البويرة: السيد شرفة يضع حجر الاساس لإنجاز ستة مراكز تخزين للحبوب    تهيئة الواجهة البحرية للعاصمة: بداني يؤكد التكفل بانشغالات الصيادين    بيئة بحرية: دعوة إلى تعزيز جهود التحسيس بمخاطر التلوث بالمعادن الثقيلة    هيئة صحراوية تدعو الشركات الأجنبية إلى وقف نهب موارد الشعب الصحراوي والانسحاب من الإقليم المحتل    باتنة: وضع حيز الإستغلال لسد بوزينة    رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي،الفريق أول شنقريحة من قسنطينة: الجيش سيبقى بالمرصاد لمن يقف وراء تهريب المخدرات إلى الجزائر    أسئلة في المتناول وترفع من حظوظ النجاح    أحزاب تدعو للتوافق على مرشّح للرئاسيات    مشروع قانون الرقمنة.. لبنة أساسية في مسار التحول الرقمي    تعزيز قدرات تخزين الحبوب عبر 52 ولاية    التزام بترقية النشاط الصناعي في بومرداس    استعراض واقع وآفاق التعاون وتعزيز الشراكة    "حماس" تدعو إلى إدراج الاحتلال في قائمة الكيانات المجرمة    استنهاض الضمير العالمي لوقف الجرائم ضد أطفال فلسطين    نجوم العالم يستنكرون مجازر رفح    17 ألف طفل فقدوا ذويهم في غزة    العدوان الصهيوني على غزة: إستشهاد 8 من عناصر أمن في إستهداف لمركبتهم في دير البلح    جميع مباريات الجولتين 28 و29 بدون جمهور    جولتان دون جمهور ولا تنقل للأنصار خارج الديار في ختام البطولة    بيتكوفيتش يضع اللّمسات الأخيرة قبل مواجهة غينيا    تنسيق جزائري أمريكي بشأن غزّة    حجز كوكايين بسطيف    ضرورة تسيير النفايات المنزلية كاقتصاد تدويري    انطلاق إنجاز مشروع طبي اجتماعي للفنان.. قريبا    تنظيم المعرض الوطني لكتاب الطفل    أول مصنع لإنتاج بلورات الأنسولين في إفريقيا    تباحث تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين    بحث محاور تعزيز التعاون الصحي بين الجزائر وكوبا    وصول ما يقارب 22200 حاج وحاجّة إلى مكة المكرمة    الرياضيات تريح مترشحي "البيام" والانضباط سيد الدورة    مكتتبون يطالبون بتسليم ثلاث عمارات متبقية من المشروع    المنتخب الوطني يختتم تربّصه بفوز على نادي آقبو    "كازنوص" تدعو أصحاب المهن الحرة لتسوية وضعيتهم    تكوين الإعلاميين في المجالات الاقتصادية لتبسيط المعلومة للقراء    الإفراج المشروط يساهم في إعادة إدماج المحبوسين    تونس تكشف عن مفاتنها لاستقطاب السائح الجزائريّ    ورقلة.. قافلة تحسيسية للوقاية من خطر التسمّمات    "الكاف" تكشف عن تاريخ انطلاق الطبعتين المقبلتين    الاحتلال يصعّد قصفه للصّحراويّين في الأراضي المحرّرة    العثور على لقى أثرية وقبور بقصر بغاي بخنشلة    المحافظة السامية للأمازيغية تحط بإليزي    مهرجان مسرح الهواة.. استمرارية وثبات في دعم المبدعين    تمديد آجال التكيف مع القانون المتعلق بالصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية    لماذا يسعى بايدن لإنهاء الحرب على غزة وفرض "مبادرة سلام" على نتنياهو؟    زكري يدافع عن بن زيمة وينتقد مدربي الدوري السعودي    الجمارك تضبط 786 قرص مهلوس    الحماية المدنية ترافق التلميذ إسلام في امتحان "البيام"    تحمل اسم العلامة "محمد البشير الابراهيمي"..تخرج الدفعة ال10 للمتصرفين الرئيسيين لمصالح الصحة    عن قصيدته "ما تساقط من غيمة الوجد"..الجزائري صدام عيسى بوعزيز يتوج بجائزة كتارا للشعر العربي    عثر عليها بقصر بغاي بخنشلة.. لقى أثرية وقبور تعود إلى الفترتين البيزنطية والإسلامية    مبابي يوقّع للرّيال    موظف البنك الذي قهر برشلونة قبل تدريبه    هذه أسباب تسلّط الجن على بني آدم..    حلٌ لمواجهة غلاء الأضاحي    مواقف تَرْبَويّة نبويّة مَعَ الشباب    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شارون بطل المذابح أذله وقهره المقاتلون الجزائريون
"إسرائيل" تخطط لقتل 03 آلاف جزائري

نصر رج "إسرائيل".. زلزل أمريكا... ووضع العالم على شفا حرب نووية، صمود لم تفلح كل الخطط العسكرية في اختراقه، شجاعة فشلت معها كل مؤامرات العدو، هذه نتائج معركة الأديبة التي صنعت درعا واقيا لانتصار العاشر من رمضان، وشكلت منها القوات الجزائرية حائطا فولاذيا تحطمت تحته الجحافل الصهيونية والأمريكية.
*
المؤرخ والكاتب الصهيوني »شفتاي تيبت« كان أول من تحدث داخل الكيان الغاصب عن تفاصيل معركة »الأديبة«، أو كما يسميها القادة العسكريون »الثغرة الأولى«، وكان أول من كشف حقيقة »أرئيل شارون« أمام الشعب الإسرائيلي، في الوقت ذاته لم يكن »تيبت« الوحيد من بين الصهاينة الذين قدموا أدلة على الهزائم التي مُني بها الجيش الصهيوني على يد القوات الجزائرية، فمعركة الأديبة وبالرغم من كونها واحدة من أشرس معارك حرب أكتوبر، إلا أنها لم تكن آخر المواجهات المباشرة بين الجزائريين والصهاينة، بل كانت سببا مباشرا في توجيه دفة الحرب تجاه مواقع القوات الجزائرية...
*
وقبيل التحدث عن بقية معارك القوات الجزائرية مع العدو، أردت التوقف عند جوانب أزمة خطيرة هددت العالم كله آنذاك؛ ذلك أن نتيجة معركة الأديبة وتوقيت حدوثها فتح الباب أمام واحدة من أخطر الأزمات النووية العالمية... فبات استخدام السلاح النووي في المعركة مطروحا على الطاولة.
*
*
الذري في مواجهة الكيماوي والبيولوجي
*
*
وفي هذا السياق يقول الأدميرال الأمريكي »توماس مورير«: تسببت الهزيمة الثقيلة التي منيت بها أمريكا و»إسرائيل« في ميناء الأديبة بمدينة السويس إلى تصاعد وتيرة الحرب بشكل أوحى لكافة الأطراف المتحاربة بأن الحرب النووية على الأبواب، وفي اللحظات الأخيرة تراجع الجميع عن قرارات الهجوم بأسلحة الدمار الشامل بعد فشل الجبهتين المتقاتلتين في تحديد هوية ونتيجة الحسم.
*
ويضيف مورير: بعد يوم واحد من وقوع معركة ميناء الأديبة، وتحديدا في صباح يوم التاسع من أكتوبر 1973 رابع أيام الحرب كانت الولايات المتحدة قد حسمت أمرها وقررت شنّ حرب شاملة على العمق المصري، وانطلقت وقتها مقولة »نريد مليوني قتيل«، فقد كانت واشنطن تريد الضغط على الجيش المصري من خلال إيقاع خسائر فادحة في صفوف المدنيين، لإجبار القيادة السياسية والعسكرية على وقف الحرب، وتكرار سيناريو اليابان في الحرب العالمية الثانية التي أجبرت على الاستسلام بعد إبادة سكان هيروشيما ونغازاكي، ولكن هذه المرة بدون استخدام السلاح الذري تجنبا لاندلاع حرب نووية عالمية، والاستعاضة عن ذلك بقنابل ذات قدرة تدميرية واسعة تصب على التجمعات السكنية المكتظة بواسطة مئات الطائرات، وكان واضحا أن الأمريكيين متألمون جدا من الهزيمة التي لحقت بهم قبل يوم واحد من هذا القرار، حتى أنهم لم يكونوا في حاجة لاستغاثة رئيسة الوزراء »غولدا مائير« التي أطلقت نداءها الشهير »أنقذوا إسرائيل...
*
لم يبق سوى السلاح الذري«، لكنهم في الوقت ذاته يقصد الأمريكيين منعوا تل أبيب من الإقدام على ضرب القاهرة بالقنابل الذرية، بعد تواردت معلومات تؤكد أن المصريين والسوريين تسربت لهم خطة مائير النووية، فحملوا كل ما يملكون من صواريخ متوسطة المدى برؤوس كيميائية وبيولوجية وجعلوها في حالة جهوزية قصوى للإطلاق صوب تل أبيب والنقب وحيفا، وعلى حسب تقدير القيادات الأمريكية آنذاك فإن السادات اتصل بشريكه في الحرب »حافظ الأسد« وطلب منه الاستعداد لتنفيذ ما أسماه »الخطة الثانية للحرب«، التي أعدها العرب قبيل الحرب للرد بأسلحة الدمار الشامل على أي هجوم ذري إسرائيلي، وأن عدد هذه الصواريخ إما قارب أو جاوز المائتي صاروخ بقليل، 130 منها على الجبهة الجنوبية (مصر)، و70 على الجبهة الشمالية (سوريا)، وجاءت هذه التقديرات بناءً على نجاح ال»سي.آي.إيه« في فك شفرة هذا الاتصال، لكن حتى الآن لا يعلم أحد إذا كان اتصال السادات ما هو إلا مناورة لإخافة خصومه، خاصة وأنه الاتصال الوحيد الذي لم يكن مؤمَّنا، وكأنّ صاحبه يريد وصوله للخصم، إضافة إلى أن عملية التجهيز الصاروخية على الجبهتين المصرية والسورية والتي نفذت بالفعل كانت أيضا مكشوفة ومرصودة بوضوح من قبل الأقمار الاصطناعية، وهو ما لم يكن متوفرا بنفس الدرجة مع التحركات الصاروخية العادية أو التقليدية التي استخدمت بالفعل تحت غطاء تمويهي حال دون كشف القواعد التي تنطلق منها، لكن أيّا كان الأمر... فإن العرب كانوا يمتلكون بالفعل عددا كبيرا من الصواريخ القادرة على الوصول للعمق الإسرائيلي، وكذلك عددا معتبرا من الرؤوس غير التقليدية، فكان إقدام أحد الطرفين على استخدام أسلحة الدمار الشامل بمثابة كارثة للعالم كله، فحيد هذا الخيار، وبحثت »إسرائيل« والولايات المتحدة عن بدائل أخرى... لكن تلك البدائل لم تمكنهما من إبعاد شبح الهزيمة.
*
*
خطة تدمير القاهرة
*
*
عندما بحثت عن هذه البدائل، وقعت في يدي وثيقة هامة محشورة في مذكرات »بي جروميكو«، وزير الخارجية السوفييتي وقت الحرب، والذي تحدث عن خطة الاختراق الجوي للعمق المصري، فيقول: بعد أن وقف العالم على شفير حرب نووية، تراجعت أمريكا و»إسرائيل« فتراجع الاتحاد السوفييتي هو الآخر بعدما أعلن حالة التأهب النووية القصوى، لكن هذا اليوم تلبّد بغيوم خطة خطيرة كاد أن يحدث نجاحها كارثة للعرب، حيث تقدم جنرال الجو الإسرائيلي »بيليد« بخطة عرضها على رئاسة أركان القوات الإسرائيلية، وكانت تلك الخطة موجهة ضد العمق المصري، ففي تمام الثالثة من مساء يوم 09 أكتوبر 1973 اجتمع كل قادة »إسرائيل« في مكتب رئيسة الوزراء آنذاك غولدا مائير ليوافقوا بالإجماع على تنفيذ خطة الهجوم على العمق المصري بما تبقى من طائرات سلاح الجو الإسرائيلي مدعومة ب530 طائرة أمريكية هبطت بطياريها في مطارات »إسرائيل« خلال الأيام الثلاثة الأولى للحرب، وذلك عبر هجمة واحدة فقط، تستهدف ضرب الكيان الاقتصادي والصناعي وتنقضّ على تجمعات مدنية ومراكز صناعية إضافة للمناطق العسكرية... وكان من المقرر أن تبدأ الخطة بهجوم جوى مركز في الساعات الأولى من صباح العاشر من أكتوبر، وذلك على بطاريات الصواريخ والقواعد الجوية التي عرفت وقتها بحائط الصواريخ، وبدأ العد التنازلي لتنفيذ الخطة، ولكن العملية ألغيت قبيل دقائق من ساعة الصفر المقررة لها »الخامسة من صباح العاشر من أكتوبر«، وكان الإلغاء بقرار من مكتب رئيسة الوزراء أثناء اجتماعها مع موشى ديان ودافيد إليعازر رئيس الأركان و»كينيث كيتنغ« سفير واشنطن في »إسرائيل« آنذاك، وكان سبب الإلغاء معلومات سرية مزودة بصور التقطتها أقمار التجسس الأمريكية تؤكد قيام المصريين بنشر عشرات البطاريات من الصواريخ المتحركة حول القاهرة والإسكندرية، الأمر الذي أدى لإجهاض الخطة من أساساتها، فقد كان مقدرا، بناءً على دراسة لقدرات حائط الصواريخ المنتشر على القناة، أن الدفاعات المصرية استنفدت الكثير من قدراتها خلال الأيام الأولى للحرب، وأن عددها يكفي بالكاد لإسقاط 200 طائرة، في حين ستتمكن بقية الطائرات المهاجمة من الوصول لأهدافها، لكن وبعد عملية النشر الصاروخي الداخلي، والتي شكلت حائط صواريخ ثانياً، بات أمل الوصول للهدف منعدما. حقا قبلت القيادات الإسرائيلية والأمريكية في سبيل تنفيذ هذه العملية بخسران 200 طائرة، لكنها لم تكن على استعداد لفقدان جميع طائراتها في عملية محكوم عليها بالفشل، وهو ما كان سيعني تأكيد السيطرة المصرية على سماء المنطقة برمتها، فعاد التفكير من جديد في الهجوم البري على مواقع الصواريخ والدفاعات المصرية.
*
*
»إسرائيل« تعاود الهجوم على القوات الجزائرية
*
*
العقيد »عساف ياجوري«، قائد اللواء 190 مدرع، والذي وقع في أسر القوات المصرية في واحدة من أعنف معارك الدبابات التي شهدها التاريخ، والذي اتهمته القيادات الصهيونية بإفشائه أسرارا للمصريين تسببت في إحباط عملية الثغرة الثانية، رد على الاتهامات الموجهة ضده أمام لجنة الدفاع بالكنيست قائلا: »تلقيت الأوامر من الجنرال شارون بالهجوم على ميمنة الجيش الثاني الميداني في منطقة القنطرة شرق، لشغل أنظار المصريين عن الهجوم الجنوبي على الأديبة، لكن المصريين كانوا يعرفون ميعاد وصولي واستعدوا لاستقبالي، وعلى غرار الفخ الذي نصب في الأديبة وجدت فخا في القنطرة، لكنني لم أهرب مثل قائدي... قاتلت واستمرت المعارك أربع ساعات متواصلة... كانت دبابات الأعداء أكثر من دباباتنا... وكانوا يجيدون الرماية على مختلف المسافات... كانوا يتقدمون بسرعة نحونا... وما زاد الطين بلة تطويق عدد من أفراد قواتهم الخاصة لنا، واتباعهم أسلوب التدمير والشل الحركي لمركباتنا يقصد إعطاب مقدمة ومؤخرة طابور الدبابات، فتعجز بقية دبابات المنتصف عن الحركة ، وكان الاستسلام هو السبيل الوحيد للنجاة، لكن المصريين استجوبوني بدهاء حتى استدرجوني لكشف هدف الهجوم، ومكانه الحقيقي«.
*
شهادة »عساف ياجوري« وجدتها تتوافق كثيرا مع ما ورد في مذكرات المشير الجمسي، الذي تحدث عن هذه العملية قائلا: كانت اعترافات العقيد الإسرائيلي الأسير »عساف ياجوري« مهمة للغاية، وكشفت للقيادات المصرية نوايا العدو الرامية للوصول لحائط الصواريخ، وتدميره لفتح ثغرة للطائرات الإسرائيلية، وكان واضحا لدينا جميعا في غرفة القيادة أن العدو تأكد تماما من عجزه عن صد قواتنا المهاجمة في سيناء، لأنها كانت تتحرك تحت مظلة قوية من الدفاعات الأرضية والمقاتلات المصرية، لذا لم تكن توجد حلول أمامه لوقف تقدم قواتنا في عمق سيناء إلا بانكشاف الغطاء الجوي المصري، لكننا كنا متأكدين بعد فشل محاولة اختراق اللواء 190 مدرع لقواتنا عند محور القنطرة شرق، وفشل عملية الأديبة أن العدو بات عاجز كليا عن تكرار مثل هذا النوع من العمليات في مناطق العبور التي أحكمت القوات المصرية قبضتها عليها تماما، وفي نفس الوقت كانت التحليلات العسكرية تشير إلى أن العدو سينفذ عملية التفاف ولكن من مكان آخر وبأسلوب آخر، وبدراسة دقيقة لنقاط الجبهة وجدنا أن ميناء الزيتية المتاخم للأديبة هو النقطة الأمثل لتنفيذ هذه العملية، وهنا تركنا العواطف جانبا، ورفضنا الاقتناع بأن العدو لن يفكر في الهجوم على المكان الذي خسر في ساعة واحدة لواءً مدرعا كاملا وكتيبة مظليين، وعلى الفور قررنا تدعيم القوات الجزائرية المسؤولة عن تأمين الزيتية بكتيبة صاعقة، وكانت المهام الموكلة لتلك الكتيبة جديدة ولم تطبق في الحروب من قبل، فصعقت العدو وأفشلت عملية الثغرة الثانية.
*
*
أسرى جزائريون لإنقاذ غولدا مائير
*
*
لأن القادة المصريين يتحفظون دائما خلال مذكراتهم على سرد تفاصيل العمليات العسكرية وهذا حال المنتصر، فإن المشير الجمسي لم يقدم أكثر مما أورده عن عملية الزيتية، لكن القادة الصهاينة المنهزمين كانوا مجبرين على قص كل كبيرة وصغيرة أمام لجان التحقيق.
*
الجنرال »شمويل جونين«، قائد الجبهة الجنوبية مع مصر، والقائد المباشر لشارون، يحمّل في اعترافاته أمام لجنة التحقيق شارون المسؤولية الكاملة عن الهزيمة في عملية الزيتية »الثغرة الثانية« فيقول: 'في صباح يوم 10 أكتوبر تلقيت أوامر من الجنرال »حاييم بارليف« بالتحرك بكل قوات المنطقة الجنوبية باتجاه ميناء الزيتية، أما طبيعة المهمة فتلخصت في الاستيلاء على الميناء والاتجاه صوب الأديبة، وتطهيرها من القوات الجزائرية، وإيقاع أكبر عدد ممكن من الجنود والقادة الجزائريين أحياء بناء على أوامر سياسية«. وقبيل استكمال شهادات »جونين«، أتوقف قليلا مع كتاب غولدا مائير »حياتي« التي أشارت فيه هي الأخرى لتلك العملية بالقول: »لقد هزت هزيمة الأديبة القيادات الإسرائيلية، وكنت أكثر ما أخشى أن تتسرب الحقيقة للمجتمع الإسرائيلي، فأمرت الجنرال موشي ديان الذي وضع خطة الهجوم على الزيتية بأن يصور عملية القضاء على القوات الجزائرية والتي قدرت بحوالي ثلاثة آلاف، على أن يوقع منهم من 10 إلى 50 أسيرا، لأواجه بهم الإعلام الذي بدأ يشتم رائحة الفضيحة«.
*
وأعود مرة أخرى لجونين الذي يقول: كان شارون يخضع لإسعافات في النقطة الطبية التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية، حيث أصيب رأسه في المعركة، أجريت له جراحة فخيط بثماني غرزات على ما أذكر، إلا أنه كان يحاصرني بجواسيسه الذين أخبروه باستعداد القوات للتحرك صوب الزيتية والأديبة، فدفع باب مكتبي بوقاحة وظل يضرب على المكتب بكفيه، قائلا: »أنا من سيتولى قيادة الهجوم'، فحاولت إفهامه برفق أنه مصاب ولايزال تحت وقع الصدمة، وأنني سأتولى قيادة الهجوم شخصيا، فتوجه نحو الهاتف واتصل بالجنرال ديان، قائلا له: هذا ثأري يا جنرال... هذه معركتي... لن يتولى سواي قيادة هذه العملية«، ثم ابتسم بشماتة وهو يعطيني سماعة الهاتف، ليأمرني الجنرال ديان بالامتثال لأوامر شارون، وهنا أدركت أنني أهنت لأبعد مدى، فقررت تقديم استقالتي على الفور، ويضيف جونين: لم أقدم على الاستقالة في أوج المعركة خوفا من العرب، ولكني أردت أن أتنحى جانبا عن العار الذي سيجلبه شارون ل»إسرائيل«، فقد كانت هذه العملية في حاجة إلى قائد متزن ومحنك وشجاع أيضا، لكن شارون المغرور والجبان في نفس الوقت وضعته القيادة العسكرية فوق أعناق الجميع، وفوق »إسرائيل« نفسها.
*
*
بطل المذابح أذله الجزائريون
*
*
أترك جونين الذي انتهى دوره في المؤسسة العسكرية الصهيونية منذ تلك الواقعة، لأعود إلى »شفتاي تيبت« الذي يقول: بمجرد أن سمعت بأن شارون هو من سيتولى الهجوم على الزيتية خلعت شاراتي العسكرية، وطلبت من قادة المنطقة الجنوبية تقديمي للمحاكمة، فنصحني الجنرال جونين بالتراجع عن هذا القرار لأن توابعه خطيرة على مستقبلي، وأن المحكمة العسكرية لن ترحمني لأنه جاء وقت الحرب، وسيفسر على أنه هروب من الميدان أثناء القتال، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الإسرائيلي بالتجريد من كل الرتب العسكرية والحبس لمدة عشر سنوات، لكنني أخبرت الجنرال أنني أعلم ذلك، وتمسكت بقراري، وبالفعل قدمت للمحاكمة وجردت من رتبتي العسكرية، إلا أن ذلك كان بالنسبة لي أشرف من القتال تحت إمرة معتوه، رأيته بعيني يبكي كالأطفال في ساحات المعارك الحقيقية، ورآه العالم من بعد يضحك كالمجنون في معاركه ضد النساء والشيوخ.
*
*
يتبع...
*
*
-----------------------
*
تقرأون في الحلقة القادمة
*
*
الجيش الجزائري يحاصر القوات الإسرائيلية
*
الصاعقة الجزائرية تأسر 80 صهيونيا
*
الجزائريون والصهاينة وجها لوجه بالسلاح الأبيض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.