مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية ليوم 12 جوان ، يتساءل الكثيرون كيف ستكون السيناريوهات المرتبطة بالفوز والخسارة، وفي الواقع فان اللذين يطرحون هذه المسائل قد يجدون الإجابات المرتبطة بها في ميكانيزمات سير الانتخابات في بلادنا وهي الآليات التي تحكمها سوسيولوجيا قائمة بذاتها. يعتبر الباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي من القلائل الذين غاصوا في جوانب الموضوع وذلك من خلال تشريحه لسوسيولوجيا الانتخابات في الجزائر التي تخضع وفقه لعدة محددات. وفي هذا الإطار فان ناصر جابي يلفت الانتباه الى كون الانتخابات لا تجذب اهتمام الجميع بل "إن هناك اختلاف في الاهتمام حتى بين المترشحين والمؤطرين خلال العملية الانتخابية"، مضيفا انه يمكن القول عموما إن "هذا الاهتمام بالانتخابات يوجد في المناطق الداخلية حيث نفوذ العروش والزوايا يتيح تجنيد الإمكانات المالية باعتبارها عاملا حاسما خلال الانتخابات". وبالنسبة لهذا الباحث فإن "هذه الظاهرة موجودة خصوصا في الهضاب العليا التي تبقى المحور الأساسي للتنافس الانتخابي وذلك باعتبار أيضا إن جنوب البلاد لا يحتوي على كثافة سكانية عالية تسمح بإفراز ديناميكية انتخابية قوية" قبل أن يضيف "الديكور في المدن الكبرى يبقى مغايرا تماما حيث الكثيرين يتمتعون بمستوى ثقافي عالي ويفضلون البقاء في المعارضة وهذا ما يفسر تمركز غالبية المظاهرات التي عرفتها الجزائر في المدن الكبرى". وعموما فان ناصر جابي يضع ما يشبه المصفوفة التي تسمح بمعرفة من هم المنتخبون في الجزائر والذين يشكلون فئة تتميز بكونها" تقطن في المناطق الداخلية، أعمارهم فوق الأربعين ويمتلكون مستوى ثقافي متواضع". ويرى ناصر جابي أن الانتخابات في بلادنا كانت دائما تشكل وسيلة للارتقاء الاجتماعي وهذا ما يفسر حسبه ان "العائلات الكبيرة التي تشتهر بالغنى لم ترشح أبدا أبنائها لخوض الانتخابات" كونها تمتلك هذه المكانة الاجتماعية أصلا. حسب جابي "من الضروري أيضا معرفة انه في عهد الحزب الواحد فان غالبية المرشحين كانوا من سلك التعليم على اعتبار أن الحملات الانتخابية كانت تتم بطريقة شفهية وبشكل مباشر بين المواطنين .الآن وقد أصبحت توجد قنوات تلفزية خاصة فان هذه الفئة أصبحت تلقى منافسة شديدة من طرف أستاذة الجامعات والصحفيين ولكن لا ينبغي الاعتقاد أن شخصا ما يمكن له الفوز في الانتخابات لكونه مشهورا فقط على اعتبار إن العملية الانتخابية تبقى معقدة وتحتاج الى إمكانيات مالية و حسن عقد التحالفات السياسية". وتفسر هذه التحليلات عدة جوانب من التشريعيات المرتقبة يوم 12 جوان الجاري مثل كثرة القوائم الحرة في الولايات الداخلية من خلال اعتمادها على أصوات العروش والزوايا فضلا عن ترشح عدد كبير من الصحفيين وأستاذة الجامعات والإطارات لنيل المقاعد بقبة البرلمان.