سيظلّ عطاء الحماية المدنية الجزائرية متواصلاً ومتصلاً بمسيرة البناء الوطني، من أجل تدعيم أركان الدولة وحماية مؤسّساتها ومواطنيها من كلّ الأخطار والنوازل الفجائية، وخوض غمار الصعاب في سبيل إنقاذ الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة، وإرساء ثقافة وقائية حمائية في أوساط المجتمع الجزائري من مختلف الكوارث الطبيعية والبشرية. يُعدّ جهاز الحماية المدنية الجزائري من بين أفضل نظرائه في العالم بشهادة كثير من قادة وزعماء الدول الذين شهدت بلدانهم كوارث طبيعية، شاركت فرق الإنقاذ الجزائرية في التقليل من أضرارها ونجدة الكثير من الأنفس كانت تحت الأنقاض والركام، وليس أدلّ على ذلك من تبوئها المرتبة الأولى في عمليات انتشال كثير من ضحايا الزلزال المدمّر الذي ضرب دولتي سوريا وتركيا شتاء العام 2023م. وفي هذا الشأن، يقول الخبير والباحث الدولي في السلامة المرورية، الدكتور امحمد كواش، أنّ الحماية المدنية الجزائرية مؤسّسة عريقة ظهرت منذ تحقيق الاستقلال ونيل السيادة الوطنية، رافقت المجتمع الجزائري في مختلف المناسبات وأحداث الفرح والحزن على غرار احتفالات الثورة التحريرية المجيدة وعيد الاستقلال والمولد النبوي الشريف ومباريات كرة القدم والامتحانات الرسمية كالبكالوريا من أجل مرافقة المواطنين وفرض السكينة والسلامة والأمن والتدخل في حالة أيّ طارئ، وكذا حضورها الدائم وتدخّلها الاحترافي أثناء حصول الكوارث الطبيعية والصحية والحرائق وحوادث المرور لجبر خواطر الضحايا والتخفيف من آلامهم وخسائرهم المادية والبشرية. وأكّد امحمد كواش في اتصال مع "الشعب"، أنّ الإحصائيات تُشير إلى مساهمة الحماية المدنية الجزائرية بشكل كبير جدًا في تخفيض عدد ضحايا الكوارث والحوادث بمختلف أنواعها، نتيجة التدخّل المحترف والسريع والنوعي؛ لأنّه كلما كان الإسعاف سريعا يكون عدد الضحايا أقلّ وعواقب الإصابات ومضاعفاتها محصورة. وتابع الخبير ذاته، بأنّ الحماية المدنية في الجزائر لعبت دورا في النمو والاستقرار الاقتصاديين، والحفاظ على الممتلكات العمومية والخاصة من خلال إجراءات الأمن والسلامة والوقاية، وتدخلاتها الفورية والسريعة والمحترفة والنوعية لحصر آثار الحوادث الصغيرة والكبيرة بما فيه حماية المؤسّسات الاقتصادية، وذلك بعملها بأسلوب متطور مبني على وضع ما قبل وأثناء وبعد الكارثة ضمن مخططات النظم الأمنية لحماية المرافق والمؤسّسات. فضلا عن ذلك، اكتسب هذا الجهاز خبرة قيّمة وعميقة نظير اعتماده على التكوين النوعي لأعوانه باستخدام التقنيات والوسائل الحديثة، وبإعداد البحوث والدراسات المستمرة التي يطبقها في الميدان، وكذا قيامه بمناورات افتراضية استعدادية دائمة حول مختلف الكوارث التي قد تهدّد أمن وسلامة الجزائر ومواطنيها، ممّا أهله للاضطلاع بتكوين أجانب على مستواه في مسائل الحماية المختلفة، بحسب قوله. وفي الجانب التوعوي التحسيسي، أبرز المتحدّث ذاته، أنّ الحماية المدنية تُساهم بالفعل في ترسيخ الثقافة الوقائية الجوارية في أوساط المجتمع الجزائري، عبر الحملات والمعارض الميدانية، وضمن وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وحتى بإجراء دورات تكوينية في الإسعافات الأولية لفائدة المواطنين والهيئات الرسمية. وعلى هذا الأساس، أصبحت الحماية المدنية الجزائرية مطلوبة في الخارج أثناء وقوع الكوارث، نظرا إلى كفاءتها العالية وتدخلاتها السريعة خاصة بالنسبة لمشكل الزلازل، يضيف الخبير والباحث الدولي في السلامة المرورية، الدكتور امحمد كواش. من جهته، أوضح رئيس الجمعية الوطنية للوقاية من حوادث المرور، غوت مصطفى، أنّ الحماية المدنية في الجزائر تتمتع بالإمكانيات والوسائل الضرورية والأساسية التي سخّرتها الدولة من أجل الحدّ من أثار الحوادث والتقليل من شدّة الكوارث الطبيعية التي تهدّد المواطنين وممتلكاتهم، وهو ما جعلها مؤهّلة بكفاءة للتصدّي لكلّ الأخطار ومجابهة التحديات التي تعترض المجتمع والأمة. وأفاد غوت في تصريح ل " الشعب"، أنّ الحماية المدنية في الجزائر تلعب دورا بارزا في عملية التنبيه من وقوع الأخطار الطبيعية قبل حدوثها بساعات أو أيام، مثلما يتم تسجيله أثناء فترات الهطول المطري الكثيف والرياح وارتفاع وانخفاض درجات الحرارة القياسيَيْن، وهو ما يُشجِّع المواطنين والسلطات المحلية على اتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية اللازمة، وبالتالي منع وقوع الخسائر مهما كانت درجة حدوث تلك الأعراض الجوية.