بلعابد: تنظيم أوّل امتحان في شهادة البكالوريا شعبة الفنون    مراد: الحركة الجزئية الأخيرة في سلك الولاة تهدف إلى توفير الظروف الملائمة لإضفاء ديناميكية جديدة    فايد: نسبة النمو الإقتصادي بالجزائر بلغت 4,1 بالمائة في 2023    تخصيص 10 مليار دج لتعزيز السلامة والأمن بالمطارات    تحذير من انتشار الأمراض والأوبئة..سكان غزة يشربون مياهاً "غير آمنة"    حوادث المرور: وفاة 16 شخصا وإصابة 527 آخرين بجروح خلال 48 ساعة الأخيرة    البليدة.. توقيف شخصين وحجز كمية معتبرة من الكيف المعالج والمؤثرات العقلية    برج بوعريريج : فتح أكثر من 500 كلم المسالك الغابية عبر مختلف البلديات    العدوان الصهيوني على غزة: ثلاثة شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزلين في مخيمي البريج والنصيرات    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    استثمار: البنوك ستخفض قريبا معدلات الفائدة    42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    اتفاقيات شراكة في إطار الرعاية الصحية: 50 منصب تكوين لنيل الدكتوراه بجامعة خنشلة    بوغالي يتوجه إلى القاهرة للمشاركة في أشغال المؤتمر ال6 للبرلمان العربي    الجزائر كندا.. 60 عاماً من العلاقات المميّزة    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    نسرين مقداد تثني على المواقف الثابتة للجزائر    استعان بخمسة محامين للطعن في قرار الكاف: رئيس الفاف حلّ بلوزان وأودع شكوى لدى "التاس"    بطولة الرابطة الثانية: كوكبة المهدّدين بالسقوط على صفيح ساخن    إنجاز قيس مدثر مفاجأة بطولة إفريقيا للجيدو: ذهبيتا دريس وبلقاضي تضعان الجزائر في الصدارة    القوة العسكرية الخيار الرئيس للدّفاع عن الأرض    لقاء تونس ليس موجهاً ضد أيّ طرف    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    بهدف تخفيف حدة الطلب على السكن: مشروع قانون جديد لتنظيم وترقية سوق الإيجار    توقيف 3 أشخاص بصدد إضرام النيران    تفاعل كبير مع ضيوف مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة : بن مهيدي يصنع الحدث و غزة حاضرة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    مدرب مولودية الجزائر يعتنق الإسلام    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    الرابطة الأولى: وفاق سطيف يتعثر في بسكرة وفوز ثمين للبيض وعريض للساورة    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم اللقاء الوطني الأول لصناع المحتوى الكشفي    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن مرافقة الدولة لفئة كبار السن    "اتصالات الجزائر" الراعي الرسمي لدورة المبارزة المؤهلة للألعاب الأولمبية 2024 بباريس    السيد بلمهدي يلتقي ممثلي المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    تحسين الخدمات البريدية وتقوية شبكة الأنترنيت في المناطق المعزولة    اللقاء الثلاثي المغاربي كان ناجحا    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    بن سماعين يطالب بالتفكير في مباريات البطولة قبل نهائي الكأس    4 أندية أوروبية مهتمة بالتعاقد مع عمورة    ميلان يفتح رسميا أبواب الرحيل أمام بن ناصر    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    حجز 27 ألف قرص "إكستازي"    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    قصص إنسانية ملهمة    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    ضرورة وضع مخطط لإخلاء التحف أمام الكوارث الطبيعية    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من «العداوة»إلى «خاوة خاوة»..و فلسطين الشهداء
نشر في الشعب يوم 16 - 03 - 2016


3 جي» تأتي بأخبار كل فريق بالصورة والصوت
4 صفحات لأربع فرق تجاوز منخرطيها 1.5 مليون
لا رشوة ولا وساطة لنيل بطاقة مناصر فايسبوكي
انتقلت الأغاني والشعارات في الملاعب الجزائرية من الكلمات العامية الساخنة «الكلاش وما تفراش» و» وحنا جينا والقيرا ماذا بينا» و»الدخلة دخلتوا والخرجة منين» إلى « خاوة / خاوة» و» مرحبا بأنصار الفريق المنافس.....» و»إنشاء الله نردولكم خيركم» و»أرواحوا ما يخصكم والو......» و»فلسطين الشهداء» وغيرها من الشعارات المثالية والحضارية التي جعلت الكثيرين يتساءلون عن سرّ هذا التحوّل في سلوك المناصر الجزائري الذي كان في زمن غير بعيد لا يقبل بخسارة فريقه على أرضية ميدانه، ويتحسّس من أنصار الفرق الأخرى عند قدومها وغيرها من المظاهر السلبية التي أساءت كثيرا لصورة الجزائر، وكانت تقدّم نظرة دونية للشباب الجزائري.
أكيد أن الشعارات الايجابية التي أصبحت متداولة ومتبادلة على صفحات فايسبوك بين مختلف أنصار الفرق التي تنشط في البطولة الوطنية المحترفة لكرة القدم، ترجع إلى العديد من العوامل أهمها انتشار التكنولوجيات الحديثة واستعمالها الإيجابي مثلما تحدث عنه مختصون في علوم الاجتماع وعلوم النفس وعلوم الدين والإعلام والاتصال الذين حاورناهم في هذا التحقيق.
أقدم أنصار كل فريق على إنشاء صفحة على فايسبوك من أجل التواصل ونشر الأخبار والانتقادات في ظاهرة تكنولوجية واجتماعية جديدة.
والغالب على صفحات الأنصار على فايسبوك هو الدعوات للروح الرياضية ونبذ ظاهرة العنف، والتسابق لإظهار الوجه الحسن للشباب الجزائري، حيث تجد تلك الصفحات ترحب بأنصار الفرق الأخرى، وتطالبها بالتنقل بقوة دون خوف ولا قلق، وهو ما صنع صور جميلة جدا تناقلتها العديد من وسائل الاعلام، ما قلّص كثيرا من دائرة العنف التي كانت تميّز ملاعبنا السابقة خاصة بين الجماهير.
تطوّر وعي الأنصار الذي صنعته مساحات التواصل الاجتماعي التي انتشرت بقوة من نبذ العنف داخليا إلى إطلاق حملات التضامن مع المرضى والمعوزين، وحشد الدعم للقضية الفلسطينية ومختلف القضايا العادلة في العالم، كقيمة مضافة للسلوك الحضاري والتأثير الايجابي لمجتمع المعلومات.
سنركز في هذا «التحقيق» على بعض الصفحات دون أخرى لعدم القدرة على التطرق إليها جميعا للتأكيد على أن التطور التكنولوجي يمكن أن يكون إيجابيا لو يتم استغلاله بطريقة جيدة وفي مجالات تخدم المجتمع والحضارة وتساهم في التقريب بين الإنسان وأخيه وتنبذ كل أنواع التفريق والعنصرية ورفض الآخر.
سمح لنا هذا التحقيق حول تأثير تلك الصفحات على سلوك الأنصار من العنف إلى الروح الرياضية باكتشاف القوة الهائلة لهذه الصفحات في حشد الجماهير وتعبئتها وفوق ذلك التأثير فيها وهو ما عجزت عنه الكثير من المؤسسات الاجتماعية في وقتنا الراهن فمقابلة الجزائر وفلسطين جعلت النقاشات والصور والفيديوهات حول الحدث تحقّق نسب مشاهدة قياسية على صفحات التواصل الاجتماعي ورفعت عدد المنخرطين فيها بطريقة مذهلة.
وتعتبر مساحات التواصل الاجتماعي مؤسسات افتراضية خالية من البيروقراطية والجهوية، الدخول إليها لا يتطلّب لا ملفا، لا وساطة ولا رشوة .. عزّز دخول تقنية «3 جي» أو خدمات الجيل الثالث من النقال سنة 2014، من المنخرطين في صفحات الأنصار حيث فاق عدد المشتركين في هذه الخدمة 8 ملايين مشترك من أصل أكثر من 35 مليون جزائري مشترك في شبكة الهتاف النقال حسب إحصائيات سلطة ضبط الخدمات السلكية واللاسلكية وهو ما ولد ديناميكية كبيرة في مساحات التواصل الاجتماعي.
ويأتي هذا التحقيق في وقت ذكرت وزارة الشباب والرياضة أن أعمال العنف بالملاعب الجزائرية تراجعت بنسبة 30 بالمائة 2013 مقارنة ب 2012.
وأكدت «استنادا إلى الأرقام الرسمية هناك تراجع أكثر من معتبر في العنف عبر الملاعب وعندما نقارن حصيلة سنة 2013، مع سنة 2012 نلاحظ انخفاض بحوالي 30 بالمائة».
وقالت الوزارة في ملتقى حول «ظاهرة العنف في الملاعب بالعاصمة»، إنها تتلّقى بانتظام تقارير «دقيقة» من المديرية العامة للأمن الوطني حول عدد السيارات التي أضرمت فيها النيران وأخرى ألحقت بها أضرارا والأشخاص الذين أصيبوا بجروح ونقلوا إلى المستشفيات بمناسبة إجراء مباريات في كرة القدم في مختلف البطولات لاسيما الرابطة الأولى.
وأشارت الوزارة إلى أنه «بالنسبة لبعض أعمال العنف هناك تراجع بنسبة 60 بالمائة علما أنه خلال الأشهر الأخيرة لم تسجل الكثير من أعمال العنف مقارنة بالسنوات الماضية».
حتى وإن ارتفعت حالات العنف في الملاعب سنة 2015 مسجلة 82 حادثا بدل 60 حالة عام 2014، حسب ما كشفت عنه المديرية العامة للأمن الوطني. فإن عدد الموقوفين قد انخفض خلال نفس الفترة إلى 285 شخص بدل 300 شخص.
للإشارة، فإن عقوبات إجراء مقابلات دون جمهور، تعود في غالب الأحيان إلى سوء سلوكات الأنصار مع فرقهم وليس بين مختلف الأنصار.
صفحة الصحيفة الرسمية لاتحاد الحراش.....
التكنولوجية فكّت العزلة والحقرة عن الفريق
أكد «نونو دورتموند» أحد المشرفين على صفحة الصحيفة الرسمية لاتحاد الحراش رفقة زملائه عمر، سيد أحمد، ووليد ل»الشعب» أن فكرة تأسيس صفحة على مساحة التواصل الاجتماعي «فايسبوك» لأنصار اتحاد الحراش يعود لأربعة سنوات خلت.
وقال لنا: «قررنا عام 2012، الاستثمار في التكنولوجيات الحديثة خدمة لفريقنا المحبوب، وحشد الأنصار حوله وتزويد الجميع بمختلف المعلومات دون الانحياز لأي طرف في الفريق. وأضاف « نونو» عارضا اسباب القرار: «إن تناول أخبار فريق اتحاد الحراش على مستوى الصحافة الوطنية والمتخصصة لم يكن في المستوى المطلوب، حيث لا يخصص «للكواسر» إلا مساحات صغيرة بمقارنة بفرق أخرى،وعليه قررنا تأسيس هذه المساحة لنقل كل ما يتعلق بالفريق وفي الوقت المناسب وبتقنيات عالية من خلال اعتمادنا على الأخبار المكتوبة وفيديوهات نسجلها بإمكانياتنا، وبفعل التكنولوجيات الحديثة تمكنا من توصيل المعلومة حول الفريق لكل المحبين في 48 ولاية».
تقنية «3 جي» أوصلتنا لأكثر من 45 ألف منخرط
وقال «نونو»: «لقد ارتفع عدد محبي الصفحة من الأنصار إلى أكثر من 45 ألف بفعل التكنولوجيات الحديثة وخاصة دخول تقنية «3 جي» التي مكّنت الصفحة من الانتشار أكثر، وبات المناصر يتلقى أخبار الفريق من هاتفه الخاص على المباشر تقريبا في صورة جعلت الوعي يزداد عند الأنصار، من خلال فتح المجال للتعبير عن مختلف الآراء مع الكشف عن كل محاولات تكسير الفريق والتصدي للمناوئين له بالطرق الحضارية السلمية»، وهذا مع دعوتنا لتجنب السبّ والشتم.
«خاوة/خاوة» شعار أوصلنا لأحسن جمهور
في سياق متصل تحدث «نونو دورتموند» كما يسمي نفسه في الصفحة عن ثقافة نشر الروح الرياضية وتغيير الصورة السيئة المرسخة لدى الرأي العام عن المناصر الحراشي، موضحا في هذا الأمر «من أهداف صفحة الملتقى الرسمي لأنصار اتحاد الحراش المساهمة في نشر الروح الرياضية، والترحيب بأنصار الفرق الأخرى وتسهيل أمورها في ملعب المحمدية مع نقل كل الصور والفيديوهات التي تتضمن حسن استقبال «الكواسر» في المدن التي نتنقل لمواجهة فرقها، وكان لهذا الأمر تأثيرا ايجابيا على تحسين صورة المناصر الحراشي الذي للأسف عملت الكثير من وسائل الاعلام على تشويهه من خلال ربط مظاهر وصور العنف بالفريق الحراشي ومناصريه، ولكن بفضل جهود الجميع واستجابة الأنصار لنداءات التعقّل والحكمة والتحلي بالروح الرياضية جعل الجمهور الحراشي أحسن جمهور للموسم الرياضي 2014 / 2015 وكرم بداية 2016».
وأضاف « نونو» في صفحة «الصفراء»: «نتقاسم الجهود والأعباء فيما بيننا، نركز على الايجابيات فمثلا بعض أنصار الفرق التي كانت تجمعهم عداوة مع أنصار الحراش على غرار «السنافر» أنصار شباب قسنطينة أو «الشناوة» مناصري مولودية الجزائر، تمت المصالحة بيننا، واليوم هم ضيوفنا ونحن ضيوفهم عندما نتنقل وقد نشر صورا وفيديوهات تتضمن تلك المظاهر الجميلة والمؤثرة في نفسية المناصرين الذين بات كلهم يتحدثون عن ضرورة رد جميل أنصار الفرق الأخرى،وتحسين ظروف استقبال الآخر».
وكشف نونو بالمقابل. «فتحنا المجال عبر الصفحة للمناصرين للحديث عن كل المشاكل التي يواجهونها بطريقة حضارية وهو ما جعل شحنة العنف تتراجع في الملاعب، المناصر قبل هذه الصفحات الافتراضية لم يكن يجد المساحات اللازمة للتعبير عن انشغالاته، وهي نقطة تحوّل كبيرة في سلوك المناصر الجزائري الذي وجد في مساحات التواصل الاجتماعي منبرا لتفريغ مكبوتاته التي كانت سببا في انتشار العنف، وبات سلوكه ايجابيا في الملاعب بفعل حملات التحسيس والتوجيه ونداءات التعقل التي تطلقها الصفحة»،
صفحة المولودية....«العميد» حتى في فايسبوك
من غرائب الصدف أن صفحة مولودية الجزائر «MOULOUDIA.ORG» هي عميد صفحات أنصار فرق كرة القدم، حيث يعود تاريخ إنشائها إلى جوان 2004. قال رفيق رواق أحد المشرفين على الصفحة بأن فكرة تأسيس الصفحة كانت امتداد لتأسيس موقع الكتروني للفريق»، مذكرا بالدور الكبير الذي لعبه زميله شمس الدين خياطي المتواجد حاليا بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان يجتهد في تزويد الصفحة والموقع بالصور والفيديو.
وتعتبر صفحة المولودية العاصمية على غرار الفريق، عميدة الصفحات على مساحة فايسبوك على غرار الفريق الذي يمتلك لقب «عميد الأندية الجزائرية بحكم نشأته في 1921».
ووصل عدد المشتركين في الصفحة إلى حوالي 900 ألف محب وهو رقم قياسي يجعل الصفحة الأولى وطنيا.
صعوبات كبيرة في تسيير عقليات الأنصار
تحدث رفيق رواق عن صعوبات التحكم في سلوك الأنصار وتوجيهه نحو الأحسن،وغرس ثقافة الروح الرياضية وتقبل الآخر وغيرها من المبادئ المثالية التي تدعو إليها الرياضة. وقال في هذا الشأن: « للمولودية الكثير من الصفحات يشرف عليها مناصرون شباب من جيل مجتمع المعلومات والعالم الرقمي، ومضامين تلك الصفحات يختلف عنا كثيرا بحكم معايشتنا لمرحلة ما قبل فايسبوك وما بعده، وبالتالي نتفهم تعصب البعض وعنف البعض وبعض السلوكات التي لا نحكم عليها لأنها ناتجة عن أوضاع اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية وبالتالي نسعى دائما للتأثير ايجابيا على سلوك المناصر من خلال محاولة نشر رسائل تتضمن معاناته خاصة تعرضه للعنف والضغوطات حتى نؤكد معرفتنا له وبالخلفيات التي يعيش فيها».
وقال رواق ل»الشعب»:» قمنا بمجهودات جبّارة للمساهمة في تحسين العلاقات بين أنصار الحراش والمولودية بحكم ما جرى في السنوات السابقة من مشاحنات وهذه المصالحة لم تكن سهلة، اليوم الأمور عادت إلى مجاريها والحمد لله ولكن ترميم العلاقات الإنسانية في ظلّ التحولات الحالية بات أمرا صعبا ولحسن الحظ أن التكنولوجيات الحديثة تساهم في التقريب بين مختلف شباب الجزائر».
توقف رواق في سياق متصل عن ترويج الصفحة للمبادرات التي تدعو للروح الرياضية مثلما حدث في مباراة وفاق سطيف وشبيبة الساورة لحساب الجولة ال 21 لكرة القدم، حيث استضاف أنصار الوفاق أنصار بشار. حيث تكفلوا بهم وصنعوا أجواءا ساعدت على نشر الروح الرياضية.
التحسيس للقضاء على أسباب العنف
أظهر القائمون على صفحة المولودية وعيا كبيرا بأسباب العنف المنتشرة في الملاعب وقال محدثنا «إن مصدر العنف في الملاعب يعود بدرجة كبيرة لما يحدث خارج الملعب فما يتعرض له المناصر قبل الدخول للملعب وعند اقتناء التذاكر، وغياب أدنى مرافق الراحة يجعله يتوتر، كما أن بعض وسائل الاعلام تبالغ في شحن الأنصار من خلال الحديث عن ما تعرض له الفريق والأنصار في سفريتهم إلى تلك المدينة وبالتالي فيصبح المناصر قنبلة موقوتة، وأدنى حادث في المقابلة تجعله ينفجر،ويتسبب في سلوكات عنيفة».
ومن الأسباب الأخرى حسب رواق: «تصفية الحسابات بين بعض اللاعبين والمسيرين من خلال تجنيد أنصار وتحريضهم على العنف حصل هذا في مدرجات المولودية بين 2007 و2010، حيث وصل الأمر بقتل مناصر في المدرجات، والحمد لله منذ 4 سنوات تحسنت الأمور كثيرا بفضل حملات التوعية والتحسيس والإصغاء لهؤلاء».
وكان لنشر صور وفيديوهات خاصة بأنصار آخرين من مختلف أرجاء الوطن على غرار ما حدث بين فريقي مولودية قسنطينة وحي موسى، حيث أكرم أنصار «الموك» نظرائهم من جيجل باستقبال مميز جعل كل أنصار الفرق الأخرى تسارع للاقتداء بهؤلاء وتقديم الأحسن للآخر.
من التعصب إلى «التيفو »
تحدث رواق عن تمكين الأنصار من عقلية التفكير في العنف إلى عقلية التفكير في الإبداع والتميز من خلال تشجيعهم على تحضير «التيفو» الذي يعتبر لقطة منسقة وجماعية يشارك فيها أكبر قدر ممكن من الأنصار تظهر لوحات على المدرجات تشير لرموز النادي أو تبليغ انشغال أو شكر أو عملية تضامن وهي الظاهرة التي تمّ تقليدها من مختلف الملاعب الأوروبية، حتى باتت تلك الصور تعرض في مختلف القنوات الفضائية العربية والعالمية وهو ما أكسب أنصار مولودية العاصمة شعبية في مختلف مناطق العالم وهو الأمر الذي جعل العنف يتقلص وبدأ الأنصار يفكرون في الإبداع وترك العنف جانبا.
وحسب رواق، فإن تناقل تلك الصور والفيديوهات عبر الهواتف النقالة ساهم في نشر المنافسة بين مختلف أنصار الفرق الوطنية وهذا أمر يحسب للأنصار الذين يجب أن يتأكد الجميع بأنهم «أولاد فاميليا».
وأشار رواق إلى الكثير من الأمور التي تجعل مزاج المناصر العاصمي متقلب ويظهر ذلك من خلال صافرات الاستهجان ضد المنتخب الوطني في ملعب 5 جويلية أو ما حدث في مقابلة فلسطين، حيث يطالب الجمهور العاصمي بالأحسن دائما فبحكم تتبع البطولات الأجنبية، ومتابعة السياسة بكثرة يظهر ذلك في ملعب 5 جويلية، حيث يعتبره الكثيرون «دار الشرع» وهو محكمة لا مرافعة فيها ولا تقديم دليل، حيث يكون الجمهور هو الفاصل.
ولكم مشاهدة ما حدث في لقاء الجزائر فلسطين، حيث نقل الجمهور والذي لم يكن كله من العاصمة الموقف الرسمي للدولة الجزائرية حول القضية الفلسطينية، وما نقل المقابلة من ملعب البليدة إلى ملعب 5 جويلية إلا دليل واعتراف بمكانة الجمهور وما يريده وقد بثت القنوات الفضائية العربية والعالمية كل ما حدث في المقابلة والمدرجات بصفة خاصة.
وأرجع رواق سلوك الأنصار العاصميين المتقلب لما حدث في العشرية السوداء والتأثيرات السلبية التي تركتها في أوساط الشباب الجزائري والمعاملات السيئة التي تعرضوا لها والضغط الذي مورس في حقهم موضحا في هذا المجال «....أنا أتابع المولودية منذ 1992 من الملاعب، وكنت أقف على التجاوزات والمعاملات السيئة التي كان يتعرض لها الأنصار، كنا نستغرب من الطوق الأمني المضروب على جماهير الفرق الزائرة وهو ما خلق حالات نفسية شجعت على العنف، وحتى عقوبات إجراء مقابلة دون جمهور، لم يعد لها معنى في ظلّ تراجع العنف، فالعقوبات اليوم نابعة من عدم تفاهم الأنصار مع فرقهم وليس بين أنصار مختلف الفرق.
وأثار رواق بالمقابل القرارات العشوائية التي تتسبب في شحن الجمهور سلبيا مثلما حدث مع لقاء «مولودية الجزائر» و»أمل غريس»، حيث تمّ اختيار ملعب صغير وتم منح المولودية 8000 تذكرة مع إمكانية تنقل الجمهور ب 40 ألف وهو ما من شأنه أن يحدث مشاكل، فالأجدى أن يبرمج اللقاء في ملعب كبير حتى تضمن الفرجة والمتعة.
10 آلاف «جام» في دقيقة
تحدث المشرفون على موقع مولودية الجزائر عن شغف الجمهور بتتبع جديد الفريق، حيث تصل الأخبار المرفوقة بصورة أو فيديو للاعب أمضى للفريق إلى 10 آلاف «جام» في ظرف قصير جدا خاصة بعد دخول تقنية «3 جي» حيز التطبيق منذ 2014، وهو ما يؤكد الشعبية الكبيرة للصفحة وكثرة الطلب على أخبار الفريق.
وقال رواق في سياق متصل أن إمضاء اللاعب درارجة القادم من مولودية العلمية قد حقق «20000 جام في ثواني» ومن الأحداث التي تكثر فيها التعاليق والإعجاب نهائيات كأس الجزائر ولقاءات الداربي.
صفحة «المنعرج السطايفي»..
الوفاق علامة عالمية بامتياز
تمكنت صفحة «لو فيراج سيتيفيان» أو المنعرج السطايفي من الوصول إلى حوالي 600 ألف متابع للصفحة على مساحة التواصل الاجتماعي «فايسبوك» وهو رقم مهم يجعل أنصار الوفاق في الصف الثاني بعد صفحة مولودية الجزائر التي قاربت المليون «جام».
وقال «محمد السطايفي» الذي يشرف على الصفحة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى جانفي 2009، اقتداء بكبرى الأندية العالمية على غرار «البارصا» و»الريال» ومحاولة منح «النسر السود» الصبغة العالمية التي تليق بفريق كبير مثل الوفاق. وقال محمد في اتصال مع جريدة «الشعب»: «أن الهدف كذلك يتمثل في تزويد عشاق النسر الأسود بآخر أخبار الفريق «أول بأول « وبأقصى سرعة ممكنة...لقد كان أحد الأقارب يعمل في إدارة نادي الوفاق، وكان يزودني بالمعلومة في حينها،وأنا بدوري أنقلها للجمهور الواسع بكل مصداقية حتى نضمن خدمة في المستوى،ولعلّ هذا هو السر الذي جعل محبي الصفحة يتطور، فالثقة الممنوحة من الوفاق للوالد والثقة التي يضعها هذا السيد في شخصي تجعلني أسعى دائما للأحسن ونشر الحقيقة لا غير مع الدعوة الدائمة للروح الرياضية». وبرر المتحدث الذي يعمل رفقة زملائه (يعقوب ش)، و(سيف الدين خ)، و(يوسف ب)، تسمية الصفحة بالمنعرج «السطايفي» للمكانة الكبيرة في المدرجات، حيث يتهافت عليه عشاق النادي والمهوسين بالفريق واختباره.
الاعتذار ...فضيلة ولنا محبين من واشنطن إلى صنعاء
تحدّث محمد خصوصيات الصفحة التي أنشأت خصيصا لنشر الروح الرياضية والتقارب بين مختلف مكونات الشعب الجزائري قائلا: «الغرض من الصفحة ليس تجاريا ولا منبرا للسبّ والشتم والقذف بل هو مساحة حضارية، ولهذا نحن نحرص على التصدي للسلبيات، حيث نقدم اعتذاراتنا لكل المناصرين الذين يأتون بسطيف ويتعرضون لمضايقات أو سبّ من بعض أشباه الأنصار، وهذا نادرا ما يحدث لكن لا نتوانى في تقديم الاعتذار لأن حسن الاستقبال والكرم والجود من شيم الولاية رقم 19، ولن نرضى أبدا أن يمس فيها أحد كما نسعى من خلال الصفحة تحفيز مختلف أنصار الفرق للتنقل إلى سطيف حتى تكون الفرجة والحماس في سياق القضاء على الفتنة ومحو كل الصور السوداء عن العنف في الملاعب».
ومن خصوصيات الصفحة هو تواجد محبين للوفاق من كل أقطار العالم .. من الولايات المتحدة الأمريكية إلى صنعاء والأقطار العربية ترسل تحيات للوفاق وتعلن مساندتها له خاصة بعد تألق الفريق عربيا وإفريقيا ومحليا، وخاصة نيله لكأس رابطة أبطال إفريقيا الموسم ما قبل الماضي، وكذا كأس السوبر، ناهيك عن البطولات والكؤوس المحلة التي جعلته يتربع على عرش الكرة الجزائرية لسنوات طويلة». وتوقف محمد عن حملات التحسيس التي يطلقونها لتفادي السب والشتم في الملاعب وهو ما جلب ثمار كثيرة، حيث بات الجميع مجندا، وحتى المسيرين واللاعبين باتوا يتقبلون النقد البناء من الصفحة بعد تأكدهم من نبل الرسالة. وقال محمد في ختام حديثه لنا أن الصورة التي لن تتنحى من ذهنه هي توحيد القضية الفلسطينية لصفحات أنصار الفرق على فايسبوك، وهو ما جعله يتأكد من قدرة التكنولوجيات الحديثة على لعب دور إيجابي في ظلّ الترويج لسلبياتها فقط.
صفحات أنصار مولودية وهران حنين للماضي .....
تتقاطع صفحات أنصار مولودية وهران في البكاء على حال الفريق في السنوات الأخيرة، حيث مازالوا لم يتقبلوا سقوطه وعودته المحتشمة للقسم الوطني الأول، حيث لم يتطور الأداء رغم المبالغ المالية الطائلة التي صرفت والمدربين الكبار الذين أشرفوا على التشكيلة، حيث فسل الجميع في إعادة بريق الحمراوة.
كشف مصطفى مالك أحد المشرفين على صفحة الحمراوة أن مضامين الصفحة على فايسبوك موجهة لخدمة الروح الرياضية وتحسين علاقات أنصار النادي مع مختلف أنصار القطر الوطني.
وصرّح مالك الذي ينشط حسين وعبد الله في حديث ل «الشعب»: «أن ضعف التغطيات الإعلامية قد حفزنا على التطرق لمختلف أخبار الفريق ونشرها حتى لجميع أنصار الحمراوة في مختلف الولايات، حيث نستغل الانتشار الكبير لتقنية «3جي» لحشد الجمهور حول الفريق، ومنحه الدعم اللازم».
وأضاف مالك: «إن الصفحة تتعامل مع بعض المراسلين في نشر أخبار جديدة تلبي رغبات الجمهور كما نسعى للحصول على فيديوهات ولقطات خاصة بمقابلات الفريق وصور تشيد بالروح الرياضية».
«شعارنا مرحبا بكل أنصار الفرق الأخرى»
وتحمل صفحات الحمراوة شعارا مثاليا، يعكس المستوى الحضاري لأنصار النادي وهو» ...مرحبا بجميع أنصار الفرق في وهران»، قال عنها مالك: «نعمل على تنظيم الأنصار، لتفادي أي أحداث من شأنها أن تؤثر على الفريق».
تعمل صفحة أنصار مولودية وهران على تكثيف التضامن مع جمعية وهران، حيث يعد تعطل صفحة «الجمعاوة» تكفل الحمراوة بنشر أخبار فريق الغريم رغبة منهم في إظهار روح التعاون والتكافل مع أولاد المدينة الواحدة، في صورة تؤكد مستوى التطور الكبير في العلاقات بين مختلف الأنصار.
قرباج:
أحيي ما يقوم به الأنصار
ثمّن محفوظ قرباج رئيس الرابطة الوطنية لكرة القدم، ما يقوم به أنصار الفرق الوطنية على صفحات «فايسبوك» مثمنا الدعوات للتحلي بالروح الرياضية ونبذ العنف، واستعمال أسلوب حضاري للاحتجاج.
وقال قرباج متحديا الذين يرفضون عقوبة «الويكلو» قبول خسارة النقاط لتمكين الجماهير من حضور المباريات معترفا بأن العنف الذي مازال هو ذلك الذي يقوم به الأنصار تجاه فرقهم أو رمي المقذوفات، والشماريخ.
وحس قرباج فإن العنف بين مختلف أنصار الفرق تقلص إلى درجة كبيرة، وهي نقطة ايجابية جدا يجب أن يحييها الجميع
الخبير الإعلامي عامر عبد الرحمن
التفاعلية التي وفرتها «3 جي» قللت من العنف
ثمّن الخبير في علوم الاعلام والاتصال الدكتور عامر عبد الرحمن صفحات الأنصار على «فايسبوك» خاصة بعد أن أخذت منحى ايجابيا من خلال تضمنها دعوات للروح الرياضية والتسامح ورفع شعار الأخوة ونبذ العنف وهو ما يعتبر رسالة حضارية يجب الوقوف عندها وتشجيعها.
وقال الاستاذ ل»الشعب» أن صفحات الأنصار تنظم حركة الجماهير وتقود حملات تحسيسية، وأشار إلى إشراف الكثير من المثقفين والجامعيين على صفحات مساحات التواصل الاجتماعي وخاصة فايسبوك الذي ينتشر في الجزائر بصفة كبيرة خاصة منذ دخول تقنية «3 جي» سنة 2014.
وتطرّق محدثنا إلى توضيح الكثير من الصفحات للوجه الحقيقي لبعض الأنصار الذين تمّ ربطهم بمظاهر العنف على غرار أنصار اتحاد الحراش، ومولودية الجزائر، وشباب قسنطينة وفرق أخرى غير أن استخدام التكنولوجيات الحديثة أظهر الوجه الحقيقي للعديد من الفرق التي أكدت أن أنصارها حضاريين ويقدمون صورا جعلتهم أحسن الأنصار في الجزائر مثلما حدث مع اتحاد الحراش، والسنافر.
وفي سياق متصل، اعتقد عبد الرحمن أن تراجع العنف الذي كان يتسبّب فيه مناصرو الفرق التي تتنقل خارج الديار قد تراجع بصفة كبيرة وهذا في ظلّ التحولات التكنولوجية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا.
وشجّع عامر عبد الرحمن التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي التي خدمت كثيرا الروح الرياضية، وظلت تنادي باحترام الآخر مناصرين، حكاما ولاعبين، وقد استهوت هذه الصفحات اللاعبين الذي باتوا فاعلين في تلك الصفحات، الأمر الذي أكسبها تأثيرا ومكانة خاصة في الأوساط الرياضية.
وتحدث الخبير عن تقنية «3جي» ودورها في خلق التفاعلية بين الأنصار وصفحاتهم، حيث بإمكان المناصر من خلال هاتفه تلقي المعلومات والرسائل حول فريقه، وتمنح له فرصة الرد وإبداء الرأي.
وقد سمحت هذه التقنية كذلك من زيادة الاستفادة من تدفق الأنترنت، حيث كان المناصر لا يشعر بالانتماء لفريقه سوى يوم المقابلة، بينما بفضل التكنولوجيات الحديثة بات بإمكانه التفاعل مع كل ما يخص فريقه وفي كل وقت.
ويأمل نفس الخبير بالمقابل، أن تعمل مصالح الأمن على التفتح على تلك الصفحات ومحاولة معرفة توجهات الأنصار، والإصغاء لهم من باب معالجة ظاهرة العنف نهائيا والعمل على خلق روح تضامن بين الجميع حتى نصل لكرة قدم جميلة وإلغاء كل تلك الصور والمشاهد السلبية التي زرعت الرعب في ملاعب كرة القدم لسنوات.
المختص في علم النفس الدكتور ولد محي الدين نبيل
صفحات الأنصار امتصت الكبت الذي كان يولد العنف
قال الدكتور والمختص في علم النفس ولد محي الدين نبيل، أن صفحات الأنصار على صفحات فايسبوك ظاهرة جديدة ايجابية، حيث يعكس الإقبال الكبير عليها النقص الفادح في مساحات الدردشة والتواصل بين الشباب وخاصة أنصار كرة القدم الذين كانوا لا يلتقون إلا في الملاعب.
واعتبر ولد محي الدين انتشار الرسائل الايجابية بين مختلف الأنصار والدعوات للروح الرياضية بالسلوك السوي الذي يرغب الشباب في إظهاره لأن الظهور بسلوك سوي يجلب الانتباه والاعتراف، خاصة إذا كانت الأمور علانية، وهو ما توفر في مساحات التواصل الاجتماعي وخاصة فايسبوك، ويعكس هذا السلوك الحضاري الذي جعل مختلف الأنصار يتنافسون على تقديم الأحسن.
وتطرّق المختص بالمقابل إلى التحولات الاجتماعية الصعبة التي عرفها الشباب الجزائري الذي كان ضحية للعنف والضغط الممارس على المجتمع في السنوات السابقة، ولكن عندما تحسنت الأمور بدأ معظم الشباب يحاولون إنتاج أفكار حضارية تعكس مدى تفتحهم، ومتابعة كل ما يحدث في العالم خاصة كرة القدم الأوربية التي تقدم لوحات جميلة يصنعها كبار اللاعبين وحتى مغتربينا الذين جعلوا من المناصرين صحافيين ينقلون كل ما هو جميل.
ووجد الكثير من الشباب المولعين بكرة القدم في الصفحات تجمعات افتراضية لتبادل وتقاسم الصعوبات والتحديات، وما يبرر الإقبال الكبير على الصفحات التي قارب البعض منها مليون مشترك هو الشعور المشترك والجانب السيكولوجي الواحد الذي يجمعهم بحكم تقارب السن والثقافة وتقاسم نفس الواقع.
وتحدّث الأستاذ عن رد فعل نفسية من الشباب حول الواقع الصعب لذي يعيشونه والنظرات المنتقدة لهم ولسلوكهم وبالتالي فهو انتقاد ايجابي منهم.
الإمام الشيخ صالح خويلدي....
«الآيات والأحاديث في الصفحات اثرت إيجابيا على المناصرين»
حيّا الشيخ صالح خويلدي إمام بولاية ورقلة ما يصنعه الشباب الجزائري على صفحات الأنصار على صفحات فايسبوك، خاصة من خلال دعوتهم للتسامح والروح الرياضية قائلا في تصريح ل «الشعب»: «إن مثل هذه الخطوات تؤكد بأن شبابنا فيه الخير وأنه بذرة خير للأبد لا أستغرب مثل هذا السلوك المثالي الذين يعكس مدى تمسك الجزائريين بدينهم وسعيهم لتجسيده على أرض الواقع....فتلك الصور واللقطات الجميلة التي تنقلها مختلف وسائل الاعلام الأوروبية نحن أولى بها بالنظر لمرجعياتنا التي تنادي للتسامح والتغافر وتقبل الآخر والتعايش وغيرها من القيم السمحاء».
ودعا فضيلة الشيخ إلى ضرورة الابتعاد عن السب والشتم ونشر وبثّ الأمور غير الأخلاقية حتى نستقطب جميع فئات المجتمع لهذه المساحات وتعميم الفائدة، مثمنا نداءات شباب الجزائر لبعضهم للتنقل دون خوف وبشعارات ترحيبية تعيد لذلك الزمن الجميل، حيث كان كل مواطن يسافر إلى كل مكان في بلادنا دون خوف واضطراب.
وقال الإمام إن التكنولوجيات الحديثة يمكن أن نستثمرها في العديد من الأمور الايجابية مثل صفحات الأنصار فقط يجب أن يكون هناك تأطير وتنظيم، والمبالغة في الخوف منها ليس مبررا لأننا مطالبين بالانخراط بقوة فيها ونشر كل ما هو ايجابي ليكون التأثير المنشود الذي يخدم الصالح العام ويحافظ على تقاليدنا، مثمنا اللجوء للآيات والأحاديث لنشر القيم المثلى في المجتمع.
الإعلامي كمال مهدي... الصفحات تنافس وسائل الاعلام والسب والشتم النقطة السلبية
صنّف كمال مهدي الإعلامي الرياضي صفحات أنصار مختلف الفرق على مساحات التواصل الاجتماعي «فايسبوك» ضمن المؤسسات الإعلامية بامتياز كونها تملك السبق الصحفي وتزود الكثير من العناوين والقنوات الإعلامية بالمادة الحية، وتأسف بالمقابل عن انتشار السب والقذف والشتم على العديد من الصفحات وهو ما يجعلني أقول بأن مثل هذه الصفحات سلاح ذو حدين».
وعبر مهدي عن تخوفه من تعدّد الصفحات لدى الفريق الواحد والتي قد تكون مطية للتفرقة بين الأنصار وإشعال نار الفتنة في الملعب.
وحيّا بالمقابل المشرفين على هذه الصفحات وخاصة هولاء الذين يدعون للروح الرياضية ونشروا صورا جميلة جدا كان لها التأثير في نفسية الكثيرين وهو ما جعل التنافس بين الأنصار ينتشر لتقديم أروع الصور، مذكرا بالمصالحة التاريخية التي عقدت بين أنصار مولودية الجزائر واتحاد الحراش وكذا شباب قسنطينة.
وعاد مهدي في اتصال مع «الشعب» إلى الكثير من الذين كانوا ضحايا لهذه الصفحات، حيث تعرّض صحافيون ولاعبون ومدربون ورؤساء نوادي للسبّ والشتم والذمّ بمختلف الأوصاف، وما يزيد من سلبية بعض الصفحات هو استغلالها من قبل البعض لتصفية الحسابات وإثارة المشاكل والفتن.
ويأمل الاعلامي أن يفكّر أصحاب هذه الصفحات على حمايتها من التطرّق للحياة الخاصة للأفراد، وعدم نشر الآراء والتعاليق التي تتضمن سبّا وقذفا وشتما مشدّدا على ضرورة التركيز على المسؤولية أمام الله وأمام المجتمع.
أستاذ علم الاجتماع حسين تومي:
«انتشار هذه الصفحات يؤكد تأثرنا بالتكنولوجيات ورغبة الشباب في التغيير»
قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر 2 حسين تومي ل»الشعب» بأن المجتمع الجزائري يتغير باستمرار متأثرا بمختلف التحولات، وتعتبر التكنولوجيات الحديثة من أهم العوامل التي تؤثر على تطور المجتمعات التي يخضع فيها التغيير لنظريات التقليد والتثاقف والاحتكاك.
ويبقى المتعارف عليه في علم الاجتماع هو أن كل شيء متغير إلا التغيير فهو ثابت وهو ما ينطبق على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بمناصري فرق كرة القدم، حيث يعكس الإقبال الهائل للشباب على هذه الصفحات الخاصة بالتواصل الاجتماعية رغبة منهم في تغيير طريقة المناصرة، حيث كانوا يجتمعون في الشوارع والمقاهي وغيرها من الإمكان قبل أن يتكيفوا مع التحولات والتغيرات من خلال تنظيم أنفسهم في صفحات على العالم الافتراضي.
وقال الأستاذ أن هذه الظاهرة طبيعية فيها الكثير من الايجابيات من خلال استغلال هذه المساحات لنشر الروح الرياضية والتسامح بين مختلف أفراد المجتمع وأنصار الفرق الرياضية وهو ما يسمح بالتقليل من ظاهرة العنف التي ميزت ملاعبنا لفترة طويلة، ومن الايجابيات هو التقاء فئات مختلفة من المجتمع في صفحة واحدة وهو ما يزيد من تقريب وتجميع الناس بعضها ببعض.
وبقدر ما تملك هذه الصفحات من ايجابيات كبيرة، إلا أن دخولها بأسماء مستعارة واستهداف بعض اللاعبين والأشخاص في حياتهم الخاصة واستعمال السبّ والشتم يجعلنا نقول بأنها سلاح ذو حدين.
الخبيرة فاطمة بن سعد داسو (جامعة بوردو الفرنسية):
« الصفحات رد فعل على طغيان السياسة على الحياة الاجتماعية»
اعتبرت الخبيرة في تكنولوجيات الاعلام والاتصال فاطمة بن ساعد داسو من جامعة بوردو ظاهرة إنشاء صفحات على مساحات التواصل الاجتماعي «فايسبوك» بالتحول النوعي في صحافة المواطن، حيث تمكّنت مختلف الصفحات المنشأة من كسر احتكار الصحفي للمعلومة فبات كل فردا قادرا على النشر، والبث وتزويد المجتمع بالمعلومات.
وقالت الخبيرة في محاضرة ألقتها في المدرسة العليا للصحافة بالعاصمة حول أخلاقيات مهنة الصحافة والتحولات التكنولوجية بأن الصفحات الرياضية والثقافية وغيرها هي رد فعل من المواطنين على طغيان الأخبار السياسية على مختلف المجالات ولرغبة الجمهور في التنوع خلقت هذه الصفحات التي تعتبر ايجابية إذا احترمت فيها أخلاقيات المهنة وابتعدت عن السب والشتم.
وقالت الخبيرة في نفس السياق، لقد بينت هذه لصفحات بمرور الوقت عدم احترافيتها بالمقارنة مع وسائل الاعلام فمصادر الخبر غير معروفة والكثير من الأخبار عبارة عن شائعات، وعليه يجب مرافقة هذه الصفحات حتى تكون ايجابية ومحترفة لتفادي أية تأثيرات سلبية.
اللاعب الدولي والمدرب الأسبق للمنتخب الوطني رابح ماجر:
صفحات الأنصار مرآة عاكسة لسلوك اللاعبين
أشار اللاعب الدولي والناخب الوطني الأسبق رابح ماجر إلى أهمية صفحات الأنصار على فايسبوك في نشر الروح الرياضية بين مختلف أنصار فرق كرة القدم، موضحا بأن هذا التحول الاجتماعي والتكنولوجي يجب أن ينظر إليه بإيجابية وتوظيفه في هذا الاتجاه.
وتأسّف ماجر لطغيان السلبية وانتشار السبّ والشتم والقذف على العديد من الصفحات، الأمر الذي يجعل تأثيرها سلبيا ومحرضا على العنف والكراهية، مبديا امتعاضه لانتشار بعض أنواع العنف وتواصلها على مستوى ملاعبنا وهو الأمر الذي لا يجب إخفاؤه وعلينا محاربته ووقف كل ما يسيء لكرة القدم والجزائر بصفة عامة.
قال ماجر في هذا المجال: «كل سلوك سلبي أو حادثة سلبية في الجزائر يمكن أن تسيء لنا ويجب أن نأخذ حذرنا. لابد من الاهتمام بالايجابي ونقل ذكريات الزمن الجميل، حيث كان الأنصار من مختلف الفرق الوطنية جنبا إلى جنب ودون أية مظاهر عنف... وأضاف ماجر قائلا: «إن العنف يتولد داخل الملعب ثم يصعد للمدرجات، وبالتالي فتلك الصفحات الخاصة بالأنصار والتي يعمل الكثير منها على الإيجابي تتغذى مما يحدث داخل المستطيل الأخضر، فإذا تقبل الفريقان النتيجة وخاصة الخسارة، فإن ذلك سيجعل الأنصار يتقبلون ذلك وسينقلون صورا ايجابية أما إذا اندلعت احتجاجات ومناوشات فذلك سيولد العنف وستنتشر مظاهر العنف».
ماليك عسلة:
حارس شباب بلوزداد:..... السلبي أكثر
تحدث حارس شباب بلوزداد مليك عسلة عن صفحات الأنصار على صفحات فايسبوك، مؤكدا أن الكثير منها يحمل أمورا سلبية أكثر منها ايجابية، قائلا في تصريح مقتضب ل «الشعب» أن الكثير من اللاعبين يتأثرون بالسبّ والشتم الذين يطالعونه وهو ما يجعل مردودهم فوق أرضية الميدان هزيلا.
وأضاف عسلة. «...أنا لا أبرر ضعف البعض أو أقف في مكانهم فهذا رأيي الشخصي»، مختتما قوله بعدم الارتياح الكبير لمساحات التواصل الاجتماعي، خاصة بعد الذي حدث في بلدان ما يعرف ب»الربيع العربي» وتسببها في تدمير الكثير من الدول «.
محمد بلعرج مدرب اتحاد تبسة:
فرق بين الحديث عن «الكلاش» في المقابلات ودعوات الروح الرياضية
شجّع محمد بلعرج مدرب اتحاد تبسة لكرة القدم الذي حقّق تأهلا تاريخيا لنصف نهائي كأس الجمهورية لكرة القدم هذا الموسم على تأسيس صفحات لأنصار فرق القدم لما لها من قدرة وتأثير على توجيه سلوك الأنصار نحو الأحسن قائلا: « ....عندما أتصفح صفحات فايسبوك وأشاهد تنافس جلّ الفرق على تقديم أحسن النماذج على الروح الرياضية فهذا مؤشر أراه ايجابي يخدم الرياضة الجزائرية ويرفع من قيمة الأنصار».
وأضاف عسلة، «لقد حضرت لمقالات تتحدث عن مقابلات ب»الكلاش» وصورا رهيبة كانت تنشر، لقد كانت وسائل إعلام معينة تصنع العنف من خلال الشحن السلبي للأنصار، واليوم تغيرت الأمور وأصبحنا نقف على أشياء جميلة بين مختلف أنصار الفرق وهو ما قلّل العف بين الكثير من أنصار الفرق».
ودعا بلعرج إلى حماية هذه الصفحات من أشباه المناصرين الذين يلجأون للشتم والسب والقذف ويمسون بالحياة الشخصية للأفراد واصفا إياها بالمؤسسات الإعلامية بالنظر لما لها من إمكانيات في بث المعلومة ونشرها بسرعة البرق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.