لم تدم فرحة تلاميذ تجمع الكدسي بقرية الشقّة النائية ببلدية العالية بدائرة الحجيرة بقرار مديرية التربية لولاية ورقلة السماح لهم الالتحاق بمقاعد الدراسة لأول مرة استثنائيا طويلا بعد سنوات من الحرمان والفقر والتهميش والأمية، حيث اصطدمت أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم مع معضلة المسافة الطويلة والظروف القاسية التي يتنقلون فيها. مع كل صباح يستيقظ 40 تلميذ باكرا للاستعداد لانتظار الشاحنة التي تقلهم إلى المدرسة الواقعة على مسافة 16 كلم بقرية الشقة وسط مسالك رملية وعرة وخطرة وطقس شديد البرودة، فلا معطف بالي ولا "قشابية تقليدية" بإمكانها أن تحمي التلاميذ من برودة الطقس طيلة هذه المسافة، فتحولت فرحتهم بالدراسة شهر سبتمبر إلى معاناة وكابوس يومي وهم في سنّ صغيرة لا تقوى أجسادهم على تحمّل كل هذه الظروف والمعاناة، حيث يصلون إلى المدرسة في ظروف أقل ما يقال عنها مزرية وقاسية، كما يراجع هؤلاء التلاميذ دروسهم في منازلهم التقليدية المبنية بالحجارة والجبس والحطب والخيم على وقع الشموع ونيران الحطب لانعدام الكهرباء بهذا التجمع المعزول، حيث أصطدم حلم هؤلاء التلاميذ في الدراسة بعوامل وظروف خارجة عن نطاقهم أعاقت وعرقلت مشوارهم الدراسي في أول موسم لهم. وطالب سكان التجمع في رسالة رفعت إلى السلطات المحلية وعلى رأسهم الوالي إلى رفع الغبن والعزلة عن هذا التجمع، بفتح مسلك معبّد من منطقتهم إلى قرية الشقة على مسافة 16 كلم، وإيصالهم بالكهرباء الريفية خاصة وأن الشبكة الكهربائية لا تبعد عنهم سوى 5 كلم على مستوى الطريق الرابط بين قرية الشقّة وتقرت، حيث تعيش قرابة 30 عائلة من دون كهرباء ولا ماء، مطالبين في نفس الوقت بنصب الأعمدة الكهربائية، بالإضافة إلى إدماج بقية أبناءهم في المدرسة.