يرى نورالصباح عكنوش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة بسكرة، أن مشروع قرار مجلس الأمن المتعلق بالوضع في فلسطين وخاصة في غزة، الذي وضعته الجزائر باللون الأزرق، وسيُعرض على تصويت الأعضاء، اليوم الثلاثاء، يُمثِّل إصرارا جزائريا تاريخيا على نصرة الشعب الفلسطيني وإنقاذه من الإبادة والإجرام الصهيوني. أوضح البروفيسور نورالصباح في اتصال مع «الشعب»، أن منحنى أداء الجزائر في مجلس الأمن يسير بخط بياني تصاعدي، سببه زيادة وتيرة العمل الدبلوماسي المنهجي، الناتج عن دور جزائري ديناميكي، أفرز توازنا استراتيجيا في دواليب المنتظم الأممي، وليس أدلّ على ذلك من نجاحها في إصدار قرارين متتاليين لوقف إطلاق النار في غزة رغم الضغوطات والتحديات الدولية. وأكد الباحث عكنوش، أن الإصرار التاريخي الجزائري على نصرة الشعب الفلسطيني وإنقاذه من التهجير والإبادة، يأتي بتأييد من قوى الخير في هذا العالم، التي تقف مع مسعى بلد الشهداء، على غرار دولة جنوب إفريقيا وبلدان صديقة وشقيقة أخرى تعمل بجدّ على هندسة عالم جديد أكثر أمنا وعدلا وتنمية في منظور 2050 وما أبعد. وتابع الأستاذ قائلاً: «في هذا المنظور تعتبر الجزائر العدوان الصهيوني على غزة سلوكا لاعقلانيا يهدد معايير السلم والأمن الدوليين، ويستوجب ذلك إجرائيا وتنفيذيا وقفه ومنع تكراره على المدى البعيد، تأمينا لوجود البشرية واستقرار العالم وديمومة العيش المشترك فيه، ومن هنا تنبثق هوية الموقف الجزائري الرصين من الموقع الجديد الذي يُرافع من أجله، وأكثر من هذا يُقرر فيه كدولة سلام أصيلة ومسؤولة». وفي ظل هذه الظروف، كان أثر انضمام الجزائر إلى مجلس الأمن أكثر من إيجابي على صعيد تلبية حاجيات القضية الفلسطينية في أصعب مراحلها التاريخية منذ العدوان الهمجي على غزة، حيث استطاعت في أشهر معدودات بكفاءة واقتدار تحريك بوصلة أهم وأخطر مؤسسة أممية في النظام الدولي المعاصر نحو الاتجاه الصحيح، من خلال مواجهة دبلوماسية وقانونية وأخلاقية، وهي بالمحصِّلة معركة شرف وحق على مسافة صفر من جرائم الكيان الصهيوني وحلفائه الموضوعيين في جريمة القرن الواحد والعشرين، مثلما أضاف محدثنا. كما لفت أستاذ العلوم السياسية البروفيسور نورالصباح عكنوش، إلى أن الجزائر تقود العالم لإصلاح قيمه وهياكل نظامه الأممي، تبعا لما تقوم به في مجلس الأمن، بعيدا عن الإطار الإداري البيروقراطي المهيمن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتهدف إلى العمل في إطار استراتيجي جديد لحوكمة العلاقات الدولية وفق معايير المساءلة والمشاركة والمراقبة التي تعني كل عضو في المجتمع الدولي حتى لا يطغى أحد على آخر ولا تسود الفوضى.