تحولت العديد من الأسواق وأرصفة الطرقات الرئيسية بمختلف البلديات وحتى الولايات المجاورة إلى فضاءات تجارية تعرض فيها فاكهة التين الشوكي، الذي يتزامن جنيه وهذا الموسم، وهي الفرصة التي وجد فيها الكثير من الأطفال والشباب ضالتهم للخروج من أزمة البطالة، ولو بشكل مؤقت، من أجل تأمين بعض المصاريف، خاصة وان موعد الدخول المدرسي قد اقترب، ما دفع بالكثيرين لتحدي مخاطر جني هذه الثمار من أجل الاسترزاق والحصول على بعض المصاريف لمساعدة أوليائهم وسد حاجياتهم اليومية، وفي خضم هذا الواقع الذي تشهده العديد من طرقات العاصمة، تقربت السياسي من بعض الشباب والأطفال الذين يمتهنون هذه المهنة لمعرفة رأيهم في الموضوع. أطفال يبيعون التين الشوكي استعدادا للدخول المدرسي يتقاسم العشرات من أبناء الفئات المعوزة بالمناطق النائية هموم أوليائهم المتعلقة بالمصاريف اليومية، وبالأخص مصاريف الدخول المدرسي، حيث تتواصل متاعب الأطفال اليومية، فيقضون عطلة الصيف بدلا من الراحة والاسترجاع، في العمل ومساعدة أوليائهم في توفير الزاد لفصل الشتاء وخصوصيات بعض المناطق وتوفرها على مساحات شاسعة من التين الهندي، ما يجعل هذه المادة مكسب قوتهم، فيتجهون كل صباح إلى الحقول وإحضار كميات مختلفة من الفواكه الموسمية، وخاصة التين الشوكي، لعرضها للبيع على أرصفة الطرقات أو بالسوق اليومي. وقد عرفت مهنة بيع التين الشوكي، خلال هذه الأيام والمتزامنة واقتراب الدخول المدرسي الجديد، انتعاشا كبيرا وسط الأطفال حيث أضحى التين الهندي هو الرزق المناسب إن لم نقل الوحيد لعشرات الأطفال باختلاف أعمارهم ومن الجنسين العامل الأساسي لتوفير مستلزمات تجهيزات الدخول المدرسي. وأمام هذا الوضع الذي تشهده العديد من شوارع العاصمة، اقتربت السياسي من بعض الأطفال الذي وجدناهم يعرضون هذه الفاكهة على قارعة الطرقات، فاقتربنا من منير الذي لا يتجاوز سنه ال15 عاما والذي كان بصدد التحضير لعرض الفاكهة على الطاولة لبيعها فقال إن الظروف الاجتماعية القاسية التي نمر بها في الأسرة دفعتني لبيع التين لمساعدة عائلتي قصد شراء بعض اللوازم الضرورية الخاصة بالبيت وحتى أتمكّن من شراء مستلزمات الدخول المدرسي ، وغير بعيد عن منير، التقينا بطارق بأحد الأحياء ببلدية الشراڤة والذي كان مستلقيا تحت ظل الشجرة ينتظر إقبال الزبائن على شراء هذه الفاكهة لعل وعسى ان يسترزق ببعض المصروف الذي يمكّنه من إعالة عائلته المعوزة حيث قال بفضل هذه المهنة الموسمية التي أقوم بها في كل سنة، أتمكّن من شراء بعض الملابس . وبالرغم من صعوبة المسالك وامتلاء هذه الفاكهة البرية بالأشواك، إلا انه، وكما يقول طارق، أصبحت يداه متعودتان على الشوك فهو لا يشعر بالألم، وبذلك، يقوم ببيعها بخمسة دنانير للحبة الواحدة، لتأمين مصاريف الدخول المدرسي الذي هو على الأبواب. وتحت لفحات الشمس الحارقة في عربات خشبية، وجدنا عمي رابح يعمل لكسب قوت عياله بعدما ضاقت به وسدت في وجهه كل الأبواب لإيجاد منصب شغل دائم، مضيفا انه يبيع الفواكه في الصيف ويلجأ في باقي أيام السنة للعمل في ورشات البناء وحمل البضائع في أسواق الجملة. التين الشوكي يستقطب الزبائن بأسعاره المغرية وعن الأسعار الخاصة بهذه الفاكهة الموسمية، يقول أحد الباعة ممن التقينا بهم في جولتنا الاستطلاعية إن سعر هذه الفاكهة لا يتجاوز ال10 دج، فهي فاكهة في متناول الجميع مقارنة بالأسعار المرتفعة لباقي أنواع الفاكهة الأخرى ، وتبقى في الأخير عبارة الهندي والموس من عندي واللي ما عندوش يدي والسماح من عندي ، من أشهر ما يتغنى به تجار هذه الفاكهة لجلب أكبر عدد ممكن من الزبائن. وعن ذات المهنة، يضيف المتحدث ان مهنة بيع التين الشوكي تتطلب قدرة على تقشيره وتقطيعه نظرا لطبيعته الشوكية، حيث تصعب إزالة شوكه في حال ولوجه إلى مسامات الجلد، حتى أن وجود بعض الرياح يكفي لتطاير تلك الأشواك، الأمر الذي يفرض على ممارس هذه المهنة أن يكون شديد الحذر أثناء تقشيره له، ولكن هناك من يبيعه بدون تقشير، ليبقى على المستهلك أخذ الإحتياطات اللازمة لذلك، ولكن لا ينكر أحد أن تجارة هذه الفاكهة وفرت فرص الاسترزاق خلال الصيف، وقبيل الدخول المدرسي ولو بشكل مؤقت مما يمكّنهم من توفير بعض المصاريف. ومن المظاهر التي انتشرت مؤخرا عند طاولات بيع الهندي هو عدم مقاومة بعض الأفراد للهندي عند شرائه، حيث يطلبون من البائع تقشيره ويأكلونه في الحين، فأصبحت فاكهة للأكل السريع. ..وخبراء يعترفون بفوائده فعلى غرار الأخطار بسبب طبيعته الشوكية، يؤكد العديد من الخبراء والمختصين أن ثمرة التين الشوكي الناضجة تحتوى على نسبة حوالي 14 % من وزنها سكريات، 1,5 % من وزنها بروتينات، ونسبة مرتفعة جدا من فيتامين (أ)، وفيتامين (ج)، وكميات متنوعة وكافية لاحتياجات الجسم اليومية، بالإضافة إلى انها تحتوي على مقادير كبيرة من الأملاح المعدنية المختلفة، وخاصة الفسفور والكالسيوم، وبذلك تعتبر ثمار التين الشوكي مغذية جدا، كما أن منافعها الإيجابية على صحة المستهلك زادت من درجة الإقبال عليها، حيث يعتبر من الأغذية الغنية بالبوتاسيوم والمغنيزيوم ويساعد على تقوية وبناء العظام بشكل سليم، كما يساعد متناوليه على تحمل العطش ويقلّل من الشعور بالظمأ، ولانه يحتوي على نسبة عالية من عنصر البوتاسيوم، فهو يُساعد على إنقباض العضلات وإحداث حالة من التوازن والهدوء العصبي.