تعيش أغلب المسارح الجهوية والعاملين بها حالة من التوجس والقلق بعد إقدام الوزارة على ما يشبه تهميش المسرح على حساب السينما، خاصة بعد تقليص ميزانية المسارح الجهوية إلى 60 في المائة، وغض الطرف على مسارح بدون مدراء، حيث تعرف سبعة مسارح جهوية حالة من التسيّب والركود لعدم إقدام الوزارة على تعيين مدراء بدلا من المغادرين لها، على غرار مسرح عنابةبجايةقالمة وغيرها وعدم تعويض المسرحيين المحالين على التقاعد. ويتخوف الكثير من المسرحيين من أن لا تجد هذه الهيئات ما تدفع به رواتب عمالها في الأشهر القليلة القادمة، بما في ذلك المسرح الوطني بالعاصمة، حيث أفادت مصادر مقربة من مبنى بشطارزي أن هذا الأخير يعرف عجزا ماليا كبيرا في حالة ما إذا لم يتم تدارك الأمور، ستدفع به إلى تسريح عماله والغلق، تخفيض الميزانية وتطبيق التقشف على المسارح أثر سلبا على تنظيم الفعاليات المسرحية، حيث يبقى إلى اليوم مصير مهرجان المسرح المحترف مجهولا في ظل عدم تحديد تاريخ انعقاده من طرف المحافظة التي وجدت نفسها غير قادرة على تنظيم مهرجان بمبلغ 5 ملايين دينار، وهي الميزانية التي أقرتها الوزارة لمهرجان المحترف حسب مصادر مقربة من لجنة التنظيم، ويبقى مصير المهرجان مجهولا في ظل عدم اتضاح مصير ولا ظروف لقاءات قالمة وسيدي بلعباس التصفوية لمهرجان العاصمة، نفس المصير المجهول يعرفه مهرجان المدية الذي لم يتضح مصيره حتى الآن، وهذا رغم التطمينات التي قدمها ميهوبي على هامش ندوته الصحفية مؤخرا، حيث أكد على تنظيم المهرجان في أجاله المحددة مثله مثل مهرجان بجاية. الحالة التي وصل إليها المسرح الوطني والمسارح الجهوية يلقي فيها المسرحيون باللائمة على الوزارة التي فضلت قطاع على قطاع بانحيازها للسينما على حساب الفن الرابع، حيث يرى المسرحي سيدي أحمد قارة أن الوزير ربما تكون له حسابات قديمة مع المسرح لأن الطريقة التي يتعامل بها مع المسرح والمسرحيين توحي بذلك، داعيا الوزير إلى إعادة النظر في الطريقة التي يتم بها تسيير المنظومة المسرحية في الجزائر عن طريق إعادة النظر في القوانين، وكذا إسناد التسيير إلى أهل المسرح واعتماد التمويل عن طريق المشروع بهدف تشجيع الإنتاج المسرحي وإعطاء الفرصة للطاقات القادرة على جلب التمويل والقضاء على البيروقراطية، مع التأكيد على مبدأ الخدمة العمومية التي تضمنها مؤسسات الدولة، بما فيها المسرح، مذكرا بما حدث للجزائر في نهاية الثمانينات عندما أغلقت المسارح. محمد فري مهدي اعتبر أن الحالة التي وصلت إليها المسارح الجهوية والفرق والتعاونيات المسرحية كارثية، لأن المسارح في القريب العاجل في ظل تخفيض الميزانية لن تجد ما تدفع به أجور عمالها، وقد يدفع هذا بالبعض من أجل البحث عن مصادر التمويل اللجوء إلى المسرح التجاري وتكريس التفاهة وهذا قد يقضي على ما تبقى من حس فني ومسرح حقيقي. من جهته المسرحي شوقي بوزيد اعتبر أن الحالة التي تعرفها المسارح اليوم هي حصيلة التسيير السيء لسنوات، حيث يؤكد شوقي للشروق أن الملايير التي استفاد منها في الغالب خلال السنوات الأخيرة أناس لا علاقة لهم بالمسرح هي التي أدت إلى ما نعيشه اليوم، لأننا لم نستثمر في الطاقات المنتجة للأفكار، و أضاف المتحدث أن ما يحدث اليوم في المسارح لا يقلقه كثيرا لأن ذلك قد يفتح المجال أمام مبدعي الأفكار والقادرين على جلب التمويل للمشاريع المسرحية الجادة، أملا أن تدعونا الأزمة الحالية للتفكير جديا في مشروع بناء الطاقات والأفكار التي تنهار بانهيار الأسعار.