بن براهم يدعو من أقبو إلى تعزيز الحركة الجمعوية    تحت شعار "الكشفية دوما في خدمة الوطن"..الجزائر تحيي اليوم الوطني للكشافة هذا الإثنين    السينما الفلسطينية ضيف الجناح الجزائري.. الجزائر في مهرجان كان السينمائي ببرنامج ثري    أدتها جمعية "نجمة" من البليدة..وصلات غنائية أندلسية راقية في حفل فني بقصر مفدي زكريا    وزارة الصحة : ضرورة تفعيل اليقظة للحفاظ على مكسب القضاء على الملاريا    في مداخلة لممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة،بن جامع: من الضروري إعطاء الأولوية للوقاية من النزاعات في أفريقيا    إثر لقاء الرئيس تبون بالأحزاب الممثلة في المجالس المنتخبة،قوجيل: هذا اللقاء يصب في نفس إطار سياسة اليد الممدودة للرئيس    إبراز استراتيجية الجزائر في حماية الأمن المائي    مؤشرات إيجابية لوجود المحروقات في عرض البحر    تطوير الموارد بحوضي اهنات وقورارة والالتزام بحماية البيئة    قوجيل يؤكد على الدور المحوري للمزارع النموذجية في النهوض بقطاع الفلاحة    الاحتلال الصهيوني يشنّ قصفا عنيفا على عدة مناطق من رفح    محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف هجومها على رفح    عماري يهدي الجزائر تاج "جمال بوكرشة"    إتحاد العاصمة- أولمبي الشلف.. مواجهة بست نقاط    رمي الجلة/مونديال كوبي 2024: ميدالية فضية جديدة للجزائر بواسطة زيامني    قوجيل يوقّع على سجل التعازي إثر وفاة الرئيس الإيراني    في عملية نوعية : حجز 3 كلغ من الكيف المعالج بحوزة 4 أشخاص بقسنطينة    الوقاية من النزاعات في إفريقيا أولوية    الجزائر تثمّن المعاهدة "التاريخية" التي اعتمدتها "ويبو"    خلال لقاء تشاوري جمع قادة أربعة أحزاب،عبد الكريم بن مبارك: تحالف سياسي بين تشكيلات سياسية تجمعها قواسم مشتركة    تلمسان: مغادرة أول فوج من الحجيج الميامين نحو البقاع المقدسة من مطار مصالي الحاج    هدم البناءات الفوضوية وإخلاء الأرصفة بشاطئ "ساسل"    حجز 2010 قرص مهلوس بحوزة ثلاثة أشخاص    ضبط تدابير مكافحة حرائق الغابات والوقاية منها : والي قسنطينة يأمر بالصرامة في محاربة كل أشكال التعدي على الفضاءات الغابية    الجزائر تطيح بأنغولا وتتأهل للمونديال    الخضر في مهمة تدارك خسارة المواجهة الأولى    أوركسترا موسكو "موسيقا فيفا".. برافو    تكريم خاص لنوابغ الجزائر واحتفاء بالمبدعين    انطلاق الطبعة السابعة    تعزيز العلاقات التاريخية والتنمية والسلم والاستقرار    نقل مباراة شباب بلوزداد- مولودية البيض إلى ملعب "20 أوت"    انتشال جثة شاب وإنقاذ مراهق بهنين    ممثلية جبهة البوليساريو بإيطاليا تنظم ندوة حول مناهضة الإستعمار    25 دار نشر تعرض بالصالون الوطني للكتاب ببلعباس    المعرض التكريمي ل "مصطفى سعاجي" يختتم اليوم..    مسابقة "الجينريك الذهبي" تكرم ريم غزالي وطارق عبد العزيز    سوناطراك..اتّفاقية مبدئية مع الشّركة الأمريكية إكسون موبيل    إيران تنشر نتائج التحقيق الأولي بتحطم مروحية "رئيسي"    الصهاينة يمنعون قنصلية إسبانيا من تقديم خدمات للفلسطينيين    المجال الأمني والعسكري المغربي بات مخترقا    "المينورسو " توثق جرائم الاحتلال المغربي ضد المدنيين    مستغانم..استثمارات كبيرة ونتائج واعدة    أرقام مذهلة لهدّاف منتخب غينيا تقلق دفاع الخضر..وضع بن سبعيني هذا الموسم يخيف بيتكوفيتش    360 مليار دج..النّاتج الوطني الخام ل "الحرف والصّناعات التّقليدية"    هذه صفة حجة النبي الكريم    فولسبورغ يستهدف التعاقد مع عمورة وفريقه يُطالب ب20 مليون يورو    الفلاحون يتجاوبون.. وتفاؤل بالنتائج المتوّقعة    النقيب علو يطمئن الحجّاج    آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك    صيد بحري: بداني يشرف بتيبازة على انطلاق حملة صيد التونة الحمراء    منشآت طرقية: إيلاء أهمية كبيرة للجنوب الكبير.. والأولوية للصيانة ومد طرق جديدة    ندوة فكرية دينية حول آداب زيارة المدينة المنورة للحجاج الجزائريين    الإخلاص لله والصدق مع الله    الجزائر تمتلك أهم نسيج في الصناعات الصيدلية في إفريقيا    رعاية اليتامى وكفالتهم.. الكنز الكبير    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقفون العرب والمشعوذون العرب
نشر في الشروق اليومي يوم 18 - 10 - 2010

يحتمي المثقف العربي بشعارات حرية الرأي والديمقراطية كلما حاصره الرقيب.. والرقيب هنا قد يكون مسلحا بالعصي أو بالمقدس.. وبين التفلت في تناول قضاياه والهروب الى اعمدة الديمقراطية يتأرجح المثقف العربي يلاحقه الخوف من الجوع والمطاردة والتهميش، وتصبح الكلمات والمعارف التي اكتسبها وزرا عليه عندما تكون بلا قوة داخلية تحميه من التردد وتوطنه على المواجهة، ولسوء حظ الثقافة ان غالبية المثقفين ينهزمون في الجولة الاولى امام بريق الدنانير او تلويح الحاكم بسوط او منصب..
وهنا نبدأ الاقتراب من تحديد السمات الاساسية للمثقف العربي في هذه المرحلة رغم ان كثيرين سيصرخون في وجوهنا وهل هناك مثقفون؟؟ اين هم؟ وبلا تردد نجيب انهم موجودون رغم ما يحيط بهم من تعتيم.. ولكن تداخل الاسباب في الخطاب الرسمي وشبه الرسمي لدى الجمعيات السياسية والمكونات الاساسية للمجتمعات صنع حالة من الشعوذة في واقع الناس اصبح المثقف ازاءها كالحاوي او المنتحر..
في مرحلة سابقة عندما كانت معظم انظمة الحكم في وطننا العربي ذات خيارات ايديولوجية محددة وشعارات تنضوي تحتها جملة الانشطة السياسية والاجتماعية.. حينذاك كان سهلا بروز تيار ثقافي ومنابر ثقافية مساندة او مضادة وعلى جبهة رفض توجهات الانظمة يومذاك برز مثقفون كبار ومفكرون متميزون.. في تلك المرحلة برز سيد قطب ومالك بن نبي وجمال حمدان ومحمد قطب وفتحي يكن وغيرهم من المثقفين الاسلاميين الكبار ما برز مثقفون علمانيون حيويون في مصر والجزائر وتونس والمغرب وبلاد الشام.
وبرز في تلك المرحلة علماء دين ممتازون مثل شلتوت ومحمد ابوزهرة في مصر وتقي الدين النبهاني في فلسطين وحبنكة ومصطفى السباعي في دمشق.. وامتد التميز الى طبقة الشعراء والادباء.
لكننا اليوم نمر بمرحلة الشعوذة.. انظمة حكم تخلط الدين بالهوى وتصنع من الفتاوى الفاسدة واستبداد الانحراف حالة تلفيق عجيبة.. وتحشد بين المناداة بحق فلسطين وبناء قواعد عسكرية امريكية على ارضها.. مرحلة يهتز فيها اليقين مع كل صاروخ امريكي وإسرائيلي ويصبح المستحيل هو احداث خطاب متميز بعد ان اختلطت خطابات الجميع في خلطة لا تشبه شيئا ولكنها تحتوي على شيء من كل شيء.. وهكذا تتكشف قدرة التلفيق وتأقلمها مع تعقيد الظروف.. فبسهولة يتم شطب أي لغة معارضة او رافضة.. فالفكر الليبرالي يعيش خزيه في ظل تنفيذ التجربة الديمقراطية في العراق والصومال والسودان.. ولم يعد الليبراليون قادرين على المناداة بأطروحاتهم بعد ان استولت عليها الادارة الامريكية، وها هي توظفها في تحطيم الدول وتفسيخ المجتمعات وإثارة الفوضى في الابنية الثقافية والاقتصادية.. فأصبح كل من يدعو لحل ليبرالي يكون على مسافة قريبة او بعيدة من الحل الامريكي المطروح لمجتمعاتنا.. أما الفكر الاسلامي فأصبحت تهمة الارهاب ممحاة لوجود الخطاب الاسلامي.. ويرجع المثقف الاسلامي خطوات كبيرة لأنه سيكون معزولا بعد ان جذبت الدنيا ببهرجها ومواقع الامتيازات فيها معظم من بدأ نجمه يلمع او كان مؤهلا ليصبح علما الى حيث مائدة السلطان..
المثقفون العرب والشعوذة المعاصرة معركة لم ينتصر فيها المثقف العربي رغم تضحياته الباسلة، ورغم كرهه للشعوذة الا انه اصبح للأسف في كثير من الاحيان مشعوذا يستخدم البخور ونار المواقد، يقرأ احلامه وبعض ما اصابه وينشر كلمات على الاوراق، هو يدرك ان لا قيمة لها لأنه يتلاعب بالالفاظ وبأساليب اللف والدوران التي استفادها من مطالعاته.. ذلك لأن طبيعة انظمة الحكم تتلون كالحرباء وتكون قد سحبت من المثقفين مادة تحريضهم ولسان شعوبهم.. وضيقت عليهم سبل الحياة الكريمة.
ان الفوضى والبعثرة والانتقائية واللا معيارية اصبحت سمات واضحة لدى المثقف العربي الذي انسحب من قضاياه الكبرى الى قضايا جزئية مشوهة.. ويكفي ان نستعرض موقف المثقف العربي من قضايا حساسة وحيوية وكبيرة لنرى حجم الضباب الذي يلفه.. فأين المثقف العربي من قضية الامن القومي العربي المهدد؟ اينه من قضية القرن الافريقي والصومال وجنوب السودان ودارفور والعراق وأزمة الثنائية الدينية في مصر وتمدد المقولة الصهيونية في الخطاب العربي..؟ اين المثقف العربي من التنمية والحريات السياسية واينه من العدو المركزي للأمة ممثلا في سياسات الادارة الامريكية..؟ وما هو موقف المثقف العربي من زوابع تكاد تعصف بالبيت العربي كله؟
المثقف العربي الليبرالي يتجه لنقد الدين والمقدس ويدخل معركة محكومة نتائجها بالفشل.. والمثقف الاسلامي اصبح مثقف الحزب الاسلامي وأصبحت احتياجات الحزب محركه وموجهه.. وخلت الساحة لمنظري الجهل والعنف والحسم الظالم في الآخر ولمنظري الرذيلة السياسية والاقتصادية.
اننا في ظل النظام العربي التلفيقي وأزمته البنيوية وترابط اجزائه بالخطوط الغربية في شتى الميادين لا نرى من نوعية المثقفين الا المنهارين او المتطرفين، وفي كلتا الحالتين نعاني التمزق او التطرف.. ولا يملك أي من اصحاب الخيارين الا الشعوذة للتدليل على وجوده.
اننا مدعوون الى البحث عن عناصر ارساء قناعات تبني قواعد لثقافة محصنة من الهزيمة والاختراق تفضح جريمة الشعوذة وترفض التنطع والميوعة.. نحن محتاجون إلى ثقافة تحمي الناشئة من الانحراف والمجتمع من الفوضى.. ولعل هذه الخطوة تكون من الخطوات الاولى للنهضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.