قدرت جمعيات مهتمة بالنشاط البيئي في الشلف وتتابع ملف استخراج الرمل من مختلف أودية الشلف، الموارد الجبائية التي تضيع على الخزينة العمومية جراء الاستغلال غير المنظم لهذه المادة الحيوية، بما يقدر بمليار ونصف مليار سنتيم في الشهر الواحد، وإذا أضيفت إلى ذلك الرسوم المحلية فإن المبلغ يرتفع إلى مليار و180 مليون سنتيم منها 34 في المائة تضيع من استغلال الفاعلين في القطاع غير المهيكل لرمال الأودية. وتمثل الضريبة على القيمة المضافة حوالي 40 في المائة من مبلغ التهرب الضريبي الإجمالي الذي ينتهج طريقه العديد من العاملين في الأودية بطريقة أو بأخرى في ظل كثرة التراخيص الممنوحة للعشرات من المقاولين وأرباب المال والأعمال لاستخراج الرمل وتحضيره. فباستثناء شركة واحدة يقع مقرها ببلدية الصبحة التي تتوفر على مقاييس النشاط الاستثماري، فإن الملاحظ لنشاطات الآخرين يؤكد بوضوح الفوضى الحاصلة في هذا المضمار. من جهة أخرى أثارت الجمعيات البيئية انعكاسات الاستغلال العشوائي للرمال على الفاعلين في القطاع المهيكل، خصوصا الكميات المستخرجة من الأودية بطريقة عشوائية، إضافة إلى انعكاسات هذا الاستغلال المفرط على النظام البيئي. ورغم الاختلاف في التكلفة، فإن الفاعلين في القطاع غير المنظم يسوقون هذه الرمال بأسعار تعادل الأسعار التي تسوق بها الشركات المهيكلة، ما يجعل هامش الربح كبيرا، بالنسبة إلى الفئة الأولى ويشجع أشخاصا آخرين على ولوج هذا المجال الذي صار في متناول أصحاب المال الذين بسطوا قوتهم على مواقع عديدة من وادي الشلف، بدليل أن الكثير من المقاولين يتوفرون على تراخيص، فمنهم من باشر أشغال الاستخراج والبقية تنتظر اختيار المكان المناسب للشروع في استنزاف ما تبقى من الثروة الرملية. ولاحظت الحمعيات ذاتها عدم تفعيل النصوص القانونية المتعلقة باستغلال نشاط استخراج الرمل رغم صدور العشرات من دفاتر الشروط المنظمة لهذا النشاط الذي يدر أموالا طائلة على المنتفعين به. في السياق ذاته طرحت الجمعيات علامات استفهام وتعجب حيال الطريقة التي تتعامل بها الجهات الوصية مع طالبي التراخيص، ذلك أن القانون يجبرها على دراسة قانونية لأي طلب لمعرفة مدى توفر الشروط المطلوبة قبل منح التراخيص، وذلك على أساس دفتر شروط يحفظ التراث البيئي والمخطط الطوبوغرافي ومواقع الاستخراج. هذه التساؤلات تعيد النقاش من جديد حول الوضعية الكارثية للواقع الإيكولوجي في الشلف في ظل حديث الجمعيات المحلية عن الاعتداء الصارخ في حق العشرات من العقارات الغابية خصوصا الواقعة على الطريق الوطني رقم 19، فالعابر على الطريق يتوقف عند مشاهد توغل الجرافات الكبيرة وآلات الحفر وشاحنات أخرى تتفنن في اقتلاع العشرات من الأشجار التي تجسد تاريخ وذاكرة المنطقة المعروفة بأشهر المعالم الغابية والسياحية، بما أن خيرات المنطقة تبقى تسيل لعاب الكثيرين لأجل الحصول على أطنان الرمال إزالة الصخور العتيقة بغير وجه حق. فرغم النداءات المتكررة للجمعيات لتبليغ السلطات بمختلف مستوياتها لاسيما الوزارة الأولى، لردع مثل هذه الفضائح اللامتناهية الى حد كتابة هذه الأسطر، غير أن «صمت القبور» يظل سيد الموقف في المنطقة، وتحدثت جمعيات عن قدوم لجنة تحقيق قبل 8 أشهر لمعاينة المكان الغابي ورصد التجاوزات المرتكبة من قبل «حفنة» من المنتفعين على حساب البيئة، إلا أن لا شيء تحقق على أرض الواقع باستثناء تقارير رفعتها المصالح الأمنية المختصة الى الجهات الوصية بشأن عدد من التجاوزات الخطيرة في حق البيئة والإنسان بصفة خاصة.