اعتبر البروفيسور العيد جلولي من جامعة ورقلة، أنّ المبادرة التي قامت بها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الثقافة والفنون بداية هذا الشهر تستحق التنويه والتثمين، والمتمثلة في إطلاق مشروع مشترك بين الوزارتين في مجال المسرح والموسوم ب«المسرح في رحاب الجامعة". وقال البروفيسور جلولي في تصريح ل«الشعب"، إنّ المسرح لم يكن في يوم من الأيام غريبا عن الجامعة ومدرّجاتها، ولا عن الأحياء الجامعية وأنديتها ونواديها، فقد كان له حضور قويّ حتى يشكّل ميدانا مستقلا يعرف بالمسرح الجامعي، غير أنّه بقي إلى السنوات الأخيرة، محتشما لأسباب عديدة، لعلّ أبرزها نقص الدعم المادي وعزوف الطلبة والأساتذة وغياب التوجيهات الرسمية داخل الجامعة وأحيائها، مشيرا إلى أنّ هذا المشروع يأتي والجزائر تخطو خطوات كبيرة في مجال دعم الثقافة الوطنية والتشجيع على ممارسة الفنون بصفة عامة، لما لهذه الفنون من تأثير كبير على نفسية الطلبة وتشجيعهم على ممارسة هواياتهم وخصوصا في مجال المسرح. وذكر محدّثنا، في السياق، أنّ الجامعة تعدّ بمثابة المحرّك الأساسي لبروز ثقافة مسرحية واعية، تنطلق من العلم، ومن الوعي بأهمية أن تكون لنا حركة مسرحية، يمكنها المشاركة في المهرجانات الدولية المختلفة. وأوضح البروفيسور جلولي قائلا: "انطلاقا من أهمية المسرح في الوسط الجامعي، بادرنا في جامعة ورقلة ومنذ سنوات إلى فتح تخصّص "الأدب المسرحي ونقده" في مرحلة الماستر وذلك في الموسم الدراسي 2011 2012، وكان الهدف من التكوين في هذا التخصّص، التحكّم في اللّغة العربية من خلال النصوص المسرحية، وتحصيل المعارف المسرحية العامة والإحاطة بتقنيات المسرح والإخراج والتمثيل، والإحاطة بالمعارف المتصلة بالمسرح بصفة عامة، وتعليم الطالب ممارسة النقد المسرحي المتخصّص، إضافة إلى ممارسة التقنيات المنهجية واكتسابها، من خلال أساليب التعبير الدرامي وفنيات الإلقاء"، وأشار في السياق إلى أنّه تم فتح قسم دكتوراه في التخصّص نفسه حتى يستكمل الطلبة معارفهم في مجال المسرح. وعن الدور الذي قد تلعبه الجامعة للارتقاء بالمسرح، قال محدّثنا إنّها تساهم مساهمة فعّالة في تطوّر الفعل المسرحي، من خلال تشجيع الطلبة في كلّ التخصّصات على ممارسة التمثيل، وأيضا الإخراج المسرحي وكلّ ما يتصل بالمسرح ويخدمه. وأضاف قائلا: "بين وزارتي التعليم العالي والثقافة والفنون وشائج قربى وعلاقة وثقى، فوزارة الثقافة والفنون تملك الخبرة والتجربة والهياكل، ومنها المسرح الوطني والمسارح الجهوية، ووزارة التعليم العالي تملك الجانب المعرفي، كما تملك هي الأخرى الهياكل، وكلّ ذلك يجعل المشروع ناجحا، ومن شأنه أن يضخّ في الحركة المسرحية دماء جديدة في كلّ مجالات المسرح، وخصوصا الكتابة المسرحية التي ما تزال تعاني من نقص واضح، فحتى الآن ما زلنا نعتمد على الاقتباس بدل التأليف وعلى التقليد بدل الإبداع". مسرح في رحاب المدرسة.. لم لا؟! في السياق، قال البروفيسور جلولي: "نحن نتمنى في المستقبل القريب أن تساهم وزارة التربية الوطنية في هذا المشروع مع وزارة الثقافة أيضا، ويكون المشروع (المسرح في رحاب المدرسة)، خصوصا أنّ وزارة التربية الوطنية تملك رصيدا متميزا في مجال المسرح المدرسي، ومسرح الطفل، وكلّنا نعلم أنّ الاهتمام بالمسرح المدرسي هو النواة الحقيقية لضمان مسرح متطوّر في المستقبل". وتطرّق البروفيسور جلولي، في أثناء حديثه، إلى الفائدة الكبيرة لبروز (مسرح مدرسي)، ثم (مسرح جامعي) والذي يعدّ تطويرا طبيعيا للمدارك الحسية والأدبية والفنية عند التلاميذ، ثم الطلبة، ممّا يسهم في خلق مجتمع راق يقدّر الفنون وينزلها منزلتها الحقيقية، مؤكّدا أنّ إطلاق هذه المبادرة بين الوزارتين، سيخلق جوّا فنيا، وسيؤدّي إلى تشجيع الطلبة على ممارسة التمثيل، لأنّ كثيرا من الطلبة يملكون من الموهبة والقدرة والشجاعة ما يجعلهم يحقّقون طموحنا في مسرح وطني يساهم في ترقية المواطن وعلاج واقعه.