تحوّلت حادثة نجاة الحاج بقلول البالغ من العمر 38 عاما، عقب مكوثه ثماني ساعات تحت الأنقاض داخل بئر بعمق 27 مترا على مستوى مزرعة في دوار الرزايقية التابع إداريا لبلدية وادي الخير جنوبي ولاية مستغانم، إلى حديث العام والخاص. حيث أصبح البيت العائلي للضحية، منذ الجمعة الفارطة، مزارا آلاف المواطنين الذين قدموا من بلديات ودواوير الولاية، القريبة والبعيدة وحتى من خارج إقليم الولاية على غرار قرى ولاية غليزان المجاورة. الآلاف من المواطنين تدفقوا على المنزل العائلي للناجي بأعجوبة من الموت، وهو كهربائي عمل طيلة سنوات في إصلاح مضخات المياه داخل آبار المنطقة، المهنة التي أكسبته احترام سكان وفلاحي بلدية وادي الخير قاطبة. "الشروق" تنقلت مساء السبت، إلى منزل الكهربائي، الكائن بدوار الرزايقية على بعد 3 كلم عن مقر بلدية وادي الخير، حيث وجدنا شبانا يهمون بإزالة خيمة من أمام المنزل، استضافت الآلاف من المواطنين الذين جاؤوا للاطمئنان على الحاج، في وليمة كبيرة كان الفرح عنوانها الأبرز، بعدما كتبت حياة جديدة لابن القرية.
الكهربائي البسيط الذي هب إلى نجدته آلاف المواطنين أحد أبناء عمومة الضحية، قادنا مباشرة إلى المعني بالأمر الذي وجدناه مستريحا تحت ظل شجرة التوت، رفقة مجموعة من الأشخاص بعد الانتهاء من إزاحة الخيمة، التي علمنا أن أهل القرية أقاموها تضامنا مع أهل الضحية لاستقبال حشود المواطنين، حيث أرادوا من خلال هذه الهبة التضامنية التي أقاموا لها وليمة لمدة ثلاثة أيام، تحويل أجواء الحزن التي ظلت قائمة إلى أجواء فرح وشكر وحمد لله. تحدث إلينا الحاج بقلول رفقة شقيقه الأكبر، حول تفاصيل ذلك اليوم، حيث انتقل الأربعاء في حدود الساعة السابعة صباحا بطلب من أحد المزارعين لإصلاح مضخة كهربائية للمياه داخل بئر بعمق 27 مترا، حيث قال الحاج "بدأت العمل في حدود الثامنة صباحا وكان برفقتي شاب لمساعدتي خارج البئر، وفي حدود الساعة العاشرة والنصف، سجل انهيار طبقات من البئر عبارة عن حبات من الطوب وأتربة لقد بلغ سمك الركام والأنقاض التي تساقطت على أخي نحو 4 أمتار يقول شقيقه الأكبر، وفي تلك الأثناء يؤكد الضحية أنه فقد الوعي وأغمي عليه إثر تعرضه لإصابة على مستوى الرأس. وبعدما طلب مرافقه النجدة، انتقل إلى مسرح الحادثة مئات المواطنين من أبناء الدوار في محاولة لإنقاذه، علما أن البئر يعود تاريخ إنجازها لأكثر من 30 سنة الأمر الذي يجعل خطر الانهيار الكلي جد قائم.
"سأواصل العمل داخل الآبار" هذا ووضع المواطنون الذين هبوا لنجدة الكهربائي، سدودا لولبية داخل البئر لتجنب الانهيار، وقاموا بإزالة الركام والأنقاض لمدة ست ساعات متواصلة وفي حدود الساعة السادسة مساء، يقول الضحية، إنه استعاد وعيه داخل البئر، وسمع أصوات الناس، حيث قام بتحريك خيط كهربائي ومن خلال فتحة الخيط الكهربائي شغل ضوء هاتفه، إذ كانت هذه الإشارة كافية للمواطنين ليتحققوا من أنه على قيد الحياة، الأمر الذي تركهم يكثفون عملية استخراج الركام والأتربة إلى غاية انتشاله حيا في حدود الساعة الثامنة ليلا. ولم تظهر على الناجي، أي آثار جروح أو إصابات خطيرة وسط دهشة آلاف المواطنين الذين قدموا من مختلف قرى المنطقة تعاطفا وتضامنا مع الميكانيكي الفقير الذي لولاه لما سقيت مزارعهم ولا توفرت لديهم شربة ماء لأن الجميع يعترف له بمجهوده في كل الأوقات. الناجي من الموت بأعجوبة أكّد ل"الشروق"، أنه سيواصل عمله في إصلاح مضخات المياه داخل الآبار لأنها مهنته التي يجد فيها راحته ويكسب منها قوت عيش عائلته وأهله لأنه من عائلة فقيرة، "سأواصل مساعدة أهل القرية والقرى المجاورة الذين يعيشون بفضل مياه الآبار، حيث تحصي المنطقة نحو ألف منها".