حاملة الطائرات الفرنسية مستعدّة للإبحار لترسو أمام ميناء طرابلس مع صواريخها وتصطحبها فرطاقة وغواصتان: واحدة نووية والثانية كلاسيكية، والمستهدف: معمّر القذافي، لسنا في مارس 2011 عندما تدخّلت فرنسا لتمنع النظام من دكّ مدينة بنغازي الثائرة بل في سبتمبر من عام 1984. تمّ الكشف عن عملية عسكرية فرنسية سريّة أطلق عليها اسم "ميرميلون" يوم الخميس 21 مايو في باريس من قبل الأميرال جاك لانكساد وقد شغل هذا البحار منصبة رئيس هيئة الأركان الخاصّة برئيس الجهورية بين عامي 1989 و1991 ثمّ أصبح رئيس أركان القوّات المسلّحة حتّى عام 1995 وتحدّث في إطار ندوة مثيرة في المدرسة العسكرية في باريس بعنوان: "فرنسوا ميتران والدفاع". وفي الندوة الّتي عقدت لمدّة يومين تحت قيادة وزير الشؤون الخارجية السابق هوبير فيدرين، والّذي شغل منصب الكاتب العام لرئاسة الجمهورية في ظلّ حكم فرنسوا ميتران ووزير الدفاع الحالي جان إيف لو دريان، شهد الحرس المقرّب من الرئيس الاشتراكي على الأهمية الّتي أولاها ميتران إلى الأداة العسكرية إذ أطلق رئيس الدولة في ولايتين –دامت كل واحدة منهما 7 سنوات– العديد من العمليات الخارجية دون أن يسبق لأيّ رئيس آخر منذ تأسيس الجمهورية الخامسة أن يقوم بمثل هذا العدد: نحو 30 عملية عسكرية خارجية. بالعودة إلى عام 1984، كان على القوّات الفرنسية أن تغادر شمال تشاد حيث قاتلت جنود القذافي في إطار عملية "مانتا" ونصّ الاتّفاق على أن تتراجع القوّات الفرنسية إلى الجنوب –ولم يغادر الفرنسيون منذ ذلك الحين عاصمة تشاد نجامينا– في حين كان على الليبيين أن يعودوا إلى أراضيهم. أمّا شريط أوزو الّذي ادّعى القذافي أنّه تابع لليبيا "بموجب اتّفاقيات بين إيطالياالمحتلة لليبيا وفرنساالمحتلةلتشاد" على الحدود التشادية، فقد نصّ الاتّفاق على أن يصبح الشريط طوقًا أمنيًا محكمًا. لم تهدأ باريس آنذاك وأكّدت السلطات الأمريكية عبر أقمار الاصطناعية أنّ العقيد الليبي لم يلتزم بتعهّدات، آنذاك كان الأميرال لانكساد آمر منطقة المتوسّط خطّط إلى عملية "في حالة قام القذافي بأيّ عمليّة ضدّ القوات الفرنسية الّتي عرفت بأنّها في حالة ضعف" وقد كانت الخطط سريّة جدًّا "إلى درجة أنّ المحافظ البحري في منطقة المحيط الأطلسي لم يكن على علم بها"، واستعدّ السباحون المقاتلون إلى تدمير الزوارق التابعة إلى العقيد في ميناء طرابلس وكانت الطائرات تتجهّز لقصف مدرّجات مطار مصراتة الّتي تقلع منها طائرات ميغ المقاتلة الليبية. ومن المذهل أنّ عملية ميرميلون قد دامت قرابة شهر، "لم تدرك خلاله الصحافة أيّ خبر عمّا يحدث" ولم تشاهد أيّ شيء عن حركة السفن قبالة السواحل الليبية في ظلّ غياب الانترنت والشبكات الاجتماعية المتوفّرة اليوم، كان هذا في عام 1984، في القرن الماضي. علي. م/ وكالات