يعتبر فن البورتري، أحد أهم الفُنون التشكيلية التي لا يبرعُ فيها أيٌ كان، فدائرة الفنون المُستهلكة بين المجتمعات البشرية، صنعت له طابعا خاصا ومتيزا بذاته. هكذا هي أنامل الفنان سمير بن صالح، أحد مُحترفي الأساليب الفنية الناضجة جماليا، والتي ساهمت في جعل اسمه حاضرًا في مجموعة كبيرة من المعارض المحلية والوطنية، ففي أعماله، اكتشف جزءاً ممّا يعشق، دون أن يؤثر ذلك على تفرّده، وهو ما تحقق عندما اقترن اسمه بالرسم السريع، الذي يعد مبدعوه في الجزائر على رؤوس الأصابع. لا يعتبر سمير مرسمه مكاناً لمباشرة إبداعاته فحسب، بل يمثل الجزء الأكبر من حياته، أثارت رسوماته المنشورة عبر العديد من المواقع تجاوبا ملفتا من قبل المهتمين بالفن التشكيلي، لما تميّزت به من إبداع، اعتمد فيه على الرسم بقلم الرصاص فكان أقرب من لقطات فوتوغرافية بالأسود والأبيض، بنماذج شديدة العناية بالتفاصيل الدقيقة لبُورتريهات اختار تقليد بعضها من لوحات أشهر الرسامين، واستوحى بعضها الآخر من رحم طبيعة مدينته المسيلة. اكتشافهُ لخامات قلم الرصاص جعلتهُ يخوض تجربته الفنية، مقارنة بتلك التي يفرضها الرسم بالألوان الزيتية، خصوصا من خلال تعمقه في دراسة تاريخ الفنون التشكيلية بأن أشهر روائع الرسم عبر التاريخ نُفذت بخامات الرصاص لما لها من تأثيرات بصرية هائلة ،تختلفُ إيحاءاتها باختلاف درجات اللون وجمال الخطوط ونقائها عكست رغبته وقدرته على تجسيد أدق التفاصيل، دون أن يتوقع لها أن تلفت الانتباه والإعجاب بالشكل الذي أحرزه داخل معهد الفنون التشكيلية بباتنة، وحتى خارجه مما حفّزه على التعمق أكثر بهذا الطابع الفني، فراح يستوحي تصاميمه من عُمق مسقط رأسه "أولاد سيدي ابراهيم" القريبة من بوسعادة التي كانت المنفى الفني للرسام الشهير "إيتيان ديني". وتعد وجوه كبار السن بتجاعيدها من أقرب وأكثر ما يثير اهتمامه في مواضيعه التي يحرص على إيجاد شيء جديد فيها، يثير جذب اهتمام كل من يراها، فيعيش ويتقاسم أحزان تلك الوجوه وأفراحها، مخاوفها ودهشتها، براءتها، آمالها... وغيرها من الأحاسيس الجميلة.
