تخلى فجأة ودون سابق إنذار عبد الرحمان بلعياط، المنسق العام لما يسمى بالقيادة الموحدة لحزب جبهة التحرير الوطني، عن مطلب اللجوء للقضاء لإلغاء نتائج دورة اللجنة المركزية للحزب التي جرت بتاريخ 30 أوت 2013 وأفرزت تزكية عمار سعداني أمينا عاما للجبهة. وقالت مصادر مؤكدة ل"البلاد" إن سبب تراجع الشيخ الأفلاني عن مواصلة معركته القضائية مع رئيس الحزب الفعلي، الضغوط الشديدة التي تعرض لها بلعياط من رجال الأمين العام السابق للحزب عبد العزيز بلخادم. بلعياط ودون مقدمات ناشد رئيس الجمهورية رئيس حزب الأفلان، ضرورة التدخل لرص وتوحيد صفوف مناضلي الحزب، وذلك بتشكيل لجنة تتكفل بتسيير الأفلان والتحضير لعقد مؤتمر استثنائي يجمع كل أبناء الأفلان الحقيقيين، مطالبا رئيس الحزب بالتدخل بهدف إبعاد سعداني من منصبه الحالي لأنه لم يعد يحقق الإجماع بين أبناء الجبهة. وحسب مصادر مؤكدة، فإن بلعياط غير استراتيجيته للإطاحة بسعداني، من انتظار "حكم القضاء" إلى مناشدة رئيس الحزب التدخل واستعمال صلاحيته في إنهاء مهام سعداني، بسبب الضغوط التي تعرض لها عضو المكتب السياسي السابق من طرف رجال أمين عام الأفلان السابق عبد العزيز بلخادم والذين طالبوا بلعياط بضرورة تخلي القيادة الموحدة عن مطلب إلغاء القضاء نتائج اللجنة المركزية التي أسفرت عن تزكية سعداني أمين عام للأفلان، لأن المتعارف عليه في الجبهة، منذ مجيء الرئيس بوتفليقة إلى الحكم، أن الرئيس هو من يختار أمين عام الجبهة، كما كان الحال عليه مع علي بن فليس ومن بعده بلخادم ثم سعداني. ولذلك، حسب مصادر مؤكدة، فإن رجال بلخادم ضغطوا على بلعياط للتراجع عن مطلب الحكم القضائي واستبداله بمناشدة رئيس الحزب التدخل وإنهاء هذا الصراع. وكان في وقت سابق قد نشب صراع علني بين المنسق العام للقيادة الموحدة عبد الرحمان بلعياط وبين عياشي دعدوعة، والذي أسس رفقة مناضلين أخرين لجنة موازية أطلق عليها تسمية لجنة تصويب الحزب. وسبب الخلاف راجع لكون بلعياط ينتظر حكم القضاء لإبطال نتائج اللجنة المركزية التي عقدت في 2013 والتي جاءت بسعداني لتسيير الحزب. أما دعدوعة وجماعته فرأيهم أن الحل بيد رئيس الحزب وحده، معتبرين أن القانون الداخلي الحالي للجبهة يسمح لرئيس الحزب بإنهاء مهام الأمين العام، وهو ما ينفيه بشدة أنصار الأمين العام الحالي والذين يؤكدون في كل مرة أن ما يقال هنا وهناك مجرد إشاعات الهدف منها ضرب استقرار الحزب، مستدلين على ذلك بأن القيادة الحالية شرعية ومنتخبة وتحضى بثقة رئيس الحزب، وما يقوم به بلعياط وجماعته ودعدوعة ولجنته مجرد خزعبلات لن يكون لها أي أثر في الميدان. يحدث كل هذا في الوقت الذي لم يعد خافيا على أحد تدهور علاقة الأمين العام الحالي بالسلطات العليا وذلك بسبب عدة عوامل، أهمها حسب المراقبين محتوى التعديل الدستوري الأخير وكذا عودة أحمد أويحيى للساحة من بعيد، ما جعل سعداني يبتعد عن الأضواء لمدة أشهر لحد الساعة، ملتزما قاعدة الصيام عن الكلام، وهو ما لم يعتد عليه "البيلدوزر" منذ اعتلائه سدة الأمانة العامة للحزب، لكن المؤكد برأي المتابعين أن مصير سعداني سيتضح بحلول شهر أكتوبر القادم على أقصى تقدير لأن الحزب سيشرع بعدها في التحضير لتشريعيات 2017 وهي المحطة الهامة التي ينتظرها الأفلان بفارغ الصبر.