مجلس التجديد الإقتصادي الجزائري/الدخول المدرسي: المتعاملون يلتزمون بتوفير الأدوات واللوازم المدرسية بأسعار معقولة    وزير الطاقة والمناجم يستقبل وفدا عن الشركة الجزائرية-البرتغالية "تكنيوديف إنجينيرينغ"    العدوان الصهيوني على غزة: غوتيريش يدين هجوم الإحتلال على أفراد من الأمم المتحدة ويدعو لفتح تحقيق معمق    العدوان الصهيوني: التخلص من القنابل غير المنفجرة المنتشرة في جميع أنحاء غزة قد يستغرق 14 عاما    تندوف: وزير الأشغال العمومية يتفقد المشاريع الهامة والإستراتيجية للقطاع    ملاكمة/أولمبياد 2024-الدورة العالمية التأهيلية الأخيرة: أربعة ملاكمين جزائريين يحضرون لموعد بانكوك    سياسة الرئيس تبون الاقتصادية والإصلاحية فرضت الاعتراف الدولي    تحسبا للدورة 18 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بالبرتغال: قوجيل يوصي بمواصلة الدفاع عن مواقف الجزائر    خلال مؤتمر دبلوماسي بجنيف: الجزائر تلفت الانتباه إلى ما يواجهه شعب فلسطين من تدمير لتراثه    ارتكب المزيد من المجازر المروعة في اليوم 220 من العدوان    يشارك في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية: عطاف يحل بالمنامة بتكليف من رئيس الجمهورية    موجهة لقتل المدنيين في الصحراء الغربية و فلسطين: شركات صهيونية لإنتاج طائرات «درون» في المغرب    رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي يؤكد: التسيير بالأهداف أحد الرهانات الكبرى لإصلاح النظام الميزانياتي    مجلس قضاء العاصمة يفتح تحقيقا في القضية: توقيف 7 أشخاص إثر وفاة 5 أطفال غرقا بمنتزه الصابلات    رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص الدكتور مرغمي كريم للنصر: وضعنا برنامجا للتصدي لحملات تشويه المنتوج الوطني من الأدوية    طواف الجزائر الدولي للدراجات - 2024    الفاف حضرت لهذه السفرية مسبقا: ترسيم لقاء الخضر و أوغندا بكامبالا    قبل 4 جولات من نهاية بطولة الوطني الثاني: شبح السقوط يهدد 9 فرق والقاعدة الشرقية تحت ضغط عال    نتوقع 10 ملايين مسافر نهاية 2024    الجزائر : الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية بىسطاوالي الإطاحة بشبكة إجرامية تتاجر في المخدرات    انطلاق ملتقى دولي حول جودة الحياة والسلم الاجتماعي بتيسمسيلت    بمناسبة إشرافها على افتتاح أشغال ملتقى حول الأسرة،كوثر كريكو: نثمن التنسيق ببن قطاعي التضامن والعدل حفاظا على الاستقرار الأسري    صناعة : السيد عون يدعو إلى استكشاف الأسواق الأجنبية    بن ناصر يتألق    أرسنال أمام لحظة نادرة جدا.. والسيتي جاهز لتخطي العقبة    "الفاف" تكشف عن مكان وموعد اللقاء    غويري يتحدث عن تجربته مع رين ومنصبه المفضل    مطالب المقاومة في المفاوضات محل إجماع وطني وشعبي    ارتياح لظروف الامتحانات التجريبية    عنابة: الفريق الطبي ينجح في إجراء 6 عمليات جراحية معقدة    انطلاق أسبوع التوجيه المدرسي    وهران تحتفي ب"الراي"    لفن التصوير ضوابط على مُمارسها إتقانها    هكذا تجلّت الهوية الفلسطينية في الأدب الجزائري..    قصف صهيوني مكثف من جباليا إلى رفح    45 ألف فلسطيني ما بين شهيد ومفقود    70 مخالفة تعدٍّ على المحيط    وفد كيني يزور منشآت مجمّع "سوناطراك"    اتفاقية تعاون بين الجزائر العاصمة ومرسيليا    الموافقة على تعيين سفيري الجزائر بفيتنام وأوغندا    الجزائر تشارك في اجتماع اللجنة الإفريقية للتجارة والسياحة والصناعة    اقتراح مشاريع بعنوان قانون المالية 2025    رغم الوفرة أسعار الخضر ملتهبة    سيارة تدهس الملاكم الأسطورة موسى مصطفى    مكافحة المخدرات: التأكيد على تعزيز ثقافة الوقاية وتنسيق الجهود بين الفاعلين في المجال    بتكليف من رئيس الجمهورية.. عطاف يشارك بالمنامة في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية    ضرورة الإسراع في إتمام دراسة إنجاز مخطط تثمين الموقعين الأثريين "كولومناطا 1 و 2 " بسيدي الحسني    مجلس قضاء الجزائر : توقيف 7 أشخاص في حادثة غرق أطفال بمنتزه الصابلات    سيدوم إلى غاية 15 ماي الجاري.. عرض أولى الأفلام القصيرة المتنافسة على جوائز مهرجان ايمدغاسن    معرض فني لاستذكار مساره الإبداعي : "لزهر حكار .. حياة" مهرجان من الألوان المتلاحمة تحكي نصا حياتيا    وضع تصوّر لسوق إفريقية في صناعة الأدوية    هذا موعد تنقل أول فوج من البعثة إلى البقاع المقدسة    ضرورة خلق سوق إفريقية لصناعة الأدوية    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرجعية القيم واشكالية التنازع
نشر في الجزائر نيوز يوم 29 - 06 - 2009

إشكالية الديني والعقلاني هي إشكالية التوافق المفقود في الفكر العربي على امتداد مسيرته التاريخية الطويلة، هي إشكالية لم نصل بعد لحلها بسبب تطرف كل تيار وتعصبه لما يراه صوابا· صحيح أن هناك الكثير من المحاولات التوفيقية التي تمت على امتداد التاريخ العربي الإسلامي
لإيجاد توافق مفقود، بين أنصار العقل وأنصار النص أو النقل، إلا أنها لم تأتي بنتيجة ملموسة· في حين أنه في الأصل لا تعارض بين الاثنين، كما يؤكد على ذلك الفلاسفة ( ابن رشد) والفقهاء ( ابن القيم الجوزية)·
ولكن الفكر العربي المبني على الثنائيات الحدية التي تنفي أحداها الأخرى بالضرورة أوقع العقل العربي والإسلامي في مأزق حضاري رهيب لم نستطع تجاوزه رغم كل الجهود المبذولة، وهده الثنائيات الحدية في القبول كما في الرفض نجدها تتجلى اكثر ما تتجلى في مجال القيم الاجتماعية· فبما أن القيم الاجتماعية هي نتاج سيرورة تاريخية، تبدأ من المجتمع وتنتهي إليه فإن النظر إليها بمنظار واحد ووحيد أمر غير مقبول بتاتا ، لأن المجتمع بصفة عامة يميل للقولبة والتماثل، ويستجيب أكثر للدعوات التي تحترم يقينياته ومعتقداته في نفس الوقت تجد حلولا لأزماته ومآزقه، أي أن أفراد المجتمع البسطاء مثاليون وبراغماتيون في الوقت نفسه، وهذا تناقض ظاهري على المستوى الفكري، إنما على المستوى السلوكي العام، تتعايش المثالية التي تجد مرجعها في الدين والهوية ، والبراغماتية التي تسعى لتلبية رغبات وطموحات الأفراد حتي غير المشروعةئ دون إحساس بهذا التناقض؛ فالتعبير عن التناقض يكون من طرف النخب الفكرية، وإدراك هذه النخب لذاك التناقض الاجتماعي يجعل لكل فئة من هذه النخب أنصار وموالون ، أي أن المفكر أو الداعية الذي يشتغل في ظل هذا التناقض على اتجاه واحد، يستطيع إيجاد الكتلة الاجتماعية المكونة من أفراد وجماعات، التي تتبنى أطروحاته كما هي بواحديتها، وبانغلاقها أيضا· وهذا الأمر يجعل القضايا المطروحة علينا لا تجد حلها الذي يرضي كل الأطراف ولو بشكل نسبي·
الدين مكون أساسي في الوعي الاجتماعي، وهو الأقدر من ضمن كل المكونات الأخرى التي تتشكل منها الهوية الوطنية التي تصاغ على هديها القيم الاجتماعية، هو الأقدر على التجييش وجلب الأنصار الذين يقفون في وجه الدعوات الخارجة عن تعاليمه او التي تفهم على أنها خارجة عن هذه التعاليم·
يمكن أن نعطي مثالا عن هذه الحالة: دعوة الأستاذة بن براهم لتقنين الدعارة· الهدف الذي أعلنت عنه بن براهم كذريعة لدعوتها هو حماية المجتمع من الفساد الذي يستشري فيه ، وهو مبرر عقلاني محض لم يراعي مشاعر عامة المواطنين الذين يرون في الأمر تكريسا للفساد بقوة القانون، وهو نفس رأي رجال الدين كما عبر عنه رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبد الرحمان شيبان· ردود الفعل الشعبية كانت في غالبيتها ترى في هذه الدعوة مروقا لا يمكن تقبله وهذا الرأي هو نتيجة الدور الكبير والخطير الذي يلعبه الدين في حياة أفراد المجتمع أي أنه رفض من منطلق ديني محض دون الاهتمام بالجوانب الأخرى، التي يمكن أن تكون حاملة لبعض الفوائد، لهذا خبا النقاش دون أن يحدث تغييرا ملموسا، لأنه رفض بشكل كبير من طرف القوى الإسلامية والمحافظة، كما أن المواطنين عبروا بصمت في كثير من الأحيان عن الرفض، ولم يتبنى الطرح النقيض سوى قلة من العلمانيين الذين نظروا للأمر بمنظور عقلي براغماتي محض مجرد من أي صلة ممكنة أو محتملة بالدين·
والنتيجة التي نصل إليها من خلال ذاك النقاش، هي أن الديني ما زال قادرا على التحكم في المجتمع ولو من خلال قنوات الدين الرسمي ( وزارة الشؤون الدينية، وجمعية العلماء المسلمين، المجلس الإسلامي الأعلى)، الديني بعد أن كسب المعركة يبدو انه مستعد أكثر للتعبير عن مواقفه بصراحة وصلابة اكبر وأيضا بنوع من الانغلاق، وهذا ما عبر عنه النقاش الأخير حول زيارة الشاعر العربي الكبير ادونيس للجزائر وما أثارته محاضرته المعنونة ب : /من أجل ممانعة جذرية وشاملة / ، حيث كان رد جمعية العلماء المسلمين حادا وقاسيا وتفسيقيا للشاعر وللمكتبة الوطنية التي استضافته، ونفس الأمر بالنسبة للنقاش الدائر حول إلغاء عقوبة الإعدام، حيث الديني حاضر برفضه لكل المقترحات التغييرية سواء على مستوى الأفكار أو القوانين·
وحين نحاول مقاربة الفكرة التي طرحتها الأستاذة بن براهم مثلا من منظور ديني واجتماعي ماذا نجد من معطيات؟
بعض الإحصاءات الغير رسمية تقول أنه يوجد بالجزائر العاصمة وحدها 8000 بيت دعارة غير مقنن) شقق مفروشة، ملاهي ليلية، فنادق تسمح بدخول الأزواج غير الشرعيين بالإضافة للحدائق العامة)، وبالتالي فتقنين هذه الظاهرة في مقابل محاربة الفوضى، التي تخلقها تلك الدور غير المقننة يعتبر مقبول منطقيا، ومرفوض في المقابل دينيا· الدعارة هي أقدم مهنة في التاريخ صحيح أنها كانت موجودة قبل الإسلام وفي صدر الإسلام وبعده، ولكن بشكل غير مقنن، الإسلام لم يقننها بل عمل على محاربتها نصا لكنها ظلت موجودة واقعا· قننت في دول كثيرة، حماية للمجتمع من تفشي الأمراض الجنسية وتفشي الأمراض الناتجة عن الكبت، مثلا الأستاذة بن براهم دافعت عن أطروحتها بحجة أن الكبت وراء بروز ظاهرة البيدوفيليا واختطاف الأطفال والاغتصاب وزنا المحارم، بالإضافة للعلاقات الجنسية العادية خارج إطار الزواج· تبدو هذه الحجج مقنعة من الناحية العقلية، وحين نظيف لها متغير العدد، أي مدى انتشار الظاهرة، تصير الدعوة للتقنين أكثر إلحاحا، خصوصا في ظل تنامي ظاهرة العزوبة ومظاهر العري والفسق في المجتمع، وغيرها من المظاهر التي تؤجج الرغبة، ولكن حين نعود للمتغير الديني، نجد المجتمع يميل دوما للستر عملا بالمبدأ الديني: إذا عصيتم فاستتروا
لهذا فالمجتمع يرفض نشر غسيله، وفضح ممارساته الغير شرعية بقوة القانون، يريد أن يمارس كل الموبقات، لكن في سرية تامة، تسمح له بادعاء الطهر والملائكية، حين يتطلب الموقف منه مثل هذه الادعاءات· هي ازدواجية المجتمع، فالقيم المجتمعية تكون عادة مثالية وبراغماتية في الوقت نفسه، دون أن يحس الفرد العادي بالتناقض الذي يكتنف هذه التوليفة· لهذا فالمجتمع يميل تحت ستار ديني لإبقاء الظاهرة في عداد المسكوت عنه، وتقنينها يخرجها للعن لتأخذ شكلها الطبيعي والصحي، والجارح أيضا لقيمهذا المجتمع·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.