قدمت فرقة ''دوقة'' لقصر الثقافة بالمالي، أول أمس، على ركح محي الدين بشطارزي، مسرحية ''نهاية القسم''، كتب نصها الراحل سو عصمان، وأخرجها للفن الرابع المسرحي سادا سيسوكو الذي أبدع في الإبحار نحو عمق النفس البشرية وهي تصارع فجورها وتقواها في قصة تراجيدية بالغة المفاجأة، تروي فجيعة الانتصار لسلطة الانتقام على حساب عمر من الحب والأخوة قائلا للناس إن قطرة الدم لا يمكن أن تذوب لتصير قطرة عطر·· كانت نهاية فجائعية قد تفهم باعثها الجواني ولكن لا يمكن أن تقبل حضورها كسلطة في التعامل الإنساني عبر قانون جدلية الثأر· مسرحية ''نهاية القسم'' تحكي مأساة نسجت ببراعة على منطق المفاجأة الصادمة التي تبدع إمتاعا فنيا رغم التراجيديا التي تلقي بها في النفس، وهي تسقط في حمى الانتقام ودوائره المغلقة برائحة الدم، دوائر مفتوحة في ذات الإبان على النهايات الدامية المجنونة توقعها قصة صديقين جمعت طول العشرة بينهما ليكونا أخوين هما دونيكي وفاكولي، ولكن يحدث أن يفجع هذا الأخير وهو برفقة صديقه بنبأ مقتل أبيه الملك الديكتاتوري، ليعقد العزم على الأخذ بثأر أبيه من القتلة، ويعلن صديقه دونيكي بدافع الحب والأخوة دعمه لفاكولي في الأخذ بثأر والده المغدور· المفاجأة التي أحالت العرض إلى فاجعة حقيقية لا فكاك منها لتكون نقلة أخرى في المسار الدراماتيكي للعرض على العموم هي اكتشاف الحقيقة المرة، ومفادها أن القاتل المطلوب للثأر هو في النهاية والد دونيكي الصديق الأعز لفاكولي، ومن هنا تأخذ المسرحية بعدا تراجيديا آخر على الأداء الذي ينقل حالات إنسانية معقدة حد التناقض والجنون· فاجعة الثأر في عرض ''نهاية القسم'' التي هيمنت قصتها على حساب فنون العرض الأخرى كانت مشهدا للمأساة بامتياز، كون فاكولي لم يتمكن من فك هذه الحالة المعقدة بين واجب الأخذ بالثأر لأبيه الملك و فجيعة أن يقتل صديقه الأعز دونيكي انتقاما ، ولكن الانتصار الذي ساهم فيه مستشارو فاكولي كان حبلا من دماء قرر أن يلفه على رقبة صديقه قائلا الدم لا يمطر إلا دما، وتلك هي مأساة البشرية المستمرة إلى يوم الناس هذا، وتلكم هي القصة التي تقول ما أشبه الليلة بالبارحة وتصور الإنسان الخراب·