في الوقت الذي بلغ معدل طالبي الجنسية الفرنسية من الجزائريين المقيمين في فرنسا وحتى في الجزائر قرابة 4000 شخص في السنة الواحدة، ولا يتحصل عليها إلا قرابة نصف العدد في أحسن الأحوال، تسجل وزارة العدل ظاهرة جديدة بلغت أوجها في السنوات الثلاث الأخيرة وهي طلب الأجانب الحصول على الجنسية الجزائرية، وزاد الحدث العربي المسمى ربيعا، من اشتعال الظاهرة، بدليل أن طالبي الجنسية من سوريين وتونسيين ومصريين وليبيين كلهم دخلوا الجزائر في السنتين الأخيرتين، إضافة إلى العدد الهائل من الأفارقة خاصة أبناء مالي والنيجر. كما تسببت الأزمة الاقتصادية العالمية والتي هبّت على أوربا بالخصوص، في تنويع طالبي الجنسية، الذي بلغ في السنة الأخيرة 1531 طلب بجنسيات من الأوروبيين من فرنسا ودول أوربا الشرقية وحتى اسكندنافيين من الذين اعتنقوا الإسلام، وتبدو الملفات المقدمة قوية ومستندة على قوة القانون، ومستغلة الأمر الرئاسي رقم 05 _ 01 المؤرخ بتاريخ 27 فيفري 2005 الذي عدّل الأمر 70 _ 86 المؤرخ في 17 سبتمبر 1970 المتضمن قانون الجنسية الجزائرية، والذي يسمح للأجانب من الرجال بعد ثلاث سنوات زواج من جزائرية بالحصول على الجنسية الجزائرية، وتجد المكاتب الولائية الخاصة بمصالح الأجانب بعد تقارير وزارتي العدل والداخلية نفسها قابلة للطلبات، إذ تم تجنيس في الفترة من سنة 2000 إلى 2007 حوالي 2620 أجنبي والرقم في ارتفاع متتالي، وغالبيتهم تزوجوا من جزائريات أو العكس، ومصلحة الأجانب في كل ولاية خاصة الحدودية هي هيكل تابع لمديرية التنظيم والشؤون العامة تتلقى طلبات التجنس سنويا مع اختلاف واضح بين الولايات، حيث يتضاعف العدد في ولايات الجنوب في وجود الماليين والنيجيريين والمغاربة وهم أكثر الأجانب طلبا للجنسية. وتقول المادة الرابعة من قانون 2005 أن اكتساب الجنسية الجزائرية عبر الزواج بالنسبة للجنسين ممكن، وتؤكد المادة التاسعة مكرّر أنه يمكن اكتساب الجنسية بموجب مرسوم من كل من تزوّج من جزائري أو من جزائرية وتوفرت فيه الشروط المعروفة من زواج قانوني، وكون طالب الجنسية مقيما فعليا منذ ثلاث سنوات على الأقل في الجزائر، عند تقديم طلب التجنس والإقامة المعتادة داخل الوطن لمدة عامين على الأقل، ويقوم طالبو التجنس بتقديم طلباتهم عبر ملفات على مستوى وزارة العدل والمكاتب الولائية، حيث تتصل الوزارة بمكاتب الأجانب في كل ولاية لأجل التحقيق في هوية طالب الجنسية، بالتعاون مع مصالح الأمن. وفي مدينة عنابة طلب أكثر من مئة صيني في السنتين الأخيرتين الحصول على الجنسية الجزائرية، بل إن بعضهم تزوّج بجزائرية، ومن بين هؤلاء تأكد وجود ديانات أخرى وبعضهم بلا وطن ومتابع في جنايات في بلده، ورغم التحريات والمراسلات التحذيرية التي صارت بعض مكاتب الأجانب بمختلف الولايات ترسلها للمصالح المدنية إلا أن الكثير من الأجانب بلغوا النصاب المحدد بطرقهم الخاصة وهم فعلا على الورق متزوجون من جزائريات، ويتواجدون منذ خمس سنوات من دون انقطاع في الجزائر، وستمكِّنهم الجنسية الجزائرية من الكثير من الامتيازات، والهروب من المتابعات التي تؤرقهم في بلدانهم بجوازات سفرهم الجزائرية، إضافة إلى إمكانية امتلاك العقار والاستفادة من السجلات التجارية بطريقة عادية من دون تعقيدات، بالرغم من أن بعض الزيجات خاصة مع الأفارقة والسوريين صارت تتم بطرق مراوغة، مثل تقديم عقود زواج المحاكم مباشرة لوزارة العدل، من دون تدوين الزواج بالطريقة الإدارية المعروفة أو عقود زواج تمت خارج الوطن، ويتم الاستفادة من التجنس بالحصول على سجلات تجارية واكتساب بعضها محلات وعقارات وأيضا الحصول على جواز سفر جزائري. وللأسف فإن غالبية الزيجات المختلطة التي تتم بهذا الشكل تبوّء بالفشل وكان قانون التجنس القديم الذي يعود إلى عهد الرئيس الراحل هواري بومدين ويعود تاريخه إلى 17 سبتمبر 1970 يمنح الجنسية الجزائرية لمن والده جزائري من دون ذِكر الأم الجزائرية فقط، ويخشى المُحذّرون من هذه الظاهرة، أن تطفو إلى السطح مع الوقت أقليات جديدة في الجزائر مثل البوذيين والأفارقة الذين لا دين لهم، لأن بعض الصينيين الذين توجهوا إلى المساجد وأعلنوا إسلامهم من أجل الزواج الذي يوصلهم للجنسية الجزائرية، لم يغيِّروا ديانتهم الأصلية التي هي في الغالب البوذية، وتمكَّنت مصالحُ الأمن في السنوات الأخيرة من وضع يدها على شبكات أجنبية مهّدت لجرائمها بالزواج من جزائريات، فصارت طلبات الزواج المتهاطلة على مصالح الأمن من الأجانب نادرا ما تحظى بالموافقة، ليغيّر هؤلاء وجهتهم مباشرة نحو المحاكم، بحجة وجود زواج عرفي بفاتحة الكتاب والشهود يجب تثبيته تفاديا لمهازل أخلاقية وأطفال بلا نسب، كما حدث في عنابة مؤخرا، حيث ضغطت إحدى العائلات على الإدارة لتثبيت زواج ابنتها التي حملت من عامل صيني.