من لا يقبل الانتقادات لا يمكنه أن يكون فنانا ناجحا أكد فنان المالوف جمال بن سمار بأن انتقاداته الفنية للوضع الذي آلت إليه موسيقى المالوف ، هو انتقاد من أجل تحسين هذه الموسيقى و لا يطال أشخاصا بحد ذاتهم . و أعرب الفنان القسنطيني، في سياق حديثه ، عن أسفه لأنه لحد اليوم لم يتمكن من تكوين الشباب تكوينا صحيحا ، وذلك راجع لاعتبارات مادية كثيرة ، حالت دون تخصيص أماكن للتكوين بمعايير عالية . وأشار إلى أن التلقين كان في وقت مضى بالسماع فقط ، حيث تعلمت الأجيال القديمة من أفواه الشيوخ الكبار. مضيفا أن التغيرات و التطورات التي حدثت في هذا العصر ، ساهمت في تغيير نظرة الشباب نحو الفن بصفة عامة و المالوف بصفة خاصة. الفنان لم يخف تفاؤله المستمر بالمالوف ، كموسيقى لديها سمعتها الخاصة في العالم ، داعيا إلى تبني مناهج علمية لتكرس استمرارية الموسيقى العارفة القسنطينية ، معللا ذلك بأن هذا الطابع يعتمد على الكفاءات بالدرجة الأولى، لأن الفن لا تصنعه البيئة ، بل هو موهبة من عند الله يضعها في عباد معينين. لكن هناك ظروف تساعد على ظهوره ، كما يمكن أن تكون سببا في موت و وأد هذا الفن . داعيا في سياق حديثه ، إلى تأطير حقيقي للفنانين من خلال تفعيل التواصل ما بين أجيال المالوف المختلفة. بن سمار الذي يعتبر من عمداء المالوف المعروفين في قسنطينة ، يرى بأن الانتقادات ، خاصة السلبية منها، هي التي تجعل الفنان يتواضع و يتطور ، مشيرا في سياق حديثه أن لا أحد يمكنه أن يستمر طويلا في القمة ، فهو بين حالة صعود ونزول ، حيث أن البقاء في القمة لم يتح إلا للذين تعبوا ، و تعلموا الموسيقى على أصولها ، و لم تحبطهم الانتقادات ، بل زادت من عزيمتهم الفنية. ونفى جمال بن سمار من جهة أخرى وجود احتكار من قبل عائلات فنية بعينها للمالوف ، معتبرا هذا الطابع أكبر من أن يختزل في اسم عائلة فنية ، خاصة وأن المالوف هو فن لديه عشاقه ومتتبعيه الغيورين عليه. محذرا في سياق حديثه ، من اعتبار فن المالوف مهنة ، يقتات منها الفنان مؤكدا :» الفن ليس مهنة و إذ اعتبر كذلك ،فإنه يؤثر على المستوى العام للفنون، فالفن يفسد العمل الإبداعي، وهو ما سينعكس على نوعية الفن، و يؤثر على خواصه وأسسه الجمالية المعبرة عنه. وانتقد الوضعية العامة التي أضحى عليها الفن بشكل عام في الجزائر، مشيرا إلى انعدام الإمكانيات المادية التي أعاقت بشكل كبير التقاء الفنانين ببعضهم البعض، و الإطلاع أكثر على التطورات الفنية والموسيقية، و أكد بأنه يخجل حين يأتي فنان من مدينة بعيدة ويلتقي به في مقهى عمومي ، معتبرا الوضعية الراهنة لا تساعد على تعليم الأجيال، مضيفا بأن مراكز تعليم المالوف غير متوفرة حاليا بالشكل المطلوب.