عادت الأحزاب السياسية، خاصة تلك التي تشغل مقاعد في المجالس النيابية، إلى واجهة المشهد بشكل ملفت، منذ أن قامت بتجديد قياداتها وهياكلها، حيث استأنفت نشاطاتها من خلال تجمعات ولائية وجهوية وندوات فكرية، في كل جهات الوطن. من الواضح، برأي مراقبين، أن كل الحضور السياسي لمختلف التشكيلات، يتجه لأخذ نسق متصاعد، بفضل استعادة الهدوء في تركيباتها الداخلية، ومن ثمة التفرغ لإعادة التواصل مع المناضلين على مستوى القاعدة والرأي العام الوطني وحتى الدولي، ومرافقة الدولة في إصلاحاتها وكذا بناء الجزائر الجديدة. ولعل أبرز ما سجل في نشاطها الأخير، حالة الانسجام الكلي مع الخيارات الكبرى للدولة، خاصة على الصعيد الخارجي، والدور المحوري الذي تؤديه الجزائر في المحافل الدولية دعما للقضية الفلسطينية وكل قضايا التحرر، إلى جانب دعم القرارات الجريئة للرئيس تبون في تعزيز القدرة الشرائية للمواطن وسياسة الأجور والإصلاحات الاقتصادية والحفاظ على التوجه الاجتماعي للدولة وإعادة كلمة الجزائر خارجيا. وأجمعت الأحزاب كلها ودون استثناء، على أن المواقف والخطوات التي تقوم بها الدبلوماسية الجزائرية بتعليمات مباشرة وسهر دائم من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، "مشرفة" و«معبرة" عن تطلعات الشعب الجزائري وكل الشعوب المناصرة للقضايا العادلة وكل أحرار العالم. ومما تجلى أيضا في خطاب مجمل التشكيلات السياسية، الإدراك التام للتحديات الإقليمية التي تواجهها البلاد، خاصة تلك الخطط والمؤامرات الدنيئة التي تستهدف المصالح الجزائرية في جوارها القريب. ومن أقصى الجنوب الكبير وعلى الحدود المتاخمة لدولتي النيجر ومالي الشقيقتين، عقدت تشكيلات سياسية لقاءات وتجمعات أكدت فيها على ضروري التصدي لكل الدسائس التي تطبخ خارج حدودنا الوطنية، من خلال الالتفاف حول مكاسب الاستقرار وتقوية الجبهة الداخلية. وفي ظل التحديات التي باتت مكشوفة للرأي العام الوطني والدولي، ثمنت مجمل الأحزاب، الوضع السياسي العام في البلاد، الذي يتسم بهدوء صنعته سنّة التشاور المستمر والدائم التي أقرها رئيس الجمهورية، بلقاءاته المستمرة مع جميع القيادات الحزبية التي تطلب لقاءه. وسمحت تلك اللقاءات، بالاطلاع على مقومات وخلفيات القرار الوطني، سواء الذي يخص تسيير الشأن العام ومسار الإصلاحات الشاملة التي تم إطلاقها أو خيارات السياسة الخارجية. وفي السياق، أكد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، أن الجزائر "رائدة بمؤسساتها الديمقراطية في الاستقرار والتنمية ومؤهلة لتعطي دروسا في الديمقراطية"، داعيا إلى مواصلة دعم أخلقة العمل السياسي والتنمية الشاملة في البلاد. في هذا الإطار، تعتبر جبهة المستقبل، حصيلة الأربع سنوات مليئة بالإنجازات الماثلة، في إقرار الإصلاحات ومواصلة الحرب على الفساد وحل المشكلات المرتبطة بالتنمية والمواقف الخارجية المشرفة. ولم تتأخر الأحزاب في الرد على حملات التشويش والتشويه التي ظهرت من الخارج، في الأيام القليلة الماضية، واستهدف موعد الانتخابات الرئاسية المقررة هذه السنة. وبالنسبة للأرندي، فإن لوبيات فرنسية، مغربية وصهيونية تحاول زرع الشكوك والقلاقل، مذكرا بأن للجزائر منتخب من طرف الشعب الجزائري، وأنها دولة سيدة لن ترضخ لأية ضغوط خارجية. بينما سجلت البناء الوطني حالة فلتان ومضايقات على مصالحنا الحيوية بسبب قراراتنا السيادية والتي "تنسجم مع التوجه الشعبي، بلسان يرفض التطبيع ويقاوم المشاريع الاستعمارية، ويدعم مبدأ تحرر الشعوب".