لم ينجح قاض في غرفة الجنح من لجم غضبه وراح يتذمر ويصرخ بأعلى صوته لكثرة الملفات القضائية المؤجلة بسبب غياب محامي المتهمين، فكلما نادى على قضية إلا وحضر الموكِل و غاب الموكَل وبما أن الدفاع عن أي متهم بغض النظر عن توصيف وتكييف الجريمة التي ارتكبها ومدى خطورتها حق مكفول نصت عليه الدساتير والشرائع العالمية فإنه لا يحق للقاضي مباشرة إجراءات المحاكمة خاصة إذا أصر المتابَع قضائيا على حضور محاميه. لم أفهم طريقة عمل بعض المحامين فمكاتبهم مفتوحة ليل نهار لاستقبال المتقاضين، يشرِّحون لهم القضايا و الاجراءات و يشرحون لهم طقوس المحاكمة و يتسلمون الجزء الأكبر من أتعابهم مسبقا لكن يوم المحاكمة لا يظهر لهم أي أثر ، إما لأنهم منشغلون بقضايا أخرى دخلها المالي أكبر أو لأنها تهم الرأي العام أكثر أو لأنهم يغصون في نوم عميق أو بسبب زحمة المرور فلم يصلوا في الوقت المناسب أو لأنهم نسوا أو تناسوا تاريخ الجلسة، فقد تعودنا على سماع مثل هذه الأعذار ...بهذه العبارات نفَّس رئيس الجلسة عن سخطه.