شرع ما تبقى من سكان مدينة داريا السورية والمسلحين، في مغادرتها، بعد حصار من قبل الجيش السوري دام نحو أربع سنوات، تنفيذا لاتفاق تم ما بين النظام السوري والمعارضة المسلحة. وبالتزامن مع عملية إخلاء داريا، تتواصل الجهود الدبلوماسية في مسعى لاستئناف مفاوضات السلام بين الحكومة والمعارضة السوريتين بلقاء جمع، أمس، وزير الخارجية الأمريكية جون كيري بنظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف. وتوصلت الحكومة السورية والفصائل المعارضة في داريا، وفق الإعلام الرسمي، إلى اتفاق يقضي بخروج 700 مقاتل إلى ادلب -شمال غرب- و4000 من الرجال والنساء مع عائلاتهم إلى مراكز إيواء فضلا عن تسليم المقاتلين لسلاحهم، وقال ناشط من المدينة لوكالة فرانس برس في بيروت "هناك قهر كبير" بين السكان، وأضاف "ذهبت الأمهات إلى المقابر لتوديع شهدائهن، إنهن يبكين على داريا أكثر مما بكين حين سقط الشهداء". وعند مدخل داريا الشمالي قال مصدر عسكري سوري إن "عدد المقاتلين الذين سيخرجون اليوم مع عائلاتهم هو 300"، مشيرا إلى أن كل مقاتل "سيخرج ببندقية واحدة فقط". وأفادت مراسلة وكالة فرانس برس، إن قافلة أولى من سيارات الهلال الأحمر دخلت المدينة المدمرة من دون أن يتضح موعد بدء عملية الإجلاء، لحقها بعد ساعات عدد من الحافلات لإخراج المقاتلين والمدنيين. وأضاف المصدر العسكري "الذي لا يريد المصالحة سيذهب باتجاه مدينة ادلب والواقعة تحت سيطرة فصائل مقاتلة وجهادية، والذي يريد البقاء.. سيذهب إلى منطقة حرجلة" في الغوطة الغربية والواقعة تحت سيطرة قوات النظام. وأكد مجلس داريا المحلي أن "الأسر المدنية ستتوجه إلى بلدة حرجلة (...) ومن هناك يتوزعون إلى المناطق التي يرغبون بالتوجه إليها". ولداريا رمزية خاصة لدى المعارضة السورية، فقد كانت في طليعة حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد في شهر مارس 2011، كما أنها خارجة عن سلطة النظام منذ أربع سنوات بعدما تحولت الاحتجاجات إلى نزاع مسلح، وهي من أولى البلدات التي فرض عليها حصار. ويعيش نحو ثمانية آلاف شخص في داريا الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات جنوب غرب العاصمة. وهي أيضا مجاورة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز المخابرات الجوية. وكانت داريا قبل الحرب تعد نحو 80 ألف نسمة، لكن هذا العدد انخفض 90 بالمئة حيث واجه السكان طوال سنوات الحصار نقصا حادا في الموارد، ودخلت في شهر جوان أول قافلة مساعدات إلى داريا منذ حصارها في العام 2012.