تقدير فلسطيني للجزائر    إجراء اختبارات أول بكالوريا في شعبة الفنون    العرباوي في كينيا    رفع سرعة تدفق الأنترنت إلى 1 جيغا    تسخير كل الإمكانيات لإنجاح الإحصاء العام للفلاحة    صيرفة إسلامية : المنتجات المقترحة من طرف البنوك في الجزائر تتطابق مع مبادئ الشريعة الإسلامية    هنية يُعبّر عن إكباره للجزائر حكومةً وشعباً    العالم بعد 200 يوم من العدوان على غزة    صورة قاتمة حول المغرب    5 شهداء وعشرات الجرحى في قصف صهيوني على غزة    العدوان على غزة: الرئيس عباس يدعو الولايات المتحدة لمنع الكيان الصهيوني من اجتياح مدينة رفح    مولودية الجزائر تقترب من التتويج    تيارت/ انطلاق إعادة تأهيل مركز الفروسية الأمير عبد القادر قريبا    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنّين    أمّهات يتخلّين عن فلذات أكبادهن بعد الطلاق!    سنتصدّى لكلّ من يسيء للمرجعية الدينية    برمجة ملتقيات علمية وندوات في عدّة ولايات    المدية.. معالم أثرية عريقة    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فرصة مثلى لجعل الجمهور وفيا للسينما    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    الجزائر تُصدّر أقلام الأنسولين إلى السعودية    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    استئناف حجز تذاكر الحجاج لمطار أدرار    تهيئة عدة شوارع للقضاء على مظاهر الترييف: 110 ملايير لربط 1300 سكن بالكهرباء في الطارف    وزيرة التضامن كوثر كريكو: الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنين    حراك الجامعات الأميركية يمتد إلى كندا وأوروبا وآسيا    الفريق أول السعيد شنقريحة يؤكد: يجب التيقظ والاحتراس و تنفيذ المهام بدقة وصرامة    بعد الإعلان عن خفْض الفوائد البنكية على قروض الاستثمار: قرارات الحكومة تريح المستثمرين    سونلغاز تفتح أزيد من 550 منصب شغل بولايات الجنوب    بعد مسيرة تحكيمية دامت 20 سنة: بوكواسة يودع الملاعب بطريقة خاصة    3 تذاكر ضاعت في نهاية الأسبوع: الثنائي معمري يرفع عدد المتأهلين إلى دورة الأولمبياد    ممثلا لرئيس الجمهورية: العرباوي يشارك في قمة المؤسسة الدولية للتنمية بكينيا    لموقفها الداعم لحق الفلسطينيين قولا وفعلا: هنية يعبر عن إجلاله وإكباره للجزائر    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    موجبات قوة وجاهزية الجيش تقتضي تضافر جهود الجميع    لأول مرة في الجزائر: «اتصالات الجزائر» ترفع سرعة تدفق الانترنت إلى 1 جيغا    القضاء على إرهابي بالشلف    تخوّف من ظهور مرض الصدأ الأصفر    تسجيل تلاميذ السنة الأولى بالمدارس القريبة من إقامتهم    إبراز دور وسائل الإعلام في إنهاء الاستعمار    "العايلة" ليس فيلما تاريخيا    عائد الاستثمار في السينما بأوروبا مثير للاهتمام    "الحراك" يفتح ملفات الفساد ويتتبع فاعليه    مواجهة كل من يسيء للمرجعية الدينية ولثورة نوفمبر    سارقا أغطية البالوعات في قبضة الشرطة    راتب بن ناصر أحد أسباب ميلان للتخلص منه    أرسنال يتقدم في مفاوضات ضمّ آيت نوري    مدرب ليون الفرنسي يدعم بقاء بن رحمة    العثور على الشاب المفقود بشاطئ الناظور في المغرب    قسنطينة: دخول "قريبا" فندق سيرتا العمومي حيز الخدمة بعد إعادة تهيئته    15 جريحا في حوادث الدرجات النارية    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    مباشرة إجراءات إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بقلم محسن العبيدي الصفار/ العراق
هنيئا لك الحج ياسعيد


بعد انتهاء مراسيم الحج وانفضاض الحجيج كل في حال سبيله اكتض المطار بالحجاج العائدين إلى بلادهم وهم ينتظرون طائراتهم لتقلهم إلى الأحباب الذين ينتظرونهم بفارغ الصبر، جلس سعيد على الكرسي وبجانبه حاج آخر فسلم الرجلان على بعضهما وتعارفا وتجاذبا أطراف الحديث حتى قال... الرجل الآخر :- والله يا أخ سعيد أنا أعمل مقاولا وقد رزقني الله من فضله وفزت بمناقصة أعتبرها صفقة العمر وقد قررت أن يكون أداء فريضة الحج للمرة العاشرة أول ما أفعله شكرانا لله على نعمته التي أنعم بها عليّ وقبل أن آتي إلى هنا زكيت أموالي وتصدّقت كي يكون حجّي مقبولا عند الله. ثم أردف بكل فخر واعتزاز:- وها أنا ذا قد أصبحت حاجا للمرة العاشرة..أومأ سعيد برأسه وقال :- حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا إن شاء الله.ابتسم الرجل وقال :- أجمعين يا رب وأنت يا أخ سعيد هل لحجك قصة خاصة ؟أجاب سعيد بعد تردّد :- والله يا أخي هي قصّة طويلة ولا أريد أن أوجع رأسك بها. ضحك الرجل وقال :- بالله عليك هلا أخبرتني فكما ترى نحن لا نفعل شيئا سوى الانتظار هنا .ضحك سعيد وقال :- نعم، الانتظار وهو ما تبدأ به قصتي فقد انتظرت سنين طويلة حتى أحج فأنا أعمل منذ أن تخرجت معالجا فيزيائيا قبل 30 سنة وقاربت على التقاعد وزوّجت أبنائي وارتاح بالي ثم قرّرت بما تبقّى من مدّخراتي البسيطة أداء فريضة الحج هذا العام فكما تعرف لا يضمن أحد ما تبقى من عمره وهذه فريضة واجبة .رد الرجل :- نعم الحج ركن من أركان الإسلام وهو فرض على كل من استطاع إليه سبيلا .أكمل سعيد :- صدقت، وفي نفس اليوم الذي كنت أعتزم فيه الذهاب إلى متعهد الحج بعد انتهاء الدوام وسحبت لهذا الغرض كل النقود من حسابي، صادفت إحدى الأمهات التي يتعالج ابنها المشلول في المستشفى الخاص الذي أعمل به وقد كسا وجهها الهم والغم وقالت لي استودعك الله يا أخ سعيد فهذه آخر زيارة لنا لهذا المستشفى، استغربت كلامها وحسبت أنها غير راضية عن علاجي لابنها وتفكر في نقله لمكان آخر فقالت لي لا يا أخ سعيد يشهد الله أنك كنت لابني أحن من الأب وقد ساعده علاجك كثيرا بعد أن كنا قد فقدنا الأمل به .استغرب الرجل وقاطع سعيد قائلا :- غريبة ، طيب إذا كانت راضية عن أدائك وابنها يتحسن فلم تركت العلاج؟ أجابه سعيد :- هذا ما فكرت به وشغل بالي فذهبت إلى الإدارة وسألت المحاسب عن سبب ما حدث وإن كان بسبب قصور مني فأجابني المحاسب بأن لا علاقة لي بالموضوع ولكن زوج المرأة قد فقد وظيفته وأصبح الحال صعبا جدا على العائلة ولم تعد تستطيع دفع تكاليف العلاج الطبيعي فقررت إيقافه .حزن الرجل وقال :- لا حول ولا قوة إلا بالله، مسكينة هذه المرأة فكثير من الناس فقد وظائفه بسبب أزمة الاقتصاد الأخيرة، وكيف تصرفت يا أخ سعيد؟ أجاب سعيد :- ذهبت إلى المدير ورجوته أن يستمرّ في علاج الصبي على نفقة المستشفى ولكنه رفض رفضا قاطعا وقال لي إن هذه مؤسسة خاصة تبتغي الربح وليست مؤسسة خيرية للفقراء والمساكين ومن لا يستطيع الدفع فهو ليس بحاجة للعلاج .خرجت من عند المدير حزينا مكسور الخاطر على المرأة وابنها خصوصا أن الصبي قد بدأ يتحسن وإيقاف العلاج معناه انتكاسة تعيده إلى نقطة الصفر، وفجأة وضعت يدي لا إراديا على جيبي الذي فيه نقود الحج، فتسمرت في مكاني لحظة ثم رفعت رأسي إلى السماء وخاطبت ربي قائلا :اللهم أنت تعلم بمكنون نفسي وتعلم أن ليس أحب إلى قلبي من حج بيتك وزيارة مسجد نبيك وقد سعيت لذلك طوال عمري وعددت لأجل ذلك الدقائق والثواني ولكني مضطر لأن أخلف ميعادي معك فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم. وذهبت إلى المحاسب ودفعت كل ما معي له عن أجرة علاج الصبي لستة أشهر مقدما وتوسّلت إليه أن يقول للمرأة بأن المستشفى لديه ميزانية خاصة للحالات المشابهة دمعت عين الرجل :- بارك الله بك وأكثر من أمثالك، ولكن إذا كنت قد تبرعت بمالك كله فكيف حججت إذا ؟ قال سعيد ضاحكا :- أراك تستعجل النهاية، هل مللت من حديثي؟ اسمع يا سيدي بقية القصة، رجعت يومها إلى بيتي حزينا على ضياع فرصة عمري في الحج وفرحا لأنّي فرّجت كربة المرأة وابنها ونمت ليلتها ودمعتي على خدي فرأيت نفسي في المنام وأنا أطوف حول الكعبة والناس يسلّمون عليّ ويقولون لي حجا مبرورا يا حاج سعيد فقد حججت في السماء قبل أن تحج على الأرض، دعواتك لنا يا حاج سعيد، حتى استيقظت من النوم وأنا أحس بسعادة غير طبيعية على الرغم من أني كنت شبه متأكد أني لن أتشرف يوما بلقب حاج، فحمدت الله على كل شيء ورضيت بأمره .وما إن نهضت من النوم حتى رن الهاتف وكان مدير المستشفى الذي قال لي :- يا سعيد أنجدني فأحد كبار رجال الأعمال يريد الذهاب إلى الحج هذا العام وهو لا يذهب دون معالجه الخاص الذي يقوم على رعايته وتلبية حاجاته، ومعالجه زوجته في أيام حملها الأخيرة ولا يستطيع تركها فهلا أسديت لي خدمة وذهبت بدلا عنه ؟ لا أريد أن أفقد وظيفتي إذا غضب مني فهو يملك نصف المستشفى .قلت له بلهفة :- وهل سيسمح لي أن أحج ؟ فأجابني بالموافقة فقلت له إني سأذهب معه ودون أي مقابل مادي ، وكما ترى فقد حججت وبأحسن ما يكون عليه الحج وقد رزقني الله حج بيته دون أن أدفع أي شيء والحمد لله وفوق ذلك فقد أصر الرجل على إعطائي مكافأة مجزية لرضاه عن خدمتي له وحكيت له عن قصة المرأة المسكينة فأمر بأن يعالج ابنها في المستشفى على نفقته الخاصة وأن يكون في المستشفى صندوق خاص لعلاج الفقراء وفوق ذلك فقد أعطى زوجها وظيفة لائقة في إحدى شركاته .نهض الرجل وقبل سعيد على جبينه :- والله لم أشعر في حياتي بالخجل مثلما أشعر به الآن يا أخ سعيد فقد كنت أحج المرة تلو الأخرى وأنا أحسب نفسي أنني أنجزت شيئا عظيما وأنّ مكانتي عند الله ترتفع بعد كلّ حجة ولكني أدركت لتوّي أن حجك بآلف حج من أمثالي فقد ذهبت أنا إلى بيت الله بينما دعاك الله إلى بيته ومضى وهو يردد: غفر الله لي، غفر الله لي ..

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.