تبدأ بالغاء حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي أصدقاء العزوبية.. في أولويات لائحة الممنوعات الزوجية تعتقد كثير من الفتيات المقبلات على الزواج أن الحياة الزوجية السعيدة تبدأ في أول خطواتها بقطع علاقاتهم بأي شيء يربطهن بالماضي، من صداقات أو علاقات، وحتى حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي المتباينة، فلماذا يحصل هذا التحول بمجرد أن ترتبط إحداهن برجل وتتزوج، من دون أي اكتراث لعمق تلك الصداقة التي كانت في يوم ما أقوى من علاقة الأخوة؟، هل الأمر له علاقة بالتركيبة النفسية للمرأة، أم له أبعاد اجتماعية مبررة؟. زهية.ب يقال إن الرجل أكثر وفاء لأصدقائه وتشبثا بهم حتى بعد الزواج، على العكس من المرأة التي تعمد، وبمجرد ارتباطها برجل وتطلقيها لحياة العزوبية، الى تجاهل صديقاتها وترتيبهن في آخر قائمة أولوياتها، بل يصل الأمر في الكثير من الأحيان إلى إخراجهن نهائيا من حياتها، أحيانا بطريقة هادئة، وأحيانا بطريقة مباشرة وجارحة، يكون لها وقع الصدمة على الصديقات المقربات اللواتي طالما كن رفيقات وكاتمات أسرار، تقاسمن لسنوات الأفراح والأحزان. تراكم مسؤوليات ما بعد الزواج أهم الأسباب وتعد ظروف الحياة وتقلباتها تفرض نفسها على المرأة التي ترتبط بعلاقة زواج، حيث تنشغل بهموم بيتها وزوجها ورعاية أطفالها، ما يجعلها تبعد عن الصديقات، وغالبا ما يكون الفتور الذي يصيب علاقة المتزوجة بصديقات العمل أو الدراسة أو الطفولة بعد الزواج لعدة أسباب أهمها تراكم المسؤوليات الجديدة عليها، تقول فاطمة،35سنة:"طبيعة الحياة الجديدة للمتزوجة قد تشغلها بأمور جديدة، قد تكون أكثر أهمية في حياتها، لذا تتجه للاهتمام بالزوج والبيت والتخطيط لأطفال المستقبل وغيره من الاهتمامات الجديدة التي ترتبط بمسؤوليات، لكن لا أعتقد أن علاقتها بصديقاتها تنقطع نهائيا"، وأوضحت أن السبب في انقطاع صداقات البعض بعد الزواج أن المرأة لا تريد أن تعطي صورة سيئة للزوج وأهله بخصوص العلاقات السابقة ونوع الصديقات اللواتي كانت ترتبط بهن، أي أن تلك الفتاة التي تخرج من بيت أبيها إلى بيت زوجها لا ترتبط بالعالم الخارجي بأي صلة . وتضيف خلود،42سنة، أنه مازالت هناك ذهنية اجتماعية قليلة تحرص على استمرار هذه الصورة، على اعتبار أن العلاقات الاجتماعية لا يمكن أن تكون سوى مصدر ازعاج وتشويش وتهديد للحياة الزوجية، لذا تتخلص المرأة من صديقاتها العازبات بالخصوص، لأن نظرتها إليهن يشوبها بعض الارتياب، سواء بسبب الخوف منهن على زوجها، أو اتقاء لبعض السلوكيات التي قد تصدر منهن كالغيرة أو الحسد . أما المتزوجات منهن فلا تجد أي مشكلة في الاحتفاظ بصداقتهن ، أما سعيدة،29سنة، موظفة، تقول: ربما يكون هناك بُعد قليل عن الأصدقاء بعد فترة الزواج وذلك بحكم الظروف الجديدة وانشغال الزوجة بأمور الأسرة والعمل، ولكن هذا البعد لا يكون جذريا وإنما يمكن أن أسميه قلة في التواصل، لا سيما أن الإنسان يحب تكوين علاقات جديدة، فموضوع البحث عن أصدقاء جدد هو أمر فطري ودافع اجتماعي يلبي من خلاله الفرد الأسرة الجديدة وهي أسرة الزوج أو أقاربه أو أصدقاء من جهة العمل أو أصدقاء بمحض الصدفة . تجارب وقصص ترويها متزوجات من الواقع قصص كثيرة وتجارب عديدة لنساء عانين من صداقات ما بعد الزواج، سواء بسبب غيرتها على زوجها أو مقارنات الزوج لها بهن أو لأسباب أخرى، تسرد لنا سلمى،34سنة، متزوجة في العقد الثالث من عمرها تحدثت عن تجربتها القاسية حيث قامت احدى صديقاتها بغدرها، متمنية ان لا تتكرر تجربتها مع اية زوجة تستقبل صديقاتها في بيتها وبرفقة زوجها، وكان زوجها يجلس معها لغرض تبادل الحديث فقط حتى باتت زوجها يقارنها بأسلوبها في الحياة حتى جاء اليوم الذي طردتها من بيتها بسبب المشاكل التي طرأت بينها وبين زوجها بسببها، وأضافت بعض الصديقات يشكلن خطرا حقيقيا على البيت وأنصح كل زوجة ان تبقى محتفظة بخصوصية بيتها وعلاقتها بزوجها مع نفسها فقط لان الأخريات قد يستغللن حالة الضعف داخل الأسرة لإيجاد مكان لهن فيه، وفي تجربة اخرى عاشتها حسيبة،28سنة،متزوجة حديثا، بتحول حياتها تعيسة بسبب احدى صديقاتها التي كانت تحرضها بتجاربها الحياتية وهو ما دمر حياتها وقلبها رأسا على عقب وقالت :" أنا من دمر حياتي بيدي بسبب تلك الصديقة المخادعة التي تعاني من حياتها مع زوجها وأرادت نقل تلك المعاناة الى بيتي كي أتساوى معها في ظروف الحياة" وأوضحت أنها كانت مخطئة عندما كانت تحدث صديقتها بشكل دائم عن سعادتها مع زوجها وما يقوم به من مفاجآت جميلة لها، مضيفة لم أكن أعلم يوما بان تعاستي ستكون على يد إحدى الصديقات التي كنت امنحها أسراري التي تحدث بيني وبين زوجي والآن انتهى بي الأمر مطلقة وأعيش في بيت أهلي. اجتماعيا: الحياة الزوجية تفرض نمطا آخر من الحياة يختلف عن أيام العزوبية يرى من جهته المختص في علم النفس الاجتماعي، عبد الكريم بلحاج، أن هذه الحالات موجودة، وتحصل بالخصوص في بداية فترة الزواج، حيث تتفرغ المرأة لحياتها الجديدة، لكن قد تجد في نفسها الحنين الى استرجاع تلك الصداقات في ما بعد، ويؤكد بلحاج أن الفتور في علاقات الصداقة قد لا يحدث من منطلق سوء النية دائما، بل بسبب عدم إيجاد الوقت الكافي للتفرغ لها في ظل تراكم المسؤوليات على المرأة، لان الحياة الزوجية تفرض نمطا آخر من الحياة يختلف عن أيام العزوبية، مضيفا إلى وجود مخلفات النظرة التقليدية للمرأة في الأذهان، أي تلك الفتاة التي تخرج من بيت أبيها الى بيت زوجها ولا تربطها بالعالم الخارجي أي صلة، حيث ما زالت هناك ذهنية اجتماعية تحرص على استمرار هذه الصورة، على اعتبار ان العلاقات الاجتماعية لا يمكن ان تكون سوى مصدر إزعاج وتشويش وتهديد للحياة الزوجية، ويشرح ان المرأة تتخلص من صديقاتها العازبات بالخصوص، لأن نظرتها إليهن يشوبها بعض الارتياب، سواء بسبب الخوف منهن على زوجها، او اتقاء لبعض السلوكيات التي قد تصدر منهن كالغيرة او الحسد، أما المتزوجات فلا تجدن أي مشكلة في الاحتفاظ بصداقتهن، كما يفسر قطع المرأة علاقاتها ببعض الصديقات، الى نقطة أخرى هي ان تلك العلاقات لا تكون مبنية على الصدق والثقة الكاملة، بل هي مجرد علاقات هشة أساسا، يسهل التخلص منها في أي وقت ولأي سبب، ويمثل الزواج فرصة مناسبة للهروب منها، أما إذا كانت العلاقات متينة فهي لا تتأثر، ولهذا من الخطأ تعميم هذا السلوك على جميع المتزوجات، لأن العديدات منهن يحتفظن بصداقاتهن ويعتبرنها مرجعا أساسيا لتبادل الأفكار والنصائح، خصوصا أن هذه العلاقات تكون مفيدة من الناحيتين النفسية والاجتماعية، كون الإنسان اجتماعيا بطبعه، ولا يمكن ان يعيش منعزلا عن الناس، وكأنه في جزيرة مقطوعة.