يوّلي المسؤولون السياسيون الفرنسيون في الآونة الأخيرة وجوههم شطر العاصمة الجزائرية في عملية حج متكررة ومنتظمة قادت كبار المسؤولين الفرنسيين من المتنافسين الأساسيين على عرش الإليزيه الذي يستعد لاستقبال ضيفه الجديد في الانتخابات الرئاسية شهر مارس المقبل·وسواء اختار الفرنسيون التجديد لساركوزي أو منحوا الثقة لغيره من فرسان اليمين أو اليسار الفرنسيين، فإن الأكيد هو قناعة كلا طرفي المنافسة بأن للجزائر تلك المستعمرة السابقة تأثيرا في ترجيح كفة طرف على الآخر، من منطلق حجم الجالية الجزائرية الكبير الذي يسيل لعاب شقي الرحى في رئاسيات ,2012 أو حتى من خلال اللعب على وتر نسج علاقات جديدة على مسار العلاقات بين باريس والجزائر· ولعل توافد عدد معتبر من المسؤولين الفرنسيين على الجزائر خلال هذه السنة، على غرار أقدم الوزراء الفرنسيين حاليا في حكومة ساركوزي ميشال آليو ماري، التي تنقلت بين وزارات عدة منذ عهد الرئيس جاك شيراك ومنها وزارت السيادة كالدفاع والخارجية الفرنسيين، إلى جانب وزيرة التجارة آن ماري إيدراك فيما أبلغت الجزائر ''اعتذارها'' عن زيارة كان ينوي أداءها إلى الجزائر برنار كوشنير مسؤول الدبلوماسية السابق في حكومة فرانسوا فيون، هذا عن الرسميين، فيما تسابق مسؤولون آخرون من اليمين واليسار وإذا كان أهم شخصية يمينية كانت ممثلة في جون بيار رافران الذي برمج زيارته للجزائر وهو مرشح لخلافة فيون قبل إعلان ساركوزي عن التعديل الحكومي لتليه وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي والاستحقاق الرئاسي المقبل كان ضمن الاهتمامات الأساسية لهؤلاء المسؤولين فإن من جهة اليسار كان شخص المدير العام لصندوق النقد الدولي أهم وافد على الجزائر باعتباره أكثر الثلاثة المرشحين في عائلة اليسار بإعادة هذا الأخير إلى الإليزيه بعد غياب يكون في ماي المقبل قد دام 17 سنة كاملة· وإن كان دومينيك ستروسكان قد حل بالجزائر وهو يحمل قبعة الأفامي إلا أن انشغالات اليسار لم تكن غائبة في فحوى الزيارة التي قادته إلى الجزائر فيما كانت زيارة فرانسوا هولوند سياسية بحتة والرئاسيات الفرنسية في عمق الزيارات المنتظمة وبشكل دوري· فيما يرتقب أن تكون الجزائر قبلة مسؤولين آخرين على مدار المدة التي تسبق الرئاسيات المقبلة في فرنسا بالنظر للأهمية الكبيرة للرئاسيات المنتظرة في فرنسا لأسباب تتعلق ولعل لأول مرة في التاريخ الجمهورية الخامسة بشخص نزيل الإليزيه وفضعفهف ليس على المستوى الداخلي فقط ولكن حتى على المستوى الخارجي نظرا للدور الذيئيرشح له عادة الرئيس الفرنسي خاصة في تنشيط الدبلوماسية الفرنسية التي تعاني منافسة شديدة في معاقلها التقليدية من قبل انداد بطراز الصين والولايات المتحدةالأمريكية وهو ما أدركه جيدا الفرنسيون كما يدركون أن العلاقات الجزائرية الفرنسية تشكل رقما أساسيا في معادلة الدبلوماسية الفرنسية وأن اختلال توازن المعادلة الفرنسية الجزائرية سيكلف باريس دفع ذلك نقدا في موقعها إفريقيا ومغاربيا فضلا عن المشاكل الداخلية التي قد تنجر عن أي اختلال في العلاقات بين البلدين مما يعني أن التأكيد أن حج المسؤولين الفرنسيين إلى الجزائر عشية كل انتخابات رئاسية للظفر بالمباركة الجزائرية والدعم الجزائري لهذا المرشح أو ذاك سيكون من نفل القول ومع ذلك تبقى ضرورة التأكيد أن العلاقات مع البلدين في العهدة الحالية لنيكولا ساركوزي لم تكن في المستوى الذي يرضي الجزائر مما يؤكد أن التوافد الفرنسي إلى الجزائر سيحمل بالضرورة طرحين اثنين فإذا كان طرح اليسار هو تقديم الوعود بأن تكون علاقتهم مع الجزائر إن فاز مرشحهم في الرئاسيات في أعلى مستوياتها ومتداركة لكل الأخطاء التي وقع فيها ساركوزي حيال الجزائر فإن خطاب اليمين سيكون محاولة لافتكاك تأشيرة فرصة جديدة·