أسدل الستار، نهاية الأسبوع، على الأيام السينمائية بالجزائر العاصمة التي دامت خمسة أيام استمتع فيها الجمهور العاصمي المتشوق لمشاهدة أفلام سينمائية بالقاعات، خمسة عشر عرضا منوعا من أفلام روائية طويلة، أفلام قصيرة، أشرطة تسجيلية ووثائقية لمخرجين جزائريين ولأجانب من فرنسا، إيطاليا، السينغال، أفغانستان، مصر، لبنان، فلسطين والمغرب، وذلك بمعدل ثلاثة عروض في اليوم، تخللتها مناقشات وندوات حول مواضيع تهم السينما، كتابة سيناريو، فن التركيب السينمائي والإنتاج، نشطها أساتذة مختصين في الميدان· توجت هذه المشاركة بتكريم أحسن وأهم الأعمال التي شدت انتباه الجمهور الذي حضر بقوة، الأفلام تميزت بجرأة كبيرة في طرح قضايا اعتبرت من الطابوهات والخطوط التي لا يجب تخطيها، على سبيل المثال، فيلم ''الغابة'' للمخرج المصري أحمد عاطف، ''طفل كابول'' للمخرج الأفغاني برماك أكرم والشريط التسجيلي ''هيدا'' من لبنان للمخرجة اللبنانية إيليان الراهب و''جنوب'' للمخرج الفلسطيني حسن نزار· خاتمة الأيام كانت بتوزيع الجوائز على الفائزين في المسابقة الوطنية لأحسن سيناريو التي نظمتها جمعية المخرجين المستقلين -لنا الشاشات- والتي تمت تحت إشراف لجنة مختصة ضمت أحسن السينمائيين من كتاب ومخرجين من الجزائر، مصر والمغرب· الجوائز تمثلت في أجهزة كمبيوتر محمولة وكاميرات احترافية وبعثة شهر تربص إلى فرنسا حظيت بها الفائزة الأولى في السيناريو الفيلم المطول الآنسة مريم منوري بعنوان ''الحفرة ما دومش''، أما جائزة أحسن فيلم قصير كانت من نصيب الآنسة ياسمين شويخ بعنوان ''الجن'' الذي تم الاتفاق على بداية تصويره لعرضه في الأيام السينمائية في طبعتها الثانية، حسب تصريح رئيس جمعية ''لنا الشاشات''، بالإضافة إلى منح شهادات تحضيرية وتشجيعية لبعض المشاركين بأعمال قصيرة والذي كان من ضمنهم صحفيين، عبد الكريم تازاروت من ''ألجيري نيوز'' وعبد العزيز إسعد من ''ليبرتي''· جدير بالذكر أن هذه الأيام السينمائية تميزت بجهد محترم عبر حسن اختيار الأعمال المعروضة على الجمهور خاصة شريط المخرج السوري الكبير الراحل مصطفى العقاد ''من حلب إلى هولييود'' وغيرها من العروض التي احترم فيها ذوق الجمهور. وما يؤخد على هذه الأيام أنها لم تخرج بتوصيات تؤسس لأيام الطبعة الثانية بطريقة أحسن وإهمال أحد أهم شروط النقد السينمائي، وهو مناقشة تقنيات الكتابة السينمائية في الندوة الخاصة بوضعية السيناريو في المغرب العربي وتقيدها فقط بمشكل أي لغة يكتب السيناريو، والتركيز على النقد الأيديولوجي للفيلم أو العمل بدل مناقشة تقنيات التصوير والكتابة. في حين نجحت جمعية ''لنا الشاشات'' إلى حد بعيد في مغامرتها الممتعة التي ستساهم في بعث السينما الجزائرية، سينمائيا نقول جمعية ''لنا الشاشات'' هي عودة الابن الضال بعد عقم السينما الجزائرية· ''برافو''·· لنا الشاشات إن الأيام السينمائية في طبعتها الأولى بالجزائر العاصمة مبادرة تفتح الشهية لكل مبدع سينمائي يحمل فكرة أو قصة أن يغامر ويفجر طاقاته ومواهبه الكامنة بداخله، والإمكانيات لا تهم بقدر أهمية وجود إرادة وجرأة في محاولة خوض تجربة ليست مستحيلة، فالمطلوب فقط ورقة، قلم وكاميرا صغيرة ولا حاجة لك بالأستديو أو الديكور - انزل إلى الشارع ففي صدر كل جزائري مليون قصة - على حد تعبير فقيد السينما العربية يوسف شاهي ، وهي الرسالة التي أرادت تبليغها جمعية لنا الشاشات للجمهور، حيث أبدت استعدادها لفتح الأبواب أمام كل موهبة والتكفل بها ووضعها عند إشارة الانطلاق· فالأيام نجحت إلى حد كبير في بعث روح السينما في القاعات المهجورة منذ سنين وجمع شتات الجمهور السينمائي الذي فقد متعة مشاهدة أفلام سينمائية في القاعات، ومهما تكن الأخطاء والنقائص فهي دليل على النجاح بشرط تداركها والمحاولة من جديد·· انطباعات الدكتور محمد بن صالح (أستاذ السينما بجامعة مستغانم) إن مبادرة الأيام السينمائية بالجزائر العاصمة أعادت لنا أجواء المهرجانات السينمائية الكبرى التي كانت تنظمها الجزائر بمختلف الولايات كمهرجان البحر الأبيض المتوسط بعنابة، تبسة، قسنطينة ووهران، أتمنى تكرار مثل هذه التظاهرات والتأسيس لها لتتخذ صبغة المهرجانات الكبرى· أحمد عاطف (مخرج مصري) هناك مواهب سينمائية جزائرية شابة لمحتها من خلال بعض السيناريوهات التي قرأتها بحكم أنني عضو لجنة انتقاء أحسن سيناريو، هذه المواهب إن تعتني بها الدولة وتنتج لها أفلاما روائية كبيرة تعيد للسينما الجزائرية مجدها، فهناك عبقرية سينمائية جزائرية سترسم ملامح سينما جديدة· سليم أقار (رئيس جمعية المخرجين المستقلين ''لنا الشاشات'') هذه الأيام كانت مغامرة جميلة تم اكتشاف خلالها عدة أفلام نشاهدها لأول مرة ومواهب جديدة في كتابة السيناريو، شيء رائع أن ترى القاعات ممتلئة وهدفنا هو نشر ثقافة سينمائية، ولا أفوت فرصة شكر جميع من ساهم في إنجاح هذه الأيام من ممولين، صحفيين وتحية خاصة ليومية ''الجزائر نيوز'' التي قدمت دعما محترما للتظاهرة· حسن نزار (مخرج فلسطيني) رغم العدد الكبير للسيناريوهات المكتوبة باللغة الفرنسية إلا أن اللغة لا تهم بقدر أهمية وجود قصة مهمة وهادفة تناقش فكرة أو تطرح قضية للنقاش تستحق أن تناقش وتحوّل إلى فيلم، ولأول مرة أجد اهتماما من هذا النوع بالسينما حتى أصبحت أرى نفسي مخرجا كبيرا·