إعتبرت الخبيرة في العلاقات الدولية منصورية مخفي أن زيارة العمل التي سيشرع فيها الأربعاء المقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر هي إشارة لاستئناف الحوار "بعد سنوات من الجمود و سوء التفاهم و الشكوك". و في حديث لولج عشية زيارة الرئيس هولاند صرحت المتحدثة أن "صدى هذا الحوار مرهون بالطريقة التي سيتم بها خلال هذه الزيارة بحث المسائل محل سوء التفاهم لأنه رغم توفر مناخ أنسب لاستئناف الحوار منذ انتخاب هولاند في مارس 2012 تبقى هناك قضايا هامة يجب تسويتها". و ترى مخفي أنه "في حالة إيجاد مجال للتفاهم حول هذه المسائل سيصبح بإمكاننا التحدث عن "استئناف سريع للعلاقات". من جهة أخرى أكدت مخفي و هي مسؤولة برنامج الشرق الأوسط-المغرب العربي بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية تقول "لكن يجب أن نبقى واقعيين: إن المسائل محل نزاعات عديدة و الماضي مؤلم و الظرف الإقليمي تغير (...) و هي عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار قبل الشروع في تصور استئناف سريع للعلاقات الفرنسية-الجزائرية". و بخصوص تدهور العلاقات الفرنسية-الجزائرية التي قد توحي حسب البعض بالأزمة العميقة للعلاقات الاورو-متوسطية إعتبرت هذه الخبيرة في العلاقات الدولية أن الأزمة التي سادت بين فرنسا و الجزائر "لا مثيل لها في العلاقات الأخرى الاورو-متوسطية". في نفس الاتجاه كشفت المتحدثة أن " لتدهور المستمر لهذه العلاقات خلال السنوات الأخيرة يندرج في الإطار الخاص بالعلاقات الفرنسية-الجزائرية و مرتبط بالإجراءات المتخذة (من الجانب الفرنسي: قانون سنة 2005 حول+ الدور الايجابي للاستعمار+ و تقليص عدد التأشيرات و من الجانب الجزائري القاعدة 49/51 المتعلقة بالاستثمار الأجنبي). كما أن هذا التدهور في العلاقات مرتبط حسب قولها بمعالجة مسألة الذاكرة و الأشخاص (نفور شديد اثارته تصريحات و أعمال ساركوزي). كما يعود هذا التدهور في العلاقات حسب قولها أيضا إلى "المواقف الحساسة (مساندة فرنسا للمغرب في نزاع الصحراء الغربية و التدخل الغربي في ليبيا) و كذا للمناخ العام بفرنسا المرتبط ب"تفاقم ظاهرة معاداة الإسلام" التي تتطرق إليها الصحافة الجزائرية بانتظام. من جهة أخرى أوضحت مخفي "إن هذا الظرف الخاص ساهم في تدهور العلاقات و غذى هذا المناخ المتميز بالحذر و الشكوك و الذي يضر بالعلاقات السياسية و الاقتصادية " بين البلدين. و بخصوص مسألة الذاكرة أكدت مخفي أنه "سيتم تناولها" و أنه "لا مفر منها عن الجانب الجزائري". و أشارت مخفي أن الحكومة الجزائرية أعلنت ذلك بوضوح إنها تنتظر توضيحات للانطلاق من جديد على أسس جديدة. في حين أن الجانب الفرنسي أبدى استعداده للنظر إلى الأمام و ليس إلى الخلف وتجاوز ذلك التاريخ "الذي يمنع المستقبل". و حسبها "نجهل ما سينجم عن هذا الاختلاف في وجهات النظر" حيث أشارت إلى انه "رغم كل معاني الود التي أبداها هولاند للجزائر لا شيء يسمح بالتفكير أنه سيسلك التوجه الجزائري" كونه "يأخذ في الحسبان الرأي العام الفرنسي المعارض في أغلبيته لاعتذارات و الهيئة الناخبة للأقدام السوداء التي ما تزال هامة". و علقت تقول في هذا الصدد أن "هذه القضية ما تزال مطروحة على بساط النقاش و ما زال كل من الطرفين متشبث بمواقفه حيث أن هولاند لا يبدو مستعدا لأكثر من الاعتراف" بقمع مظاهرة الجزائريين يوم 17 أكتوبر 1961 "الذي لم يكن له الصدى المرجو و الحكومة الجزائرية التي جعلت منها مسألة اجتماعية لا يمكنها عدم التطرق لها أو العدول عنها". و ترى مخفي أن "سوء التفاهم" بشأن هذه المسألة الخاصة بالذاكرة "ما يزال كبيرا وعكر صوف العلاقات بين البلدين لحد الآن. و سيستمر في تعكير صفو مناخ هذه العلاقات رغم كل الإرادات الحسنة في حالة عدم تسويته". و بشان رهان معاهدة صداقة بين فرنساوالجزائر إعتبرت أن "معاهدة صداقة تعتبر المشروع الطموح الذي أجهض و الذي ينبغي التحرر منه". و أضافت انه رغم العلاقات التي تربط البلدين قد يستحسن الخروج من إطار "ودي لم يستطع يوما أن يحقق بين الحكومات و إن كان موجودا بين الشعوب". و ترى أنه سيكون من الحكمة "وضع العلاقة حيث تكون مفيدة و مثمرة أكثر" أي في مجالات التجارة و الاستثمارات و تحويل التكنولوجيا و التربية و العلوم ... "لما فيه مصلحة الجزائر والجزائريين عوض انتظار مناخ أو معاهدة صداقة". و إعتبرت أن ذلك سيكون ربما بداية علاقات أكثر وضوح بالنسبة للطرفين مع رئيس فرنسي يقول أنه "عادي" و يريد دون شك علاقات "عادية" فقط مع الجزائر و ليس استثنائية أو خاصة. سيقوم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يومي 19 و 20 ديسمبر بزيارة عمل للجزائر.