فجّر تمرير الدستور والمصادقة عليه حربا معلنة جديدة بين أقوى حزبين في الساحة السياسية، وظهرت ملامح الخلاف بين التشكيلتين بعد فترة من المهادنة، اضطرت الحزبين على دفن خلافاتهما لاعتبارات سياسية وضبط إيقاعاتها على تحديات المرحلة التي كانت تحتاج إلى تحالف الأحزاب الموالية من أجل إنجاح العرس الدستوري. في هذا الخصوص، يرى أستاذ الفلسفة السياسية عبد الرحمن شريط أن حدة الصراع المعلن بين الحزبين بعد اصطفافهما لفترة في صف السلطة، وتكريس تقارب تكتيكي جاء بعد دخول مرحلة "الغنائم" التي تجعل كل حزب يبحث عن التموقع داخل الحكومة وتحسبا للاستحقاقات القادمة، ولم يستبعد المحلل أن تكون قرارات رئيس الجمهورية غير التيار الذي يسبح فيه الأفلان، حيث أكد أن رئيس الديوان أحمد أويحيى سجل عدة نقاط لصالحه بالنظر إلى النجاح الذي حققه فيما يتعلق بالدستور وكذا العبء الذي تحمله فإنه من المنطقي جدا أن الرئيس سيكافئه على كل هذا، ولفت إلى أن الصمت الذي يلزمه الحزب إزاء هذا السجال دليل على أنه يملك مؤشرات قوية، على عكس الحزب العتيد الذي استشعر خطرا ويعيش ارتباكا وتخوفا من إسقاطه وفقد الكثير من الأوراق ويعيش فراغا، وهو ما يفسر الخرجات الإعلامية الساخنة ضد أحمد أويحيى، فضلا عن تحرك مناضليه، لكنه أكد في المقابل أن الرئيس بوتفليقة لا يمكنه أن يغامر بمصير الحكومة وليس في مصلحة السلطة أن تعمق الصراع بين الحزبين، مما يبقي كل الاحتمالات واردة في انتظار ما سيقرره الرئيس.