هجرة غير نظامية: مراد يشارك بروما في اجتماع رفيع المستوى يضم الجزائر، إيطاليا، تونس وليبيا    لعقاب : الانتهاء من إعداد النصوص التطبيقية المنظمة لقطاع الاتصال    أكثر من مليون ونصف مترشح لامتحاني شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط دورة يونيو 2024    الجزائر/موريتانيا : افتتاح الطبعة السادسة لمعرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط بمشاركة 183 عارضا    الجزائر تؤكد من نيويورك أن الوقت قد حان لرفع الظلم التاريخي المسلط على الشعب الفلسطيني    لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي ويكشف: نحو تنظيم دورات تكوينية لصحفيي الأقسام الثقافية    "تحيا فلسطينا": كتاب جديد للتضامن مع الشعب الفلسطيني    سليمان حاشي : ابراز الجهود المبذولة لتسجيل عناصر ثقافية في قائمة الموروث الثقافي غير المادي باليونسكو    دراجات/الجائزة الكبرى لمدينة وهران 2024: الدراج أيوب صحيري يفوز بالمرحلة الأولى    وفاة 8 أشخاص تسمما بغاز أحادي أكسيد الكربون خلال شهر أبريل الماضي    وزير الصحة يشرف على افتتاح يوم علمي حول "تاريخ الطب الشرعي الجزائري"    قسنطينة..صالون دولي للسيارات والابتكار من 23 إلى 26 مايو    مجمع الحليب "جيبلي": توقيع اتفاقية اطار مع وكالة "عدل"    اجتماع الحكومة: الاستماع الى عرض حول إعادة تثمين معاشات ومنح التقاعد    الفنانة حسنة البشارية أيقونة موسيقى الديوان    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    اليوم العالمي لحرية الصحافة: المشهد الإعلامي الوطني يواكب مسار بناء الجزائر الجديدة    معادن نادرة: نتائج البحث عن الليثيوم بتمنراست و إن قزام ايجابية    السيد عطاف يجري بكوبنهاغن لقاءات ثنائية مع عدد من نظرائه    معرض الجزائر الدولي ال55: نحو 300 مؤسسة سجلت عبر المنصة الرقمية الى غاية اليوم    حوادث المرور: وفاة 62 شخصا وإصابة 251 آخرين خلال أسبوع    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : مشاركة 35 سائقا اجنبيا وعدد معتبر من الجزائريين    اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحفيون الفلسطينيون قدموا مئات الشهداء وهزموا رواية الاحتلال الصهيوني الكاذبة    فلسطين: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و 596 شهيدا    منظمة العمل العربية: العدوان الصهيوني دمر ما بناه عمال غزة على مر السنين    المصلحة الجهوية لمكافحة الجريمة المنظمة بقسنطينة: استرجاع أزيد من 543 مليار سنتيم من عائدات تبييض الأموال    في انتظار التألق مع سيدات الخضر في الكان: بوساحة أفضل لاعبة بالدوري السعودي الممتاز    رئيس الجمهورية يحظى بلقب "النقابي الأول"    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    بخصوص شكوى الفاف    تدعيم الولايات الجديدة بكل الإمكانيات    بداية موفّقة للعناصر الوطنية    العلاقات بين البلدين جيدة ونأمل في تطوير السياحة الدينية مع الجزائر    انبهار بجمال قسنطينة ورغبة في تطوير المبادلات    الجزائر في القلب ومشاركتنا لإبراز الموروث الثقافي الفلسطيني    اجتياح رفح سيكون مأساة تفوق الوصف    إطلاق أول عملية لاستزراع السمك هذا الأسبوع    تكوين 500 حامل مشروع بيئي في 2024    حملة وطنية للوقاية من أخطار موسم الاصطياف    البطولة الإفريقية موعد لقطع تأشيرات جديدة لأولمبياد باريس    المجلس الشّعبي الوطني يشارك في الاجتماع الموسّع    الجزائريون يواصلون مقاطعة المنتجات الممولة للكيان الصهيوني    أوغندا تُجري تجارب على ملعبها قبل استضافة "الخضر"    بولبينة يثني على السعي لاسترجاع تراثنا المادي المنهوب    دعم الإبداع السينمائي والتحفيز على التكوين    تتويج إسباني فلسطيني وإيطالي في الدورة الرابعة    روما يخطط لبيع عوار للإفلات من عقوبات "اليويفا"    دعوة للتبرع بملابس سليمة وصالحة للاستعمال    263 مليون دينار لدعم القطاع بالولاية    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    خنشلة: الوالي محيوت يشرف على إحياء اليوم العالمي للشغل    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صندوقُ النقدِ الدولي عدوُ الشعوبِ ومدمرُ البلدانِ

صنعه الكبار ليتحكموا في الصغار، وأسسه الأقوياء ليسيطروا على الضعفاء، ووضع أسسه المنتصرون وأرسى قواعده المستعمرون، الذين أرادوه قصداً أداة لهم للسيطرة، ووسيلة للهيمنة، وأسلوباً للتحكم، وشكلاً للبقاء ومبرراً للوجود، وسبيلاً لتمرير سياساتهم والمحافظة على امتيازاتهم.
إنه صندوق النقد الدولي وتابعه البنك الدولي، وجه الاستعمار الجديد وسلاحه الحاد، وأداته الخشنة، وسكينه القاطعة، وشروطه القاهرة، ووصفاته المميتة، ووسائله المذلة، يسلطونه على من يشاؤون، ويطلقونه ضد من يريدون، فيتدخلون في شؤون الدول، ويعدلون في سياسات الحكومات، ويبدلون في النظم الاقتصادية والمعايير التجارية، ويفرضون أشكال الحياة ومظاهر العيش.
أوجدوه بعد رحيلهم من البلاد التي كانوا يحتلونها، ضد الشعوب المقهورة ليجوعوهم ويحرموهم، ويعذبوهم ويقهروهم، ويسلبوا خيراتهم وينهبوا ثرواتهم، حيث لم يكن لهذه الدول التي تحررت منهم حديثاً نظماً اقتصادية ولا هياكل مالية، ولا خطط مستقبلية أو مشاريع إنتاجية وتصوراتٍ إنمائية، إذ كان استقلالها ناقصاً وتبعيتها كبيرة، وقدراتها على مجاراة الغرب القادر اقتصادياً وتقنياً ومعلوماتياً محدودة جداً.
صندوق النقد الدولي، عدو الشعوب النامية، والمتسلط على الفقراء والمعدمين، المحارب لهم في خبزهم وقوتهم اليومي، إنه صاحب وصفات العلاج التقشفية، والشروط التعجيزية، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وتخفيض قيمة العملات الوطنية، وتحرير أسعار الصرف، والتخلي عن الفئات الشعبية الفقيرة، والطبقات الاجتماعية البسيطة، وإعلان الحرب على الشركات العامة وخصصتها، وحرمان المواطنين من خدمات الدولة الأساسية وبيعها للرأسمالية الخاصة المتوحشة.
إنها المؤسسة الدولية الرأسمالية، الأكثر وحشيةً والأشد عدوانيةً ضد المواطنين، التي تتعمد تركيز رؤوس الأموال في أيدي فئاتٍ قليلةٍ جداً من المجتمع، ليزدادوا ثراءً وفحشاً، وجشعاً وطمعاً، في الوقت الذي تعمل فيه بكل استطاعتها لحرمان الفقراء مما بقي معهم، وتجريدهم مما كان لهم تمويناً أو دعماً، أو مرافق عامة وتسهيلات دولة، حتى أصبحت مرافق الدولة ومؤسسات الشعب كلها شركات للأغنياء، ينظمونها بشروطهم، ويخضعونها لأطماعهم، ويفرضون فيها تصوراتهم، فغدت نوادي للكبار ومرافق للأغنياء فقط، فلا يتمتع بها الفقراء، ولا يستفيد منها العامة، وقد كانت كلها من قبل لهم ولغيرهم.
كثيرةٌ هي الدول التي خضعت لصندوق النقد الدولي، وقبلت بوصفته، واستسلمت لخبرائه، وغيرت هياكلها الاقتصادية وقوانينها الاستثمارية، ووافقت على رفع سعر رغيف الخبز وتنكة البنزين، وخفظت قيمة عملتها الوطنية، وتلقت مساعدات مادية، وحصلت على ديونٍ ماليةٍ بفوائد مختلفة، ونفذت التعليمات وأخذت بالتوصيات، واضطرت إلى مواجهة شعوبها، وقمع أبنائها، والتصدي للمعارضين والمتظاهرين، ورغم ذلك فقد انهارت هذه الدول أكثر، وضعف اقتصادها، وتراجع مدخولها، وبقيت تعاني مما كانت تعاني منه من قبل وصفات صندوق النقد الدولي وأكثر.
تكاد وصفات هذا الصندوق النكد تتشابه ولا تختلف لكل دولةٍ تلجأ إليه وتطلب مساعدته أو ترغب في استشارته، فهو يدفع الحكومات لاتباع سياساتٍ تقشفيةٍ حادةٍ لمناسبة العجز المالي الذي تعاني منه، وقد أدت سياسة التقشف التي يعتمدها إلى تدمير الخدمات الاجتماعية، وتلف الضمان الصحي، وانهيار المؤسسات التعليمية، فضلا عن تفشي ظاهرة البطالة وإغلاق المؤسسات العامة، والمعامل والمصانع الصغيرة التي فقدت السند والحماية من الدولة.
صندق النقد الدولي يدعو إلى تحرير التجارة الخارجية ورفع القيود عنها، والسماح للمنتجات الغربية بالمنافسة والدخول إلى أسواق البلدان الوطنية، حيث تجتاح الشركات العملاقة العابرة للقارات حدود هذه الدول، الأمر الذي من شأنه أن يقود دوماً إلى حدوث حالة بطالة عامة، تسفر عن خرابٍ وفقرٍ مدقعٍ بين الطبقة الأكبر والأكثر عدداً في البلدان النامية.
الدول التي خضعت لوصفة صندوق النقد الدولي وطبقت شروطه، ازدادت مديونيتها وتضخمت أزماتها، وتضاعفت مشاكلها، وزادت نسبة بطالتها، وانخفضت قيمة عملتها، وتراجع مستوى دخل أفرادها، واتسعت الهوة بين مواطنيها، وخلقت طبقة صغيرة غنية فاحشة الثراء، وأخرى كبيرة فقيرة محرومة من كل شيء.
في ظل حالة الركود الاقتصادي المهول الذي تعاني منه دول المنطقة، وتحت ثقل العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس الأمن الدولي، فإن إدارة صندوق النقد الدولي والمشرفين عليه يتلمظون بشغفٍ، ويسيل لعابهم بطمعٍ، ويتربصون بحقدٍ، وينتظرون متى يتدخلون في شؤون دول المنطقة العربية والإسلامية، ليوهنوا قوتها، ويضعفوا اقتصادها، ويفرضوا عليها شروطاً تعجيزية ليحدوا من قدراتها، ويضعوا حدوداً لتطلعاتها، ويمنعوها من التفكير في التطوير والحداثة، وامتلاك القدرة والتقانة، ويجبروها على اتباع سياستهم وعدم معارضة توجهاتها.
اليوم تترشح لصندوق النقد الدولي عددٌ من الدول العربية، تمهيداً لافتراسها والسيطرة عليها، وتدمير اقتصادها وتخريب مستقبلها، فمصر والجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا والصومال واليمن والعراق وسوريا والأردن ولبنان، تنتظر كلٌ منها دورها وتتهيأ لمصيرها، وهو مصير أسودٌ محتومٌ وبائسٌ معلومٌ، ورغم ذلك يتسابق قادتها ويهرول حكامها نحوه لمزيدٍ من الديون والقيود، واستقدامٍ للخبراء والمستشارين ذوي الامتيازات العالية والرواتب الخيالية، تدفعهم وعودٌ زائفة بالغنى والثراء، والتطور والنماء والتقدم والرخاء، وكأنهم لم يأخذوا الدروس والعبر، ولم يتعلموا مما وممن سبق، الذين ارتهنوا للصندوق وباعوا أوطانهم، وأغرقوا بلادهم، وفرطوا في خيرات شعوبهم، ودمروا مستقبل أجيالهم، وما زالوا يحلمون بجناته ويأملون في وعوده.

بيروت في 15/7/2019
Twitter/Leddawy


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.