يرى الخبير الاقتصادي مراد كواشي، أن الجزائر تتطلّع وتتهيأ في الوقت الحالي، من أجل الانضمام إلى تكتلات اقتصادية قوية، تزامنا مع وتيرة إصلاحات سريعة، تركز فيها على استغلال ثرواتها وقدراتها الاقتصادية بشكل جيد، معتبرا أن تكتل شنغهاي الاقتصادي – على سبيل المثال - سيوفر العديد من الأوراق الرابحة للجزائر من شأنها أن تسمح بإقامة شراكات اقتصادية ذات بعد استراتجي وتحقق للجزائر قفزة تنموية نوعية، وتطرّق الخبير كواشي، إلى نقاط القوة وكذا المزايا والمكاسب المتوقّع أن تحقّقهما الجزائر بالانفتاح على تكتلات اقتصادية جديدة على رأسها منظمة شنغهاي للتعاون. استعرض الخبير الاقتصادي مراد كواشي بشكل مستفيض كرونولوجيا ميلاد منظمة شنغهاي بمدينة شنغهايالصينية، وذكر أنها تضمّ دولا من قارتي آسيا وأوروبا، وقال إنه بالعودة إلى تاريخ المنظمة، فإنها تشكلت في عام 2001 من طرف كل من الصينوروسيا، وبالإضافة إلى 4 دول أخرى تتواجد في قارة آسيا، ويتعلق الأمر بكل من كازاخستان وقيرغيزستان وطاجكيستان وأوزبكستان، وظهرت منظمة شنغهاي للتعاون عوضا عن "مجموعة شنغهاي" التي أنشأت في عام 1996، لتضمّ كل من الهند وباكستان في سنة 2016، ومن ثم ضمت كذلك في عام 2021 أعضاء مراقبين وشركاء في الحوار، على غرار كل من منغوليا وبيلاروسيا وأفغانستان وتركيا والسعودية ومصر. ووصف كواشي هذه المنظمة بالدولية ذات الطابع السياسي والاقتصادي والأمني، وتتطلع العديد من الدول على غرار الجزائر لتنضم إليها، ويعتقد الأستاذ الجامعي كواشي أنها منظمة ضخمة، تضاهي مجموعة "بريكس"، على اعتبار أنها تضم 50 بالمائة من سكان الكرة الأرضية، في حين مجموعة «بريكس» تضم 40 بالمائة فقط قبل أن تقبل أعضاء جدد، كما أن منظمة شنغهاي تسيطر على نحو 60 بالمائة من اليابسة، أما «بريكس» تتسع على 40 بالمائة من اليابسة. تقوية التعاون مع شركاء استراتيجيين وتناول الخبير الاقتصادي مراد كواشي، مزايا انضمام الجزائر للمنطقة وهذا التكتل الاقتصادي الواعد، من خلال تأكيده أن هذه المنظمة ذات الطابع الاقتصادي والسياسي والأمني والثقافي، ستمنح الجزائر أوراق جديدة لتحقيق شراكات اقتصادية على مستوى عال خاصة بالنظر إلى العديد من الدول ذات الإمكانات الاقتصادية الكبرى والتي تضمها هذه المجموعة، على سبيل المثال روسيا إلى جانب الصين التي صارت القوة الاقتصادية الثانية في العالم، ولأن ناتجها الاقتصادي بلغ 19 تريليون دولار، ولولا تداعيات أزمة كورونا لتصدر اقتصاد الصين اقتصاديات دول العالم، وبالإضافة إلى روسيا وما تمتلكه من تقنيات متطوّرة خاصة في المجال الفلاحي والمنجمي، لأن التجربة الروسية رائدة، فبعد أن كانت تستورد الحبوب، صارت أحد أكبر الموردين للحبوب، وكذلك من أكبر الدول إلى جانب الصين في المجال المنجمي والمعدني والصناعي والتكنولوجي. ويرى الخبير كواشي أن سعي الجزائر للانضمام إلى منظمة شنغهاي سيمنحها العديد من الامتيازات خاصة أن معظم دول مجموعة «بريكس» منظمة تحت لواء تكتل شنغهاي، ويتعلق بالصين صاحبة 70 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الذي تساهم به في منظمة «بريكس»، وأوضح الخبير والأستاذ الجامعي، أنه تربطنا علاقات متميزة مع الصينوروسيا، ومن شأن الانضمام إلى هذا التكتل تعزيز علاقتنا مع هذين الشريكين الاستراتيجيين. الانتماء إلى تكتلات اقتصادية كبرى وتحدث الخبير كواشي عن سعي الجزائر منذ سنتين تقريبا، من أجل تعزيز علاقاتها الاقتصادية وتنويع شركائها، وذكر في السياق، أن الجزائر توجهت نحو الشرق من خلال زيارة رئيس الجمهورية إلى كل من روسياوالصين، لكنها حافظت في الوقت نفسه - على علاقاتها المتينة والتقليدية مع العديد من الدول الغربية؛ لأن الجزائر تربطها علاقات متينة مع إيطاليا وستجعل من إيطاليا مستقبلا منصة لتوزيع الغاز الجزائري في أوروبا، بالإضافة إلى وجود مشاريع لتصدير الكهرباء إلى إيطاليا، ويضاف إلى كل ذلك تسجيل علاقات متميزة مع البرتغال وإلى جانب علاقات اقتصادية جيدة مع ألمانيا وبريطانيا وحتى مع الولاياتالمتحدةالأمريكية تربطها علاقات جيدة خاصة في ظل وجود تعاون في المجال الطاقوي، علما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ أشهر، كانت ضيفة شرف في معرض الجزائر الدولي، غير أن الجزائر بتوجهها نحو الشرق والبحث عن ربط علاقات متينة مع بعض التكتلات، تبحث عن تموقع جيد إذ لا يخفى على أحد، هناك حالة استقطاب شديدة على المستوى العالمي وربما العالم حسب تقدير الأستاذ الجامعي كواشي، يتجه للانتقال من عالم أحادي القطبية إلى متعدّد القطبية، وفي كل هذا الجزائر من حقها البحث عن تموقع جيد في النظام العالمي الجديد ضمن موقعها الثابت في "عدم الانحياز"، خاصة وأن رهان التنمية الاقتصادية، يعتمد حصرا على الانتماء إلى تكتلات اقتصادية كبرى على غرار مجموعة شنغهاي. تعزيز جاذبية مناخ الأعمال ومن ضمن المكاسب التنموية والاقتصادية التي يوفرها الانضمام ل«شنغهاي"، قال الخبير الاقتصادي إن الجزائر فتحت ورشات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي منذ ثلاث سنوات، من أجل تحقيق الإقلاع الاقتصادي الذي لن يتم إلا من خلال التنويع الاقتصادي، وفي خضم حرصها على كسر الارتباط بقطاع المحروقات من خلال استغلال جميع طاقاتها وتطوير مختلف القطاعات الاقتصادية خاصة القطاع الفلاحي والصناعي والسياحي، وكذا الخدمات والطاقة والمناجم والمؤسسات الناشئة، وهذا لن يتحقق - حسب الخبير - إلا من خلال إقامة شراكات مع اقتصاديات ضخمة وعملاقة تملك الخبرة في هذا المجال، وقدم كواشي العديد من الإصلاحات التي أرستها الجزائر ومنحها جاذبية كبيرة في مناخ الأعمال، من بينها إصدار قانون جديد للاستثمارات ومراجعة القانون النقدي والمصرفي وإلى جانب قانون الصفقات العمومية، وفوق ذلك تبذل جهودا كبيرة لتحسين البنية التحتية من خلال مد خطوط للسكك الحديدية على مستوى الخطوط الأربعة للجزائر وإقامة شراكات سواء في إفريقيا أو عبر العديد من الدول. ومن خلال كل هذه المشاريع يواصل كواشي - تبحث الجزائر عن التنويع الاقتصادي، وعلى سبيل المثال في المجال الفلاحي تبحث عن إنشاء بنك للبذور وتحسين وتنمية المحصول والإنتاج الزراعي والنباتي والحيواني، وكان رئيس الجمهورية قد رخص باستيراد العتاد بالأقدمية إلى غاية 7سنوات، وبالتالي فإن إقامة الشراكة في منطقة شنغهاي مع دولة مثل روسيا لها تجربة وتطور في القطاع الفلاحي، من شأنه أن يطور من أداء الجزائر خاصة في إنتاج الحبوب والحليب، أي الشعبتين الإستراتجيتين اللتين تبحث الجزائر عن تطويرهما. وبخصوص قطاع الصناعة والمناجم، تحدث الخبير عن إقامة الجزائر العديد من المشاريع، مثل استغلال غار جبيلات بغرب البلاد ومشروع الفوسفات المدمج بشرق البلاد ومشروع النحاس والزنك في بجاية، وفي خضم هذه المشاريع الكبيرة والضخمة، فإن الجزائر تبحث عن تكنولوجيا متطورة لاستغلال ثرواتها المعدنية والمنجمية، والصين تعد من أكبر الشركاء، ولذا فإن الجزائر تبحث عن شراكات في إطار المنظمة لتطوير قطاعها المنجمي، وتطرّق الخبير إلى حرص الجزائر من أجل تطوير الصناعة التحويلية والتي يتمّ استخراجها ولا ينبغي تصديرها كمواد خام بل تحويلها؛ لأن القيمة المضافة يتمّ تحقيقها بعد تحويلها ولهذا فهي بحاجة إلى التجربة ومن بينها تجربة الدول الآسياوية في هذا المجال. وكذا إقامة شراكات أخرى في مختلف القطاعات وفق مبدأ رابح رابح والمنفعة المتبادلة لتحقيق الاقلاع والتنويع الاقتصادي.