أنباء عن مفاوضات مع إرهابيين لتسليم أنفسهم في سكيكدة وجيجل رسّمت إشادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالنتائج المحققة على الصعيد الأمني والسياسي منذ عشر سنوات من تطبيق سياسة "المصالحة الوطنية "تمسك القاضي الأول بالبلاد بمشروعه لتحقيق هدف "استئصال الإرهاب" مثلما وعد منذ اعتلائه الحكم في أفريل 1999. وبعيدا عن تعاطي الطبقة السياسية مع جزئيات المبادرة، فإن خروج نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، لتزكية "النتائج المثمرة" وتأثيرها على استتباب الأمن يظهر أن "المصالحة الوطنية" أضحت مرجعا في السياسة الأمنية للبلاد في ظل التجربة الثرية التي اكتسبتها قوات الجيش في انتشال "المغرر بهم" من مخالب بقايا الجماعات الإرهابية. يقدّم خبراء أمنيون وحقوقيون تجربة الجزائر مع المصالحة، وفق شقين، الأول يحمل إيجابيات عن جزئيات تتعلق بتحمل البلاد للخطوة نفسها وكذا تطبيقها الميداني الذي أفرز "تحسنا ملحوظا" في الوضع الأمني وتراجعا محسوسا للنشاط الإرهابي، إلا أن إجماعا يطرح نفسه منذ سنوات لدى قطاع واسع يتعلق بضرورة إرساء تدابير تكميلية تعد حسب قانونيين من الصلاحيات الخاصة برئيس الجمهورية الذي ألمح في العديد من المناسبات أنه يسعى "لترقيتها لإشاعة ثقافة السلم بين الجزائريين. وفي إشارة إلى أن "المصالحة" أصبحت مفتاحا لحل الإشكالات الأمنية التي واجهتها الجزائر خلال السنوات الماضية، أكد الفريق أحمد ڤايد صالح لدى حديثه عن ميثاق السلم والمصالحة أنه بمثابة "الحدث التاريخي" الذي يستحق التنويه بنتائجه المثمرة وتأثيره الإيجابي على إعادة استتباب الأمن في البلاد. كما أكد أن "الأجواء البائسة والسنين الصعبة التي عاشها الجزائريون وكابدوا جميعا ويلاتها بكل تضحية وصبر قد ولت إلى الأبد وطويناها كما يطوى الكتاب بفضل الله تعالى وبفضل تضحيات الشعب الجزائري رفقة أبناء الجيش الوطني الشعبي وكافة الأسلاك الأمنية الأخرى ثم بفضل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي بادر به فخامة رئيس الجمهورية وزكاه الشعب الجزائري بالأغلبية المطلقة". وفي رسالة له بمناسبة مرور عشر سنوات على المصادقة على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، شدد رئيس الجمهورية على أن هذه المبادرة حفظت الجزائر من "العواصف الهوجاء التي ما انفكت منذ سنوات عديدة تعتري بلدانا شقيقة"، حيث كان لم الشمل الذي تحقق بفضل هذا الخيار "الجدار الذي عصم الجزائر من المناورات والدسائس التي استهدفتنا نحن أيضا باسم الربيع العربي". كما جدد في هذا المقام "نداء الوطن الرؤوف" إلى المغرر بهم حتى يعودوا إلى رشدهم ويتركوا سبيل الإجرام ويستفيدوا من أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وفي هذا الإطار تفيد تسريبات من مصادر مطلعة أن عائلات إرهابيين في كل من ولايتي سكيكدة وجيجل دخلوا على خط المفاوضات مع أبنائهم في الجبل وأبلغوا قوات الأمن المشتركة عن نية هؤلاء في تسليم أنفسهم للاستفادة من تدابير ميثاق السلم والمصالحة بعدما جدد الرئيس التأكيد على "سياسة اليد الممدودة" للدولة لاحتضان "المغرر بهم". ولا ينكر رئيس "خلية تطبيق المصالحة"، المحامي مروان عزَي، "الأثر الإيجابي للمصالحة على الوضع الأمني في البلاد"، معتبراً أنه "لا يمكن نكران أن البلاد استعادت عافيتها من الناحية الأمنية بفضل سياسة المصالحة، فالإرهاب توقف خلال فترة تطبيقها، وضحايا الأزمة الأمنية أخذوا حقوقهم، وبإمكاني القول إن المصالحة بلغت أهدافها بنسبة 95 بالمائة".