لعقاب يقف وقفة ترحم على أرواح شهداء المهنة    شهادة التعليم المتوسط و"البكالوريا": والي سكيكدة تنصب اللجنة الولائية المكلفة بالتحضير    القضاء على إرهابي و قبض عنصري دعم    في خطابه له أمام نقابيي الاتحاد العام للعمال وأحدث صدا،الرئيس تبون : نجدد تمسك الجزائر بالطابع الاجتماعي للدولة ولن نتخلى عنه    قوجيل: الجزائر تدرك تماما أهمية التنوع الثقافي    اتّفاقية لتسويق الحليب بأحياء عدل    حراك الجامعات المؤيّد لفلسطين يتوسّع..    الوادي توقيف 3 مشتبه فيهم بقتل شخص    تغيّر في الأفق بمتحف المياه في توجة    بيت الحكمة.. كنز من كنوز الحضارة الإسلامية    صالون دولي للسيارات بقسنطينة    المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين يثمن الإنجازات المحققة في مجال الإعلام    تمثيلية جبهة البوليساريو بإيطاليا تنظم يوما تكوينيا لمرافقي الأطفال الصحراويين خلال الصيف    حفاوة رئاسية بالأسرة الإعلامية    حماية الطفولة: السيدة مريم شرفي تستقبل من قبل وزير المصالح الاجتماعية بكيبك    السيد العرباوي يحل ببانجول للمشاركة في أشغال قمة منظمة التعاون الإسلامي    معرض للمنتجات الجزائرية بنواكشوط    الفنانة حسنة البشارية أيقونة موسيقى الديوان    تصفيات كأس العالم 2026 : ملعب "نيلسون مانديلا" سيحتضن مباراة الجزائر وغينيا    آدم وناس يرد على قرار نادي ليل الصادم    بن طالب ينافس أوباميانغ على جائزة أفضل لاعب أفريقي في فرنسا    الجائزة الكبرى لمدينة وهران للدراجات: فوز نهاري محمد أمين بالمرحلة الثانية    استقبال الجرحى في الجزائر: سفير دولة فلسطين يثمن موقف دولة الجزائر المساند للفلسطينيين    الولايات المتحدة: الاحتجاجات الطلابية تمس أكثر من 120 جامعة أمريكية و ما يفوق 2000 معتقل    الحماية المدنية: تمرين محاكاة لزلازل بالبويرة بمشاركة 4000 عون    خلال نهاية السنة الجارية : تسطير برامج فعالة لإعادة التنمية للمناطق المحرومة في عنابة    حجز أزيد من 6 كلغ من المخدرات بعنابة    قسنطينة: وفاة طفل غرقا في بركة مائية ببني حميدان    أم البواقي : تنظيم ملتقى وطني جامعة العربي بن مهيدي    مباريات مولودية الجزائر-شباب قسنطينة: رفع الحظر عن تنقل أنصار الفريقين    بطولة إفريقيا المفتوحة أنغولا-2024 للسباحة: الجزائر تفتك خمس ميداليات جديدة منها ذهبية واحدة    دراجات/ طواف البنين الدولي: الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة الرابعة    النفط يتأرجح بين توقعات أوبك+ ومخاوف بشأن بالاقتصاد الأميركي    الاهتمام بالتكوين ضروري لتحسين أداء الأفواج الكشفية    الاتحاد الأوروبي سيمول 7 مشاريع للطاقة عبر "بنك الهيدروجين"    الايطالي جيانلوكا كوستانتيني.. فلسطين في التظاهرات الطلّابية    مراسلون بلا حدود: إسرائيل قتلت أكثر من 100 صحافي فلسطيني    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي : الجائزة الكبرى "الغزالة الذهبية" من نصيب الفيلم الاسباني "ماتريا"    دعا لها مشاركون بندوة علمية بسطيف.. ضرورة بناء وتكوين قدرات فعالة في إدارة المخاطر محافظة على الموروث الثقافي    عطاف يواصل المشاركة في الندوة الوزارية إفريقيا-دول شمال أوروبا بكوبنهاغن    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية    أولمبياد باريس 2024 : اللجنة الأولمبية تعين برباري رئيسا للوفد الجزائري في الأولمبياد بباريس    البرلمان العربي: الصحافة العربية لها دور ريادي في كشف جرائم الاحتلال الصهيوني في فلسطين    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال الصهيوني استهدف منزلا برفح    تيارت..هلاك ثلاثة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين في حادث مرور    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي ويكشف: نحو تنظيم دورات تكوينية لصحفيي الأقسام الثقافية    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    "تحيا فلسطينا": كتاب جديد للتضامن مع الشعب الفلسطيني    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    انبهار بجمال قسنطينة ورغبة في تطوير المبادلات    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشباه الرّجال وأشباه الرّحال
نشر في الشروق اليومي يوم 23 - 07 - 2017

روى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرّحال (السيارات في زماننا)، ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهنّ كأسنمة البخت، العنوهن فإنهنّ ملعونات، لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدم نساؤكم نساءهم كما خدمتكم نساء الأمم من قبلكم".
كأنّ هذا الحديث الذي ذهب غير واحد من أهل العلم إلى تحسين إسناده، يصف واقعا يعيشه كثير من الرّجال في هذا الزّمان؛ رجال استعبدتهم المظاهر الفانية، همومهم لا تتجاوز المآكل والمراكب، لا يحملون من الرّجولة إلا اسمها، ولا حظّ لهم من مقتضياتها التي أصبحت في عرف كثير منهم شيئا من الماضي الذي ذهب إلى غير رجعة، بل ربّما أصبحت عند بعضهم تخلفا لا يؤسف عليه!.
قديما كانت الرجولة مبادئ وأخلاقا ومواقف، تجعل صاحبها يأبى الدنية في دينه ودنياه؛ يجوع ولا يذلّ، ويصون عرضه عن أن تمتدّ إليه أيدي العابثين، لكنّها أصبحت في هذا الزّمان وصفا يكتب على بعض الوثائق وتلوكه الألسن ولا يجد له أثرا في واقع كثير من الرّجال.
رجال لا يُعرف عنهم ثبات على مبدأ أو كلمة أو وفاء بعهد أو وعد، يميلون مع كلّ ريح ويتلوّنون مع كلّ موقف ويلبسون لكلّ مناسبة لباسها.. رجال تنازلوا طوعا عن قوامتهم في بيوتهم وما عادوا يأمرون بمعروف أو ينهون عن منكر أو تتمعّر وجوههم أو تطرف أجفانهم.. رجال تخرج نساؤهم وبناتهم كلّ يوم ليجُبن الأسواق ذهابا ومجيئا، من دون حاجة أو قصد، تخرج الواحدة منهنّ كلّ صباح بعد أن تقضي وقتا ليس بالقصير أمام المرآة وتصبغ وجهها بكمّ هائل من الأصباغ، وبعد أن تتعطّر، وتلبس من اللّباس ما يصف ويشفّ، وما يغري العابثين بإتباع النّظرة النّظرة، واتباع الكلمةِ الكلمة.. تنتقل من محلّ إلى محلّ، ترقب ما استجدّ في عالم الألبسة، وترصد الأسعار، وربّما تأخذ مع الباعة وتردّ في الألوان والمقاسات والأنواع والأسعار، فإذا ما حان وقت الغداء اتّجهت إلى محلّ من محلات الوجبات السّريعة، لتتناول وجبة الغداء بعيدا عن بيتها، وربّما لا تجد حرجا في مزاحمة الرّجال أمام طاولات البيتزا المنتشرة في الشّوارع، غير مكترثة بنظرهم إليها، وغير آبهة بحاجة أفراد أسرتها إلى وجودها في بيتها.
رجال كأشباه الرّجال، لا يعبؤون بما تقترفه نساؤهم وبناتهم في حفلات ومواكب الأعراس، حيث يخرجن وهنّ في كامل زينتهنّ أمام الرّجال الأجانب، بألبسة ضيّقة شفّافة تظهر السّيقان والنّحور والظّهور، ويركبن في المواكب التي تجوب الشوارع والطرقات قد أسدلن الشّعور، ويتعرّضن للتّصوير وربّما لكلمات الغزل من طرف الشّباب العابثين.
رجال لا يجد الواحد منهم أيّ غضاضة في أن يخلو الطّبيب بزوجته أو ابنته، ولا يجد أيّ حرج في أن تكشف زوجته عند طبيب رجل مهما كان الأمر متعلّقا بأمراض النّساء الخاصّة، مع وجود الطبيبات!.
رجل تجد الواحدَ منهم قد أغناه الله براتب أو مدخول يستره ويكفيه، لكنّه مع ذلك يسمح لزوجته بالعمل في مكان لا يليق بها كامرأة مسلمة، تضطرّ فيه إلى التذلّل للرّجال والخلوة بهم، لأجل عرض قليل.
العجيب في أمر هؤلاء الرّجال أنّ كثيرا منهم –وكما أخبر الحديث- يُصلّون في المساجد ويحضرون صلاة الجمعة كل مرة، لكنّهم ليس لهم من الصّلاة إلا ظاهرها وحركاتها، وليس لهم من دخول المساجد إلا مظاهر ربّما تمتزج بشيء من الاستعلاء، خاصّة عند أولئك الذين يحرصون على الحضور إلى المساجد بسياراتهم الفارهة ليكسروا قلوب الفقراء، وربّما يصل الأمر ببعض هؤلاء المترفين من أشباه الرّجال أنّهم يحضرون مع جنائز أقاربهم أو معارفهم إلى المساجد، وينزلون عند أبواب بيوت الله ولا يدخلونها، لأنّهم لا يصلّون! يمكثون في سياراتهم ينتظرون خروج الجنائز، ليرافقوها إلى المقابر بسياراتهم الفارهة، ويدخلوا أسوارها وهم يعبثون بمفاتيح سياراتهم ويداعبون نظاراتهم، غير آبهين بتلك القبور المتجاورة التي استوى سكانها فلا فرق بين غنيّ ولا فقير ولا صغير ولا كبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.