انطلقت بولاية بومرداس حملة الحرث والبذر للموسم الفلاحي 2022 - 2023، التي تزامنت مع عودة أمطار الخريف التي استبشر بها الفلاحون خيرا، بعد فترة جفاف وتأخّر كبير في سقوط الأمطار المنتظرة في هذه الفترة من السنة، وهي مؤشّرات طبيعية تعلن عن انطلاق الموسم خاصة بالنسبة للشعب الرئيسية، منها شعبة الحبوب والبقوليات والأشجار المثمرة التي تتطلّب تحضيرات مكثّفة للتربة وطرق المعالجة، إضافة إلى اختيار البذور وأخذ كافة التدابير المتعلقة بنظام السّقي العادي والتكميلي. اختيرت إحدى المستثمرات الفلاحية ببلدية سي مصطفى، خصّصت 240 هكتار للحبوب، لتكون محطّة إعطاء إشارة انطلاق موسم الحرث والبذر لهذا الموسم، تحت إشراف مديرية المصالح الفلاحية والناشطين في الشعبة، ويتفاءل كثيرون بالموسم الجديد تفاؤلا كبيرا، غير أن تحديات عديدة تفرض نفسها عليهم، وتعود إلى الظروف الطبيعية والمناخية المتقلبة، مع تذبذب تساقط الأمطار، فيما ينتظر غرس 2530 هكتار من الحبوب بمختلف أنواعه، أهمها القمح الصلب ب 1984 هكتار، القمح اللين 325 هكتار والشعير على مساحة 221 هكتار، فيما تم تخصيص 407 هكتار لتدعيمها بنظام السقي. وبهدف إنجاح العملية، قامت مديرية المصالح الفلاحية، بالتنسيق مع المنتجين وكل الهيئات الفاعلة في الشعبة، منها تعاونية الحبوب والبقول الجافة لذراع بن خدة، على توفير كل الإمكانات والوسائل الضرورية لمرافقة الفلاحين وأصحاب المستثمرات المتخصصة، خاصة منها ما يتعلق بالأسمدة والبذور التي ينبغي أن تتوفر بكميات كافية، وقد تم توفير 8660 قنطار من القمح الصلب، 583 قنطار من القمح اللين ستوزع على مختلف الناشطين والمستثمرات الموزعة عبر عدد من البلديات المعروفة بهذا النوع من الإنتاج، على غرار بلدية يسر، شعبة العامر وزموري. مرافقة مستمرّة تعيش شعبة الحبوب والبقوليات الجافة، بولاية بومرداس، تحديات متعددة لا تقتصر على التغيرات المناخية وظاهرة الجفاف، وتراجع كمية الأمطار المتساقطة التي تؤثر سنويا على كمية الإنتاج المحققة، بل تتعدّى إلى التراجع المتواصل في المساحة المغروسة، حيث تفقد سنويا عدة هكتارات لصالح بعض الشعب الرئيسية المهيمنة على القطاع الفلاحي، على رأسها شعبة عنب المائدة التي تستحوذ لوحدها على أزيد من 17 ألف هكتار من مجموع المساحة الفلاحية الصالحة للزراعة المقدرة ب 63 ألف هكتار، حسب المختصّين المتابعين لهذا النشاط الرئيسي على المستوى المحلي. وبالنظر الى الأرقام المقدمة خلال هذا الموسم، فإنّ المساحة الزراعية المخصصة لشعبة الحبوب لا تتعدى 3 آلاف هكتار، بعدما كانت في السنوات الماضية في حدود 4500 هكتار، ثم تراجعت الى 3800 هكتار منها 3600 هكتار من القمح الصلب، ونفس الأمر بالنسبة لكمية الإنتاج المسجلة كل موسم التي تبقى متذبذبة من سنة الى أخرى، حيث تمّ تسجيل حوالي 100 ألف قنطار خلال الموسم الماضي، و80 ألف قنطار في الموسم الذي سبقه، أي بمعدل 25 قنطار في الهكتار، بعيدا عن المعدل المتوسط المقدر ب 40 قنطار في الهكتار، وكل هذا نتيجة الظروف المجتمعة التي تتطلّب مجهودات إضافية لترقية الشعبة والحفاظ على أدائها بالولاية. وبهدف كسب هذه المعركة في الميدان، استفاد قطاع الفلاحة بولاية بومرداس، وضمنه شعبة الحبوب الإستراتيجية من عدة إجراءات تحفيزية، ودعم متواصل للفلاحين في إطار السياسة المنتهجة من قبل وزارة الفلاحة لمرافقة المنتجين، وتشجيعهم على حماية نشاطهم، وكان من أبرز التدابير التي اتخذتها السلطات، إعادة النظر في أسعار الحبوب؛ ذلك أن الأسعار ارتفعت، وصارت تمثّل أعباء حقيقية إضافية، فقد ارتفع سعر القمح الصلب من 4500 دينار للقنطار الى 6 آلاف دينار، بينما قفز القمح اللين إلى 5 آلاف دينار بعد أن كان ب 3500 دينار، وتبعه الشعير إلى 3400 دينار بدلا من 2500 دينار، ثم مادة الشوفان التي ارتفع ثمنها الى 3400 دينار للقنطار. الى جانب هذه التدابير التشجيعية، تواصل مديرية المصالح الفلاحية عملية المرافقة، خاصة من حيث الدعم المادي وتقديم تسهيلات للحصول على قرض الرفيق لفائدة المنتجين، مع تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية بالتنسيق مع المعاهد التقنية المتخصصة من أجل إرشاد الفلاحين، وتنظيم دورات تكوينية لاكتساب المهرات والتقنيات الحديثة وطرق إعداد التربة واستخدام الأدوية، وتوسيع المساحة المسقية من أجل ترقية الإنتاج والرفع من المردودية السنوية التي تبقى رهينة نجاح هذا البرنامج المتكامل ميدانيا.