشيخ المقراني، من 1871 إلى 1872 بكل من برج بوعريريج، مجانة، سطيف، تيزي وزو، ذراع الميزان، باتنة، سور الغزلان، العذاورة ،الحضنة. -ثورة 1871 في جيجل والشمال القسنطيني. -مقاومة الشيخ بوعمامة، 1881 إلى 1883 وشملت عين الصفراء، تيارت، سعيدة، عين صالح. -مقاومة التوارق، من 1916 إلى 1919 بتاغيت، الهقار، جانت، ميزاب، ورقلة، بقيادة الشيخ أمود. المقاومة السياسية في بداية القرن العشرين، بلغت السيطرة الاستعمارية في الجزائر ذروتها رغم المقاومة الشعبية التي شملت كامل أنحاء الوطن، وبدا دوي المعارك يخف في الأرياف ليفتح المجال أمام أسلوب جديد من المقاومة التي انطلقت من المدن. يعود الفضل في ذلك إلى ظهور جيل من الشباب المثقف الذي تخرج من جوامع الزيتونة والأزهر والقرويين، ومراكز الحجاز، وعمل على نشر أفكار الإصلاح الاجتماعي والديني، كذا دفعات من الطلاب الجزائريين، الذين تابعوا تعليمهم باللغة الفرنسية، واقتبسوا من الثقافة الغربية طرقا جديدة في التفكير، وقد حملت تلك النخبة من المثقفين على عاتقها مسؤولية قيادة النضال السياسي، وقد تميز أسلوبها بميزتين رئيسيتين وهما الأصالة والحداثة، مما أدى إلى بزوغ اتجاهين في صفوفها، احداهما محافظ والثاني مجدد، نادى المحافظون بالاحتفاظ بقوانين المجتمع الجزائري والشريعة الإسلامية، وطالب الإصلاحيون بحق الشعب في الانتخابات البلدية والبرلمانية لتحسين ظروفه، وقد اعتمد كل من الاتجاهين أساليب جديدة في المقاومة تمثلت في الجمعيات والنوادي والصحف. من جهة أخرى، نشطت الحركة الوطنية على الصعيد السياسي، فاتحة المجال أمام تكوين منظمات سياسية تمثلت في ظهور تيارات وطنية شعبية وتأسيس أحزاب سياسية من أهمها، حركة الأمير خالد، حزب نجم شمال أفريقيا (1926)، وحزب الشعب الجزائري (1937)، وجمعية العلماء المسلمين (1931) وقد عرفت مرحلتين هامتين: مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية: تميزت بمطالبة فرنسا بالتنازل عن الحقوق للجزائريين. مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية: اتجهت فيها الآراء إلى توحيد الجهود للمطالبة بالاستقلال. كما ظهرت في الثلاثينيات حركة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي كانت بمثابة مدرسة تخرج منها العديد من قادة الثورة التحريرية. مجازر 8 ماي 1945 غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية، بسقوط النظامين النازي والفاشي، خرجت الجماهير عبر كافة دول العالم تحتفل بانتصار الحلفاء، وكان الشعب الجزائري من بين الشعوب التي جندت أثناء المعارك، التي دارت في أوروبا، وقد دفع العديد من الأرواح ثمنا للحرية، لكن هذه الأخيرة (الحرية) اقتصرت على الدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا التي نقضت عهدها مع الجزائريين، بمنحهم الاستقلال مقابل مساهمتهم في تحررها من الاحتلال النازي. فخرج الجزائريين في مسيرات تظاهرية سلمية، لمطالبة فرنسا بالوفاء بالوعد، وكان رد هذه الأخيرة بالسلاح والاضطهاد الوحشي، ضد شعب أعزل، فكانت مجزرة رهيبة شملت مدن سطيف، وقالمة وخراطة، سقط خلالها ما يزيد عن 45.000 شهيد. فأدرك الشعب الجزائري، أنه لا حرية له، ولا استقلال، إلا عن طريق النضال والكفاح المسلح. اندلاع الثورة التحريرية في 23 مارس 1954 تأسست اللجنة الثورية لوحدة العمل، بمبادرة من قدماء المنظمة السرية، وبعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، وقد جاءت كرد فعل على النقاش العقيم، الذي كان يدور حول الشروع في الكفاح المسلح وانتظار ظروف أكثر ملائمة، فباشر مؤسسوها العمل فورا، وعينوا لجنة مكونة من 22 عضوا حضرت للكفاح المسلح، وانبثقت منها لجنة قيادية تضم 6 أعضاء، حددوا تاريخ أول نوفمبر 1954، موعد لانطلاق الثورة التحريرية، وأصدروا بيانا يوضح أسبابها وأهدافها وأساليبها. في ليلة الفاتح من نوفمبر من سنة 1954، شن ما يقارب 3000 مجاهد ثلاثين هجوما في «تعمارية»، وقد توزعت العمليات على معظم أنحاء التراب الوطني، حتى لا يمكن قمعها كما حدث لثورات القرن التاسع عشر، بسبب تركزها في جهات محدودة، وعشية اندلاع الثورة أعلن عن ميلاد «جيش وجبهة التحرير الوطنين»، وتم إصدار بيان يشرح طبيعة تلك الأحداث ويحدد هدف الثورة، وهو استعادة الاستقلال، وإعادة بناء الدولة الجزائرية. هجوم 20 أوت 1955 يعتبر هجوم 20 أوت 1955 بمثابة، نفس جديد للثورة، لأنه أبرز طابعها الشعبي، ونفى الادعاءات المغرضة للاستعمار الفرنسي، ودفع الأحزاب إلى الخروج من تحفظها والانضمام إلى جبهة التحرير، إذ عمت الثورة العارمة جميع أجزاء الشمال القسنطيني، واستجاب الشعب تلقائيا، بشن عمليات هجومية باسلة استمرت ثلاثة أيام كاملة، كلفت تضحيات جسيمة في الأرواح، لكنها برهنت للاستعمار والرأي العالمي، بان جيش التحرير قادر على المبادرة، وأعطت الدليل على مدى تلاحم الشعب بالثوار. مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 حققت جبهة التحرير الوطني في بداية نشاطها إنجازات هائلة، مما شجعها على مواصلة العمل التنظيمي، فقررت عقد مؤتمر تقييمي لسنتين من النضال، وذلك في 20 أوت 1956 في أغزر المناطق بوادي الصومام، وقد كرس المؤتمر مبدأ القيادة الجماعية، مع الأولوية للقيادة العسكرية، والنضال داخل التراب الوطني، كما قررت تمكين الجبهة من فرض نفسها كممثل شرعي للشعب الجزائري، أمام دول العالم وهيأته، وذلك عبر مؤسستين هامتين وهما المجلس الوطني للثورة الجزائرية، وهو الهيئة العليا، التي تقوم مقام البرلمان، ولجنة تنسيق الشؤون السياسية والعسكرية، وهيكلة جيش التحرير الوطني، وتقسيم الجزائر إداريا إلى ست ولايات. أحداث قرية سيدي يوسف 8 فيفري 1958 شهدت الثورة الجزائرية خلال
السنوات الثلاث الأولى من اندلاعها، تصاعدا معتبرا في تكثيف المحاولات العسكرية من طرف الاستعمار، لإخماد المقاومة بشتى وسائل الدمار، وقد تمثلت تلك المحاولات في القمع الوحشي للجماهير عبر الأرياف والمدن، ومن بين العمليات الوحشية التي قام بها الجيش الفرنسي، من أجل عزل المجاهدين وعرقلة وصول الأسلحة والمؤن إلى داخل الوطن، قصف قرية سيدي يوسف التونسية، الواقعة على الحدود الجزائرية يوم 8 فيفري 1958 حيث قامت القوات الاستعمارية بشن هجمات عنيفة بطائراتها الحربية، تسببت في إبادة عشرات الأبرياء من المدنيين التونسيين، والجزائريين، لكن تلك الحادثة لم تنل من عزم الشعب الجزائري على مواصلة كفاحه، كما أنها لم تؤثر قط على أواصر الأخوة، والمصير المشترك، الذي كان لا يزال يربط بين البلدين والشعبين الشقيقين. الحكومة الجزائرية المؤقتة 19 سبتمبر 1958 مواصلة للجهود التنظيمية للهيئات السياسية التي تقود الثورة، تم يوم 19 سبتمبر 1958 من طرف لجنة التنسيق والتنفيذ، الإعلان عن تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، كإحياء للدولة واستعاده للسيادة، وقد يظهر جليا انه أصبح للشعب الجزائري ممثل شرعي ووحيد. مظاهرات 11 ديسمبر 1960 صعّد الشعب الجزائري مواقفه لتصبح علنية، استجابة لنداءات جبهة التحرير الوطني منذ أول نوفمبر 1954، فقام بإضرابات ومظاهرات للتعبير عن رأيه، والتأكيد على وحدته ونضجه السياسي، وقد بدا ذلك جليا خلال مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي شملت كافة التراب الوطني، وقد انطلقت تلك المظاهرات الوطنية يوم 10 ديسمبر من حي بلكور الشعبي بالجزائر العاصمة، حيث خرج المتظاهرون يحملون الإعلام الوطنية، ويهتفون باستقلال الجزائر، وشعارات مؤيدة لجبهة التحرير الوطني، فحاصرتهم القوات الاستعمارية محاولة عزل الحي عن الأحياء الأوروبية، وفي اليوم التالي تدخلت قوات المظليين، فأطلقت النارعلى الجماهير مما أدى إلى خسارة في الأرواح، ولكن ذلك لم يمنع المظاهرات من الانتشار إلى بقية أحياء العاصمة، وبعدها إلى معظم المدن الجزائرية، حيث برهن الجزائريون خلالها، على وقوفهم صفا واحدا وراء جبهة التحرير الوطني. أحداث 17 أكتوبر 1961 تحتفظ الذاكرة الجماعية بتاريخ 17 أكتوبر 1961، يوم خرج مئات الجزائريين بالمهجر في تظاهرات سلمية، تلبية لنداء فيدرالية حزب جبهة التحرير الوطني بفرنسا، فووجهوا بقمع شديد من طرف السلطات الفرنسية، ما أدى إلى قتل العديد منهم، ويمثل هذا التاريخ اليوم الوطني للهجرة، تخليدا لتلك الأحداث الراسخة على صفحات التاريخ الجزائري. التفاوض ووقف إطلاق النار أظهرت فرنسا التوافق التام لمبدأ التفاوض، ثم أخذت تتراجع من جراء تزايد عنفوان الثورة وتلاحم الشعب مع الجبهة، من خلال المظاهرات التي نظمت في المدن الجزائرية وفي المهجر، وجرت آخر المفاوضات بصفة رسمية ما بين 7 و 18 مارس 1962 بمدينة ايفيان السويسرية، والاستفتاء حول الاستقلال، وتوجت أخيرا بالتوقيع على اتفاقية ايفيان ودخل وفق إطلاق النار، حيز التنفيذ يوم 19 مارس 1962 على الساعة 12 ظهرا. الاستقلال ونيل الحرية استمرت الثورة متحدية كل أنواع القمع، التي تعرضت لها في الأرياف، والمدن من أجل ضرب ركائزها، وتواصل الكفاح المسلح إلى جانب العمل المنظم، من أجل جمع التبرعات المالية وتوزيع المناشير وغيرها، بقي الشعب الجزائري صامدا طيلة سنوات الحرب، يقاوم شتى أنواع البطش، من اعتقالات تعسفية، وترحيل وغيرها مبرهنا بذلك على إيمانه بحتمية النصر. وفي الفاتح من جويلية من عام 1962 تجلى عزم الشعب الجزائري على نيل الاستقلال عبر نتائج الاستفتاء التي كانت نسبتها 99.7 بالمائة نعم، وتم الإعلان عن استقلال الجزائر يوم 3 جويلية 1962، وهو اليوم الذي أكدت فيه للمستعمر هزيمته على يدها في نفس يوم دخوله، ليقول أبناء الشعب الجزائري، هو اليوم الذي دخلتم فيه أعزة، فأخرجوا فيه أذلة لتحتفل الجزائر كل سنة باستقلالها وتنغص على بعض الأطراف الفرنسية احتفالاتها وتمجيدها للمستعمر بتذكيرها بيوم الإذلال على يد عمالقة المقاومة الجزائرية في 5 جويلية من عام 1962.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.